ليس من مصلحة رجل الدين أن يقرأ الأشياء في سياقها وفي ظروفها الموضوعية. لكي تتحقق من ذلك اسأل كيف يبرر رجل الدين الإيراني أمام مواطنيه الحروب التي تخوضها بلاده في لبنان أو سورية أو العراق أو اليمن. إذا كنت خارج إيران لن تجد جواباً على سؤالك هذا لأنك ستكون خارج تأثير البروبوغندا الدينية الأسطورية. يستخدم الحوثيون شعارات الموت لأميركا وإسرائيل. هذا هو الجواب الذي ستسمعه لو كنت تعيش في طهران. عدو هلامي لا يمكن النصر عليه ولا حاجة تدعو للنصر عليه ويجب أن تستمر معركة الحرب عليه.
رجل الدين لا يريد أن يملك اتباعه فكرة واضحة عن الزمن الذي يعيشون فيه ويجب أن تغيب عن أذهانهم كلمة (الواقع)، ما مصلحتنا من دخول هذه الحرب وهل سننتصر إذا خضناها؟ سؤال لا يجوز طرحه. محددات العالم ومفهوم النصر والهزيمة موجود في الخيال وليس على أرض الواقع. أي سؤال يفرضه عليه المنطق يبحث في تراثه الديني عن تأويل أو يستنير بأساطير التاريخ ثم يكفر من لا يأخذ بجوابه الإلهي هذا.
إذا تابعنا الحروب التي خاضتها أميركا من شرق آسيا إلى أميركا الجنوبية. سنكتشف أن مبعثها مصلحي تنعكس فوائدها على المواطن الأميركي أو الشركات الأميركية (بصرف النظر عن عدالة هذه الحروب).
بعكس إيران التي لا تملك قوة عسكرية حقيقية. القوة التي تملكها إيران تستمدها من عدوها. تخندق الطرف المقابل (السني) بطائفية ضد الشيعة هو مصدر قوة إيران وتبرير وجودها في كل مكان.. كلما ازدادت قوة الطائفيين في المحيط السني كلما زادت مخاوف الشيعة في العالم وتعاظمت سيطرة إيران عليهم. دعاة الطائفية هم مصدر قوة إيران وهم من يمنح الحكومة الإيرانية التبرير أمام شعبها للتدخل في الدول الأخرى.
تغير الخطاب الديني في المملكة والعالم السني من التطرف إلى الاعتدال والتسامح والارتقاء بالحقوق بصرف النظر عن الطائفة أو الجنس سيدمر إيران أكثر من أي قوة عسكرية.
* نقلاً عن “الرياض”