إرحل إرحل”، هتافات رددها اليمنيون ضد نظام المخلوع صالح وحلفائه من تنظيم الإخوان الإرهابي والمعروف في اليمن بـ(حزب الإصلاح اليمني) الذي أنشأه المخلوع صالح لمواجهة الحزب الاشتراكي الجنوبي.
ففي الـ11 من فبراير (شباط) 2011، انتفض اليمنيون ضد نظام صالح الذي حكم البلد بالحديد والنار، أراد اليمنيون أن يتخلصوا من الحاكم الذي ظل جاثماً على الصدور لنحو 3 عقود ونيف.
وسلم المخلوع صالح السلطة مجبراً إثر المبادرة الخليجية التي قضت بأن يسلم السلطة لنائبه عبدربه منصور هادي بصفته الرجل الذي حظى بقبول يمني وإقليمي ودولي.
وذهب المخلوع بعد ذلك بقوة نحو التحالف الجديد مع إيران لاستهداف الخليج، انتقاماً على إزاحته من حكمه الطويل والحافل بالقتل والتدمير لكل مقومات اليمن، وأبرزها الوحدة اليمنية التي يقول يمنيون إن نظام صالح قضى على مقوماتها إثر الحرب التي شنها بالتحالف مع جماعة الإخوان.
وكشفت طهران عن مطامعها في اليمن والخليج من خلال دعم الحوثيين في أقصى الشمال اليمني ومدهم بالسلاح والمال بالتنسيق مع إمارة قطر الصغيرة والتي كان أميرها السابق يبحث عن مكانة كبيرة في الخليج على حساب جيرانه.
ووقفت السعودية إلى جانب الحكومة اليمنية التي كان يتزعمها الرئيس المعزول علي عبدالله صالح وشاركت وحدات عسكرية وطيران سعودي في قصف أهداف الحوثيين خلال أحد الحروب الست التي دارت في صعدة وتحديداً في الحرب الأخيرة التي وقعت في 2009.
وقال ضابط من جنوب اليمن شارك في حروب صعدة الستة “رغم الدعم السعودي والعسكري لنظام صالح، إلا أنه كان يرفض أن تقضي القوات العسكرية على الحوثيين”.
وأضاف الضابط الذي طلب عدم نشر اسمه “قتل العديد من أبرز ضباط وقادة الأولية الجنوبية في صعدة، نحن كنا على إدراك أنه مخطط لتصفية ما تبقى من قيادات جيش الجنوب السابق، قتل قادة ألوية بينهم قادة ألوية في ظروف غامضة، حتى تأكد لنا أنها حرب خبيثة”.
وتابع “حروب صعدة، كانت الفزاعة التي استخدمها صالح ضد جيرانه وخاصة المملكة العربية السعودية للحصول على المزيد من الدعم المالي والعسكري، بدعوى محاربة الحوثيين الموالين لإيران، لكنه كان يفرج عن قيادات حوثية تقع في الأسر بل كان يسمح لقيادات حوثية بالسفر عبر مطار صنعاء إلى طهران”.
وأردف “كانت قواتنا تحرر الكثير من المواقع وتقدم عشرات الشهداء والجرحى في سبيل ذلك، فتأتي الأوامر من صالح لنا بالانسحاب وتركها للحوثيين”.
حروب صعدة
حروب صعدة لم تهزم الحوثيين بل زادتهم قوة، حيث كسب الحوثيون تعاطف الكثير من القوى والقبائل اليمنية الزيدية بفعل أن ما يجري هي حرب لنزع الحكم من الزيود، وتسليمه قوى من خارج إقليم أزال، كما كان الحوثيون يسوقون ذلك للقبائل اليمنية الزيدية.
ربما نجح الحوثيون في ذلك، فحزب الإصلاح اليمني (الإخوان) الذي أعلن مناهضته للحوثيين أعلن عن تجييش 40 ألفاً من المقاتلين لوقف تمدد الحوثيين نحو عمران المجاورة لصنعاء العاصمة، وطلب الدعم العسكري، لكن بعد تحصلهم على الدعم العسكري والمالي، أصدروا أوامر بعدم مواجهة الحوثيين.
في الـ7 من يوليو (تموز) 2014، أعلن الحوثيون سيطرتهم على عمران عسكرياً، في حين أن مليشياتهم باتت تنتشر في صنعاء بشكل كبير، إلا أن جاء موعد 21 من سبتمبر (أيلول) 2014، وأصبح المتظاهرون في ساحة الجامعة يحملون الأسلحة فوق أكتافهم استعدادا لبدء الانقلاب.
حاول الرئيس هادي تجنيب اليمن الحرب التي كانت الكثير من الأطراف الإقليمية تدفع نحو اشتعالها، غير أنه اصطدم بقوات عسكرية موالية صالح وبدأت ترده معلومات عن عدم نية تلك القوات مواجهة التمدد الحوثي.
واتهم هادي تلك القوات بالخيانة والتمرد على توجيهاته بالتصدي للحوثيين.
قطر
لم تكن أحداث الربيع العربي وحدها السبب التي هيأت اليمن لإيران، بل بدأ المخطط في 2004، فالحرب التي اندلعت في صعدة كانت البداية الحقيقية لمطامع إيران، ساعدها في ذلك إمارة قطر التي لم تجد حرجاً في دعم أي جماعة مسلحة متمردة.
