بوظبي / وام / ” إما الحرب أو الموت “.. بهذا المنطق اختزلت مليشيا الحوثي مصير الشعب اليمني محددة خيارين لا ثالث لهما فإما الانضمام إلى مشروعها التوسعي الإجرامي و الدفاع قسرا عن انقلابها ضد الشرعية و التحول إلى متاريس ودروع بشرية.. أو تحويل مناطقهم إلى أرض محروقة يطل منها الموت بأبشع صوره وأشكاله.
وتمتلك مليشيات الحوثي سجلاً إجرامياً في تجنيد الأطفال والمدنيين والدفع بهم قسرا إلى الخطوط الأمامية في مختلف مناطق اليمن باستخدام أساليب الخطف والاعتقال القسري وفق منطلقات أيدلوجية محضة رسمت ” ايران ” خطوطها العريضة في اليمن خدمة لأهداف توسعية على حساب أمن واستقرار المنطقة برمتها.
في المقابل.. واجهت المليشيات الحوثية رفض الانضمام لحملات التجنيد القسرية بردود انتقامية حولت فيها المستشفيات والمدارس ودور العبادة والمناطق الأثرية إلى أهداف لقذائفها وصواريخها فيما حولت العديد من المدن إلى حقول للألغام.
وعلى مدار أكثر من 3 سنوات برزت العديد من الشواهد والأدلة على استخدام الحوثيين سياستين في تعاملها مع المدنيين تعتمد الأولى على الدفع بالأطفال والمدنيين قسراً نحو المشاركة في الأعمال العسكرية ..
أما الثانية فتقضي باعتماد سياسة الأرض المحروقة للتعامل مع الأهالي الرافضين لسياساتها في المناطق التي خسرتها وتحولت السيطرة عليها للحكومة الشرعية.
وتعكس الحوادث المتكررة لتجنيد المدنيين و الزج بهم في الصفوف الأمامية لجبهات القتال سياسة ” الغرور ” الذي تنتهجها هذه المليشيات التي لا تقيم وزنا للقوانين والأعراف الدولية التي تحرم مثل هذه الانتهاكات وتعتبرها جريمة حرب موصوفة.
ولا شك أن ممارسات الحوثيين في ملف التجنيد الإجباري للمدنيين و الأطفال في المعارك أعادت إلى الأذهان صورا بائدة عن تاريخ الاستعباد البشري بأبشع أشكاله خصوصاً بعد انكشاف هشاشة شعاراتهم البالية في إخفاء الحقيقة الطائفية الإقصائية التي تدار بها الأمور في تلك المليشيات.
بدوره رصد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والحكومة اليمنية العديد من حالات التجنيد الإجباري و الزج بالأطفال في المعارك .. وكشفت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية الدكتورة ابتهاج الكمال في يوليو من العام الجاري عن تجنيد الحوثيين لأكثر من 23 ألف طفل بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل ..
فيما تسبب التراجع في أغلب الاحتياجات الأساسية في المحافظات الخاضعة للحوثيين في تعميق الأزمة بعد أن إنعدمت فرص الحياة والتعليم والرعاية الصحية.
و أشارت إلى أن الميليشيات الموالية لإيران حرمت أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم منهم مليون و600 ألف طفل حرموا من الالتحاق بالمدارس خلال العامين الماضيين”.
و اتهمت الوزيرة الحوثيين “بقصف وتدمير ألفين و372 مدرسة جزئيا وكليا، واستخدام أكثر من 1500 مدرسة آخرى كسجون وثكنات عسكرية”.
و في مارس من العام 2018 رصدت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن 20 نوعا من أنواع الانتهاكات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان مقدمة أدلة وبراهين على تجنيد الأطفال وزراعة الألغام واستهداف المنشآت الطبية والأعيان التاريخية وتفجير المنازل والتهجير القسري ومنع الحركة والتنقل بين المدن اليمنية.
و في أغسطس من العام 2018 بدأ التحالف العربي إجراءات تسليم وإعادة 7 أطفال جندتهم الميليشيا الإرهابية كمقاتلين للحكومة اليمنية بحضور لجنة الصليب الأحمر الدولي.
وسلم التحالف المئات من الأطفال اليمنيين طوال السنوات الثلاث الماضية للحكومة الشرعية .. وفي يوليو الماضي أكد التحالف فقدان أكثر من 100 طفل لأرواحهم في أرض المعركة بعد أن جندهم المتمردون الحوثيون.
وفي واقعة آخرى تجرد قيادي ميداني لدى المليشيات الحوثية من أبوته و انسانيته واختار لابنته ذات الأعوام الأربعة اللعب بين الألغام وفي مرمى النيران .. لا لشيء إلا لتكون درعا يحميه وترسا يستقبل الرصاصة بدلا عنه .. و وجدت جميلة – إبنة القيادي الحوثي – نفسها شريكة في قافلة عسكرية بقرار والدها المكلف بنقل كميات من الأسلحة إلى مليشيات الحوثي قبل أن ينقذها التحالف ويسلمها للحكومة اليمنية.
