يراقب السوريون في دول اللجوء الوضع الاقتصادي المتردي الذي وصل إليه أهلهم في سوريا بحرقة وحزن شديد. فالحال التي وصلوا لها من فقر وعوز، إضافة إلى البطالة وقلة الدخل وارتفاع الأجور ونقص الأدوية متزامنا مع ارتفاع سعر الدولار وتأثيره المباشر على كل ما يحصل، وضَعَهم في حالة تفكير دائم في طرق للمساعدة للتخفيف عنهم.
معاً نستطيع.. مبادرة فردية
ديالا فداوي وفريد ياغي زوجان سوريان، يقيمان في ألمانيا، أطلقا مبادرة إنسانية لمساندة السوريين في الداخل من خلال تشكيل مجموعات صغيرة تتألف كل مجموعة من عشرة أشخاص، يتبرع كل شخص بمبلغ قدره عشرة يورو ليصبح المبلغ النهائي لكل مجموعة 100 يورو، فتحوّل المجموعة لعائلة محتاجة في سوريا، يتفق عليها وعلى وضعها أعضاء المجموعة. على أن يكون هذا المبلغ شهرياً ولا ينقطع حتى نهاية هذه الأزمة. وأطلق الزوجان اسما على هذه المبادرة (معاً نستطيع).
يقول فريد في حديث خاص لـ “تفاصيل” إن “المشاهدات اليومية للناس في سوريا، مؤلمة جداً، لم أكن أتخيل حقا أن يصل حال الناس هناك إلى هذا الحد. الوضع أصبح سيئا حتى على العائلات التي كانت تعتبر ميسورة قليلا أو متوسطة الحال”.
ويضيف: أطلقنا هذه المبادرة ولم نكن نتوقع أن يكون تجاوب الناس لهذا المستوى. فالاستجابة كانت جيدة ، حتى الآن يوجد حوالي 20 مجموعة، تتوزع المجموعات في أغلب الدول التي لجأ إليها السوريون، خاصة في ألمانيا وتركيا، هولندا وغيرها.
وهذا يعني أن 120 عائلة في سوريا تمت كفالتهم حتى الآن. ولم يمر على مبادرتنا أقل من شهر تقريبا. وتشمل الكفالات السوريون في كل المدن السورية، دون التمييز بين توزعهم ومناطق تواجدهم. المهم في سبب كفالتهم هو الوضع الاقتصادي لهم.
دعوة الأصدقاء
لم تقتصر هذه المبادرة على كفالات العائلات، فقد سارعوا لتلبية نداءات انسانية أخرى تخص علميات جراحية ، ونداءات للتبرع بالدم أيضا
كتب فريد ياغي على صفحته على فيسبوك معلقا على تفاعل الناس مع حملته وتجاوبهم لنداءاته:
كتبت بوست عن عملية جراحية لطفلة عمرها ست سنوات
العملية بتكلف ٧٠٠ يورو يعني رقم غير سهل أبدا
ونزلت من البيت عالشغل
وصلت عالشغل بعد ٢٠ دقيقة كان المبلغ مدفوع وجاهز للتحويل
نحنا شعب غني بأخلاقه ونخوته
يا سوريين إنتوا أجمل وأرقى وأعظم وأرق شعب بالعالم
إنتوا شعب نخوة وكرامة وخير
لا تجلدوا أنفسكم أو تحطوا من قدر حالكم
أي مظاهر سيئة شفتوها هي أعراض جانبية بسيطة بتصير بأي حرب… وأي بلد شافت نص الي شفتوه طلع منها أسوأ من هيك
هال٧٠٠ يورو الي اندفعوا خلال ٢٠ دقيقة هنن دليل على أننا شعب ٧٠٠٠ سنة حضارة ما راحوا هباء فيه
تقول ديالا إن “سبب تحديد المبلغ بـ 10 يورو، هو معرفتنا المسبقة أن كل شخص منا، ملتزم مسبقا بعائلته أو أقاربه، ويساعدهم أيضا، وأن زيادة هذا المبلغ لعائلة أخرى بالقليل، لن يؤثر عليه كثيرا، مع العلم أنه هناك استجابة من أشخاص بمالغ أكبر”.
وتكمل ديالا: ردة فعل الناس المستفيدة من مبادرتنا، وفرحهم، جعلنا نبكي فرحا، ولكنه زادنا إصرارا أن نكمل، فلا شيء أعظم من ادخال الفرحة لمحتاج. فقد صادفنا حالات لم تصدق فعلا أن هناك من يساعدهم حقا.
الحاجة كبيرة والمبادرات كثيرة، ومبادرات السوريين، على صغر حجمها إلا أنها كبيرة الأثر، حتى لو لم تكن كافية لتغطية كل الاحتياجات.
يقول أحمد بري: أنا أتكفل بعائلتي وأرسل لهم ما استطيع من بقية مصروفي، لكن هذه المبادرة ومساهمتي بها، خاصة لأناس لا أعرفهم، لكن أعرف فقط أن مبلغا صغيرا مني ومن غيري سيشكل أثرا جميلا بحياتهم، يجعلنا سعيدا حقا. فالإنسانية أن تشعر بالناس حتى لو لم تكن تعرفهم.
شارك الكثير من السوريين في هذه المبادرة وانضموا للمجموعة التي شكلها فريد ياغي وديالا على فيسبوك، واستجاب الكثير لنداءاتهم. إضافة لكتابة الكثير عنهم على صفحاتهم على فيسبوك لتمرير المبادرة للجميع.
رابط المبادرة للانضمام (اضغط هنا)