وقدمت قطر عن طريق المخلوع صالح دعماً مالياً للحوثيين بدعوى إعادة إعمار صعدة، لكن تلك الأموال وفقاً لمصادر عديدة ذهبت لتسليح الحوثيين لمواصلة الحرب بغية تسليم اليمن لإيران.
واعتقد المخلوع صالح أنه بإمكانه العودة لحكم اليمن عن طريق نجله مرة أخرى بمساعدة إيران، لكن تبين له لاحقاً أن إيران تريد فرض حكم الولاية وأن لا مستقبل لصالح في الحكم، الأمر الذي دفع صالح إلى محاولة التمرد، لكن تلك المحاولة سرعان ما رضخ صالح للحوثيين مرة أخرى، ولكن عبر وعود قدمتها له قطر وإيران.
وقطر التي ترعى الإخوان المسلمين، أعدته همزة الوصل مع إيران، على الرغم من ادعاء اختلاف الأيدلوجيا بينهما.
مطامع إيران
ومطامع إيران المدعومة قطرياً، كانت في طريقها للتحقق بدءاً من مصر التي تسلم فيها الإخوان الحكم عن طريق محمد مرسي، فوصول مرسي إلى رئاسة دولة كبيرة وذات ثقل إقليمي انتصار كبير يتحقق لإيران وقطر وتحالفهما الخطير والمعادي للوطن العربي الكبير.
وقال الخبير والمحلل السياسي صلاح السقلدي في هذا الصدد “لا شك أن ثمة علاقة تربط إيران بحركة الإخوان الإرهابية، وبالذات في المركز التاريخي الإخوان “مصر”، منذ عقود، وليس فقط منذ زيارة الرئيس أحمدي نجاد قبل كم سنة، وتوطدت بعد مقتل الرئيس السادات عام 1981، والذي قتل على يد أشخاص متشددين يتبعون الجماعة لاتهامه بالخيانة العظمى بعد توقيعه اتفاقية كامب ديفيد ومعاهد السلام مع اسرائيل نهاية عقد السبعينيات”.
وأضاف “بعد اندلاع ثورات الربيع العربي 2011 دعمت إيران إعلامياً وسياسياً كثير من هذه الثورات وبالذات في مصر واليمن، ولما كانت قطر حاضرة ومساندة لهذه الثورات أو هكذا قدمت نفسها، التقت مع إيران في نقطة دائرة الإخوان الثورية”.
وقال “كما نعلم فإن إيران دعمت الثورة بصنعاء ضد نظام صالح عام 2011، وكانت حركة الحوثي من أبرز المشاركين في هذه الثورة جنباً إلى جنب مع حزب الإصلاح “إخوان اليمن” وقوى وطنية ويسارية أخرى، وهذه القوى الوطنية هي الأكثر صدقاً بالمشاركة بهذه الثورة ولكنها ضاعت في المعمعة”.
سقوط صنعاء
وقال السقلدي “إذا ما وصلنا إلى الحديث عن سقوط صنعاء بيد الحوثيين في 2014، فما لا شك فيه أن إيران كانت سعيدة لذلك، فيما كانت قطر تشي للإخوان وبطريقة غير مفهومة حتى اليوم أن تصرف النظر عن فكرة مقاومة الحوثيين وهم يقرعون أبواب صنعاء، وما زلنا نتذكر قول رئيس حزب الإصلاح في غمرة اقتحام صنعاء واستيلاء الحوثيين على مقر الفرقة الأولى مدرع: (لن ننجر)”.
وأكد السقلدي أن “مصلحة إيران بسقوط صنعاء هي مصلحة نعلمها جيداً، ويبقى الغموض حتى الآن بشكل غريب جداً موقف الاصلاح وقطر من تسليم صنعاء أو قل بيعها للحوثيين بتلك الطريقة وبدون أن يطلقوا طلقة واحدة (…)”.
وأضاف أيضاً “لا أعتقد أن قطر بهذا التصرف في صنعاء كانت تهيء الأمور لإيران باليمن، لسبب واحد على الأقل وهو إن قطر ترى أنها أحق بالهيمنة على اليمن وعلى المنطقة ككل من إيران أو من غير إيران، فهي لديها هوس بالزعامة والتدخل بكل شؤون الغير إلى أبعد الحدود، وقد شاهدناها ونشاهدها من مشرق العرب الى مغربهم، ومن يمنهم وعراقهم الى شامهم.!”.
واستطاعت قطر وعن طريق جماعة الإخوان الأرهابية، تهيئة اليمن كملعب لإيران لتهديد المنطقة والسيطرة على باب المندب واستهداف دول الخليج والمقدسات في مكة المكرمة.
فدول الخليج العربي ومصر على إدراك -خلال السنوات الماضية- بما تحيكه قطر ضد جيرانها، لكن الصبر على تلك الممارسات نفد عندما كشفت الدوحة عن علاقتها بكل وضوح مع إيران التي تقاتل التحالف العربي ميليشياتها في اليمن، لتعلن المقاطعة لها وتكشف عن ممارساتها ودعمها للتنظيمات الإرهابية وفي طليعتها جماعة الحوثي الموالية لإيران وتنظيم الإخوان الإرهابي.