بيت الكفيف الجامعي هو روح عمل رائدة العمل الخيري في اليمن المرحومة فاطمة العاقل، ليحتوي الكفيف اليمني في أهم مراحل حياته التعليمية، ومنذ انشاء المركز الثقافي في جامعة صنعاء (2008م) لم يشهد مأساة او كارثة حتى دخل الانقلابيون صنعاء في سبتمبر/أيلول2014م.
أستحوذ القلب الميت على السلطة الميليشياوية التي لم تُبق للإنسانية نبض ولم تدع للإنسان كرامة، لقد سرقوا مقتنيات المركز وحرموهم من التعليم وجعلوهم بعيدين عن أدواتهم وبرامجهم التي تجعلهم كمواطنيهم المبصرين.
القائمون على المركز يقولون إن المركز فقد أجهزة ومقتنيات تُقدر تكلفتها بـ 2 مليون و200 ألف ريال يمني تتمثل في جهاز تحويل الطاقة الشمسية وبرامج إبصار وألواح شمسية وغيرها من الأدوات.
“زيارات ليلية”
اقتحمت تلك الخفافيش المركز ليلاً ثلاث مرات على التوالي، وعبثت به ونهبت منه أجهزة ثمينة تاركة ذكرى زوار لا تتقنها سوى العصابات الليلية ذات المخالب الرسمية ليتأكد للجميع أن سلطة الحوثيين ورجال أمن الجامعة وراء تلك الجريمة الشنيعة.
أحد طلاب المركز يقول: “نهبوا المركز مع بقية الجامعة حتى إن المصاحف والكتب الدراسية المطبوعة بطريقة برايل وجدها الموظفون مرمية على الأرض”. مؤكداً أن لا تفسير سوى أن سلطة الأمر الواقع شريكة في الجريمة!
آخر تلك المرات كانت ذكرى نكبتهم المزعوم في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، دخلوا المركز وعبثوا بمحتوياته، لا تحقيق ولا ضمان بعدم عودة لصوص الميليشيا لتكرار الجريمة البشعة.
المركز يقول إن: “سلطة الميليشيا أفرجت عن أحد الجناة بعد ضبطه متلبساً” وبعد صخب واسع أعيد “الإمساك به”، وتلك السلطة هي من عبثت وتستمر بالعبث.
لأجل ذلك كله أطلق الكفيفون حملة (اعيدوا حقي) للمطالبة بمسروقاتهم وضبط الجناة ومحاسبتهم وكل يوم تقام فعالية في الجامعة الخاضعة لسيطرة الميليشيا.
“تهرّ مفضوح”
وبين أبو كوثر، و أبو جهاد، مسؤولي الحوثي ضاعت الوعود وحاولت الميليشيا تصنع البراءة للابتعاد عن مسؤولية السرقة التي لبستهم، وكل ما عدوه بالتحقيق ذهبت هباءً منبثا.
وبالرغم من ذلك ما يزال المركز الثقافي والطلاب المكفوفون يرفضون اتهام أي طرف بارتكاب الجريمة ويرون أنه لا يهمهم من يكون الجاني وإنما يهمهم فقط إرجاع المسروقات ومحاسبة الجاني كائنا من كان.
إذ قامت سلطة المليشيا بتعيين محامٍ للقضية “تركوه بلا مصروف أو مقابل كي يعتريه اليأس ويتفلت تلقائيا من تبني القضية وتحقيق الإنصاف لها، وهو ما حدث بالفعل” كما يقول الكفيفون.
كما تعاملت المليشيا مع مطالبات الكفيفين في حملة (اعيدوا حقي) ومع فعالياتهم -عبر الأمن ورئاسة الجامعة – بوجه “يُبدي التعاطف مع القضية وإدانتها وتحميل طرف آخر المسؤولية” وفقا لكفيفين في الحملة.
لكنها برغم ما تصنعته وما تزال تتصنعه، لا تستطيع تبرأة نفسها من الجريمة عبر لثام التضامن ورفض الجريمة، بل الواقع وطبيعة الجريمة وخيوطها ومكان ارتكابها، كل ذلك أياد كافية لنزع اللثام وتعرية المجرم الحقيقي كما يرى حقوقيون في صنعاء.
“اغتيال مستقبل”
أحد الناشطين الحقوقين -فضل عدم الكشف عن هويته- يقول إن “المجرم لم يرتكب فعلته بغرض السرقة للحصول على عائد مادي من المسروقات فحسب، بل الهدف بدا واضحا متمثلا في سعي من يقف خلفه لاغتيال مستقبل شريحة مهمة من المجتمع بأكملها كمرحلة من مراحل مصادرة حقوق المكفوفين وسلبهم ما تبقى منها مدى الحياة، وليس ذلك بغريب على من وصل جرمهم والأوجاع التي تسببوا بها إلى كل بيت يمني”.
اليوم أضحى الطالب الكفيف على حافة الضياع في ظل تعطل أمله الوحيد عن العمل وأصبح مستقبله على فراش الموت يزفر بأنفاسه الأخيرة إذا لم يتم إنقاذه وانتشاله من أحضان الموت.