اخفقت مليشيا الحوثي الإنقلابية على مدى أكثر من ثلاث سنوات في تحقيق أي نجاح مطلوب في استخدامها للقوة الصاروخية التي بحوزتها، بعد استلائها عليها من مخازن الدولة عقب انقلابها، بالرغم من استهدافها المتكرر للمناطق المحررة واراضي المملكة العربية السعودية، في البدايات الأولى للحرب التي شنتها مليشيا الانقلاب على المدن اليمنية وبعيد فقدانهم الدفاعات الجوية التي عملت قوات التحالف العربي على تحييدها بالكامل منذ الوهلة الاولى، ظهر زعيم مليشيا الحوثي ملوحاً بالخيارات الاستراتيجية في اشارة منه إلى ترسانة الاسلحة الباليستية التي نهبتها مليشياته من معسكرات الجيش بعد تسهيلات السيطرة عليها أو تلك التي تتم تهريبها من ايران للمليشيا.
كان خطاب الحوثي حينها تخديري لقاعدته الشعبية ومطمئنا لعناصره المقاتلة بأنه لازال يمتلك الكثير من الخيارات والقوة، رغم ادراكه الجيد انه يفقد الكثير منها يومياً، وهو اليوم يعيد الخطاب ذاته الذي ظهر فيه مؤخراً ، ليبرر هزيمته في جبهة الساحل الغربي ويراهن على معركة الجبل التي حتما ستخنقه فيها قوات الجيش من كل الجهات.
ورقة القوة الصاروخية التي اعتمدت عليها المليشيا الحوثية المدعومة إيرانيا فشلت في أكثر من 140 محاولة استهداف بصواريخ بالستية مواقع عسكرية ومناطق مدنية في المملكة العربية السعودية، مثلما فشلت بعشرات المحاولات الأخرى على عدد من المدن اليمنية المحررة.
محللون وعسكريون يرون أن الفشل الذريع لجل خيارات مليشيا الانقلاب – وهو ما اكتسبته طيلة قرابة الأربع السنوات من الحرب – ساعد في تصدع جبهتها الداخلية وانحسار قاعدتها الشعبية خصوصا بعد قتلها لحليفها في الانقلاب الرئيس السابق علي عبد الله صالح بعيد دعوته لمناصريه ومقاتليه الانتفاض على المليشيا الحوثية نهاية العام الماضي.
وتعود اخفاقات المليشيا في عدم تحقيق أي مكاسب بفعل القوة الصاروخية التي تمتلكها إلى ضعف قدرتها في التقنية العسكرية والخبرات بالرغم من ان ايران تمدهم بالخبراء العسكريين في هذا المجال.
وكان للضربات الجوية المحكمة التي شنتها مقاتلات التحالف العربي منذ انطلاق عاصفة الحزم أواخر مارس 2015 على مخازن الاسلحة الباليستية التي تسيطر عليها المليشيا في صنعاء والمدن الخاضعة لسيطرتها والتي نقلت جزء من تلك الصواريخ إليها، دوراً محورياً في تحييد نحو 80 % منها وفق تصريحات لمسؤولين في التحالف العربي في وقت سابق.
كما ان منظومات الدفاعات الجوية التابعة للتحالف العربي سواء تلك التي في اراضي المملكة أو التي نصبتها في عدد من المدن اليمنية المهمة، كانت لها الاثر الكبير في افشال الهجمات الباليستية للمليشيا.
ومن اسباب الاخفاقات في استخدام القوة الصاروخية من قبل المليشيا عدم امتلاكها لمنظومة الرادارات التي عملت قوات التحالف على تحييدها، وعادة ما تطلق المليشيا صواريخها بصورة عشوائية، حيث أن عشرات من محاولات الاطلاق يسقط فيها الصاروخ قبل أن يجتاز بضعة كيلوهات.
خيارات القوة الصاروخية من الناحية العسكرية تبقى ضربا من العبث ووهما تسوقه المليشيا حفاظا على تماسك صفوف مقاتليها وما تبقى لديها من حواضن شعبية في مناطق سيطرتها.
كما أن المليشيا في استخدامها للقوة الصاروخية وتلويحها المتكرر من أنها ستضرب بها عمق دبي في الامارات، كان من قبيل الضغط على التحالف العربي لوقف عملياته العسكرية والمساندة للشرعية، فضلاً عن استخدامها كورقة في تحقيق جملة من المكاسب السياسية في معادلة توازن القوى.
وكانت المليشيا في إعلامها تسوق لخيار وقف الهجمات الصاروخية مقابل وقف الغارات الجوية لمقاتلات التحالف في محاولة منها لإبرازها كمعادل موضوعي في توازن القوى سياسيا وعسكريا.
وتسعى المليشيا من خلال ذلك عبثاً إلى تصوير أن الحرب مباشرة مع المملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي وأنها حسب ما تروج له تواجه ما تطلق عليه بـ “العدوان”، علاوة على هدفها الخفي من وراء ذلك وهو كيف أن يكون لحليفها الاستراتيجي إيران موطئ قدم في المنطقة، تحقق من خلاله أطماعها ومد نفوذها بعد أن توغلت في العراق وسوريا ولبنان، وتطمح في التوسع الى اليمن وفي الخاصرة الجنوبية للمملكة العربية السعودية.
لكن هذه الأهداف اخفقت هي الأخرى وانعكست عليها وعلى حليفتها ايران خصوصاً بعد أن اثبتت لجنة الخبراء التابعة لمجلس الامن الدولي تورطها في مد المليشيا بالصواريخ الباليستية والخبراء، ولاقت تلك العمليات الارهابية للمليشيا ادانات واسعة من المجتمع الدولي لاسيما تلك التي حاولت فيها استهداف الاماكن المقدسة في مكة المكرمة.
شعبيا تلاقي عمليات اطلاق الصواريخ الباليستية استخفافا واسعاً في الأوساط الشعبية ويتعاطى معها الجمهور بالتعليقات الساخرة، خصوصا عندما يزعم إعلام المليشيا كذباً استهدافه أهداف حيوية ويورد أرقاماً مبالغ فيها لحجم الضحايا والأضرار، بعد أن اخفقت المليشيا الانقلابية في كل خياراتها وخصوصاً تلك التي اطلقت عليها “استراتيجية” في تغيير معادلة القوة وتحقيق المكاسب السياسية – غير أنها تفقد من قوتها يوميا الكثير بما يفوق التوقعات، ومع تعنتها المستمر في التسليم بهزيمة مشروعها الانقلابي المسنود من ايران- .. يتبقى أمامها اليوم خيار وحيد وهو الانتحار على المرتفعات الشمالية في معركة الجبل التي تنتظرها.