مثلت استقالات وزراء في الحكومة الشرعية باليمن، خلال الساعات الماضية، منعطفًا جديدًا في جبهة الشرعية، فتحت المجال أمام التكهنات والتحليلات السياسية عن أسبابها وحيثياتها وتوقيتها، في الوقت الذي دشن المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث مهمته بلقاء جمعه بالشرعية اليمنية بالرياض.
وكان وزير الدولة صلاح الصيادي قدم استقالته، بعيد استقالة وزير الخدمة المدنية عبدالعزيز جباري، الذي تمسك بمنصبه كمستشار رئاسي، فيما تم تداول أنباء عن استقالة وزير الأشغال العامة معين عبدالملك.
وتزامنت هذه الاستقالات مع حملات إعلامية ممنهجة، تديرها وسائل إعلام إخوانية ممولة من قطر على التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، فضلًا عن ممارسات وقرارات أخرى استهدفت في طياتها التحالف العربي، ومكنت جماعة الإخوان من مناصب قيادية في الحكومة الشرعية.
وتضم جبهة الشرعية أحزابًا ومكونات عدة أهمها حزب الإصلاح “الإخواني” الذي يستحوذ على نحو 80% من المناصب والحقائب الوزارية، ومنشقين عن حزب المؤتمر الشعبي وعدد من الجنوبيين الذين شكلوا مكونًا يحمل اسم الحراك الجنوبي، وعدد من الشخصيات التي تمثل أحزابًا ثانوية صغيرة باليمن.
وفي هذا السياق، نشرت وكالة إرم نيوز، تقرير تحليلًا يرصد أراء الخبراء والمحللين السياسيين في الشأن اليمني:
استغلال التحالف
وتفتح هذه الاستقالات والحملات ضد قوات التحالف العربي، باب التكهنات والتحليلات السياسية حول أسبابها وحيثياتها، بين من يقول إنها عمليات ابتزاز تنفذها جماعة الإخوان ضد الشرعية والتحالف، لتنفيذ مخططاتها وأجنداتها التي فشلت سابقًا، وبين من يشير إلى وجود عمليات ضغط دولية لغربلة وفرز جبهة الشرعية قبل التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية لاسيما مع تدشين المبعوث الأممي الجديد مهامه مؤخرًا.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، باسم الشعيبي، أن منظومة الشرعية تريد استغلال التحالف واستخدامه كجسر عبور دون أي التزامات، موضحًا أن السلطات الشرعية عملت على استخدام التحالف كأجير يقاتل لها، بينما هي ليست مستعدة لبذل أي جهد في تنسيق عملها والارتقاء به وتجفيف منابع الفساد أو التوقف عن العبث الإداري الذي تمارسه.
وأضاف الشعيبي في تصريح لـ”إرم نيوز” أن المعركة لن تحسم والشرعية مشغولة بالإفساد والعبث بمقدرات المناطق المحررة وتوزيع المناصب للمقربين بمعايير غير مهنية.
غربلة حقيقية
بدوره يرى المحلل السياسي اليمني أحمد الصالح أن كثيرًا من قيادات الشرعية ينظرون للتحالف نظرة الشرطي أمام القائد، وأن كل مهمة التحالف تنحصر في تنفيذ رغباتهم وتوجهاتهم وهذا انعكس سلبًا على الجبهة الداخلية في مواجهة مليشيات الحوثي.
ويوضح في حديث خاص ل “إرم نيوز” أن العلاقة مع التحالف بنيت على أساس الأمن القومي لليمن والتحالف، وإعادة الشرعية واحدة من الآليات فقط وليست كل شيء كما يظن البعض سواء أعلن عن ذلك أو لا.
وأكد الصالح أن الشرعية بحاجة ماسة إلى غربلة حقيقية وبشكل عاجل وإعادة صياغتها بشكل صحيح يتماشى مع الواقع ومع المعطيات بناءًاعلى الإخفاقات والقصور في المرحلة السابقة سواء على المستوى السياسي أو العسكري.
وشدد على أنه يجب الاعتراف بأن منظومة الشرعية أخفقت كثيرًا وتضم في ثناياها قادة وشخصيات أجسادهم في الرياض وقلوبهم مع الميليشيات الحوثية، وقد بدا ذلك واضحًا على بعض رموزها في كثير من المواقف.
طريق مسدود
بالمقابل يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني صلاح السقلدي في حديث لـ”إرم نيوز”إن”الشرعية أو بالأحرى حزب الإصلاح يتّبع ذات النهج القديم بعلاقته بالآخر: الحصول على مكاسب أكثر بثمن أقل، مشيرًا إلى أن هذه السياسة ربح بها حزب الإصلاح سابقًا، لكن عبثًا يحاول اليوم مع التحالف الذي يبدو أنه قد أدرك حيل الإصلاح ومكائده وبات يتعامل معها بالمكشوف”.
وحول الاستقالات الأخيرة، أوضح السقلدي أنها جاءت بعد أن وصل بعض رموز حزب الإصلاح ورموز هذه الشرعية إلى طريق مسدود ويئس من الحصول على خدمة مجانية من التحالف، ولفت إلى أن حزب الإصلاح يتقاعس على مدى ثلاث سنوات بالجبهات، وظل يتخذ من الحرب فرصة لتكديس الأموال والأسلحة بذريعة الحرب على الحوثيين، هذه الحرب التي ما زالت تراوح
مكانها ولا نعتقد أنها ستقدم خطوة واحدة في ظل تذاكي الإصلاح ومراوغته”.
ويتوقع السقلددي استقالات مقبلة خلال الأيام أو الساعات القادمة من عناصر ذات الحزب، كنوع من الضغوطات والابتزاز للتحالف.
الشرعية تتآكل
من جانبه يشدد المحلل السياسي اليمني منصور صالح، أن تلك الأصوات والاستقالات التي طفت على السطح مؤخرًا لقيادات محسوبة على الإخوان والمنضوية في الشرعية تكشف حالة من الشعور بدنو أجلها وعجزها عن إثبات أحقية الشرعية في الوجود كحامل لقضية جاء العالم كله لمساندتها وتأييدها.
وأضاف في حديث لإرم نيوز أن تلك الجماعة حاولت تجيير جهود دول التحالف لمصلحة مشاريعها وعملت ومازالت تعمل في اتجاه استثمار الحرب للاستفادة المادية ولتأسيس مراكز قوى حزبية وخاصة، لكن التحالف تنبه لذلك وبدأ مؤخرًا بتوجيه رسائل مباشرة وأخرى غير مباشرة بعدم جدوى أي محاولات لاستدراجه إلى أهداف وغايات غير إسقاط مشروع الانقلاب.
وأوضح أن هذه الجماعة أو الحزب استشعرت أنها تواجه مصيرًا لم تكن تتوقعه فعمدت إلى شن حملات ضد التحالف ودوره، ولفت أن الشرعية بدأت بالتآكل من داخلها وهو مابدأ يستشعره بعض رموزها فسارعوا بالقفز من سفينتها قبل أن تغرق.