وتؤكد التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية أن المليشيات الحوثية دأبت منذ انقلابها على السلطات الشرعية في اليمن على إتباع سياستها الإجرامية بحق الأطفال واتخاذهم كدروع بشرية في الأعمال القتالية.
بدورها وثقت الأمم المتحدة 1702 حالة تجنيد للأطفال منذ مارس 2015 إلى أغسطس 2017 في صفوف القوات الانقلابية الحوثية على الرغم من أن الحد الأدنى لسن الخدمة العسكرية في اليمن هو 18 سنة.
ويكاد لا يمر وقت طويل حتى تظهر إلى العلن حقائق و معطيات صادمة عن عمليات تجنيد جماعية للأطفال على يد ميليشيات الحوثي الانقلابية وفي هذا السياق تأتي الحادثة الشهيرة في شهر ديسمبر 2016 التي قام الحوثيون خلالها بتجنيد أكثر من 450 طفلا بعضهم لم يتجاوز 13 عاما من أبناء محافظة المحويت غرب صنعاء إجباريا وأرسلوهم إلى جبهات القتال رغم ممانعة أهاليهم.
وجاء تجنيد الأطفال في تلك الحادثة عبر عملية اختطاف موصوفة نفذها في ذلك الوقت أمين عام المجلس المحلي بمديرية ملحان محمد يحيى عبده الموالي للحوثيين، والذي دعا نحو 50 طفلا لحضور دورة ثقافية ليقوم بعدها باعتقالهم وإرسالهم إلى جبهات القتال.
وفي نوفمبر من العام الماضي كشفت مصادر قبلية قيام المليشيات الحوثية باستدراج مئات الأطفال من قرى ومديريات جنوب العاصمة صنعاء واقتيادهم إلى معسكرات التدريب للزج بهم في المعارك وتعويض النقص الكبير بالمقاتلين الذين لحق بهم بعد الضربات القاصمة التي وجهتها لهم قوى المقاومة اليمنية الوطنية بإسناد من قوات التحالف العربي.
ويتعمد الحوثيون استغلال الأطفال واستدراجهم تارة تحت ستار الشعارات الدينية، وتارة آخرى عبر المال مستغلين الأوضاع المعيشية الصعبة للشعب اليمني ليتم نقل هؤلاء الفتية المغرر بهم أو المختطفين قسرا إلى معسكرات التدريب التي تنتشر في العديد من المحافظات اليمنية وأشهرها تلك التي أقيمت في محافظات صعدة وعمران وحجة.
وحسب مصادر حقوقية يمنية فإن عدد الأطفال اليمنيين الذين تم تجنيدهم قسرا من قبل المليشيات الحوثية الإيرانية والقوات الانقلابية بلغ 10 آلاف طفل تم الزج بهم في معارك ضد الحكومة الشرعية واستخدموهم كدروع بشرية.
و أكدت منظمة العفو الدولية أن لديها أدلة جديدة تثبت أن الحوثيين نشطوا في تجنيد أطفال لا تزيد أعمار بعضهم عن 15 عاما واستخدامهم جنودا في الخطوط الامامية .
بدورها أدانت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “ايسيسكو” استخدام الميليشيات الحوثية، الأطفال دروعا بشرية وإشراكهم في القتال ضد الحكومة الشرعية.
في موازاة ذلك .. تلجأ مليشيات الحوثي إلى اعتماد سياسة الأرض المحروقة واللاأخلاقية ضد المناطق التي تفقد السيطرة عليها بمبدأ إما أن تخضعوا لي أو أن تختاروا الموت .. ولم تتوان تلك المليشيا في استهداف المستشفيات والأسواق والمواقع المدنية.
وقصفت المليشيات الحوثية الإيرانية في يونيو الماضي مستشفى الثورة بالحديدة بصواريخ أرض – أرض ومن ثم تصوير المشهد على أنه قصف من قبل طيران التحالف، وفي أغسطس أطلقت قذائف هاون على مستشفى وسوق للسمك في الحديدة، أسفرت عن مقتل وجرح عشرات المدنيين.
وفي أكتوبر الحالي أطلق المتمردون الحوثيون ثلاث قذائف نحو مخيم بني جابر في مديرية الخوخة بالحديدة، التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتسببت القذائف بمقتل امرأة وإصابة عدد كبير من المتواجدين به فيما اعتدت في الـ30 من سبتمبر الماضي على الأحياء المدنية والمرافق الخدمية بمديرية التحيتا الواقعة جنوب محافظة الحديدة ما نجم عنه سقوط ضحايا من المدنيين.
وكانت المليشيات الإرهابية قد استهدفت في أبريل من العام الجاري مستشفى “حيس” أحد مستشفيات محافظة الحديدة اليمنية بقذائف هاون ما أسفر عن مقتل وإصابات العشرات من المرضى والعاملين في المستشفى.