تفاصيل برس (وكالات)
واصلت روسيا تعزيز قدراتها في البحر الأسود من مختلف أساطيلها البحرية في ظل التوتر المتصاعد مع الغرب، والحديث عن غزوها المحتمل لجارتها أوكرانيا خلال أيام، رغم نفي موسكو المتكرر.
من جانب آخر، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن واشنطن أبلغت تل أبيب بموعد الهجوم الروسي المحتمل على الأراضي الأوكرانية، وسط هيمنة أجواء الحرب في أوكرانيا التي دعت شعبها لتجنب الذعر وأكدت استعدادها عسكريا لصد أي هجوم.
في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن احتمال قيام روسيا بعمل عسكري ضد جارتها الغربية بات وشيكا وعاليا بما يكفي لسحب الكثير من موظفي السفارة الأميركية بالعاصمة الأوكرانية كييف، وهو ما أعلنته وزارته في وقت سابق.
وقال بلينكن -في مؤتمر صحفي عقده في هاواي حيث التقى نظيريه الياباني والكوري الجنوبي- إن المسار الدبلوماسي مع روسيا بشأن قضية أوكرانيا لا يزال مفتوحا، وأوضح أن المطلوب هو أن تعمل موسكو على تهدئة الأوضاع.
وجاءت تصريحات بلينكن بعد ساعات من تحذير الرئيس جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين -خلال اتصال هاتفي بينهما أمس السبت- من أن واشنطن وحلفاءها سيكبّدون روسيا بشكل فوري كلفة باهظة إذا غزت أوكرانيا، وأن الغزو سيسفر عن معاناة إنسانية واسعة ويقلل من مكانة موسكو.
وقال البيت الأبيض في بيان إن بايدن بحث مع بوتين -خلال الاتصال الذي استمر ساعة- مستجدات الوضع بأوكرانيا، في خطوة لنزع فتيل التوتر بشأن هذا الملف.
من جهته، قال الكرملين إن الرئيس بوتين اتفق مع بايدن على مواصلة الحوار، وأضاف أن الحوار بينهما كان متوازنا وعمليا، مشيرا إلى أن بوتين استنكر خلال الاتصال ما وصفها بالمعلومات المزيفة حول الغزو المزعوم لأوكرانيا.
التقديرات الأميركية
ومع توالي التحذيرات الغربية بشأن قرب الهجوم المحتمل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن واشنطن أبلغت تل أبيب بأن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ بعد غد الثلاثاء، أو الأربعاء.
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن السلطات سرّعت جهودها لإجلاء الإسرائيليين من أوكرانيا، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية أبلغتها بأن الاجتياح الروسي قد يبدأ الثلاثاء على أقرب تقدير.
ومن جانبها ذكرت “يديعوت أحرونوت” أن أمام إسرائيل فرصة حتى الأربعاء لإجلاء مواطنيها من أوكرانيا، بحسب الإشعارات التي تلقتها من واشنطن.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قد صرّح، الجمعة، بأن التقديرات تشير إلى أن القوات الروسية قد تجتاح أوكرانيا قبل انتهاء الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين يوم 20 فبراير/شباط الجاري.
وتؤكد واشنطن وحلفاؤها أن روسيا نشرت نحو 130 ألف جندي حول أوكرانيا وفي بيلاروسيا، استعدادا لمهاجمة جارتها الغربية، وهو ما نفته موسكو مرارا.
في هذا السياق، واصلت روسيا تعزيز قدراتها في البحر الأسود من مختلف أساطيلها البحرية في بحر البلطيق وبحر الشمال والمحيط الهادي.
وعبرت الغواصة “روستوف نا دونو” (Rostov-na-Donu) من طراز “كيلو” (Kilo) -التي تعتبر من أخطر الغواصات غير النووية في العالم- مضيق الدردنيل اليوم، للانضمام إلى أكثر من 130 قطعة بحرية روسية، تشمل مدمرات وفرقاطات وكاسحات ألغام وسفن إنزال، لتنفيذ تدريبات واسعة النطاق للبحرية الروسية.
وحسب موسكو، ستقوم السفن والطائرات الحربية والقوات الساحلية التابعة للأسطول الروسي، خلال التدريبات، بتنفيذ عمليات رمي مدفعي وصاروخي على أهداف بحرية وساحلية وجوية.
مراقبون يغادرون دونيتسك
أفادت وكالة رويترز صباح اليوم بأن الفريق الأميركي المشارك بمهمة “منظمة الأمن والتعاون في أوروبا” بدأ الانسحاب بالسيارات من مدينة دونيتسك الأوكرانية (شرق) التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو، مع تصاعد المخاوف من الاجتياح الروسي المحتمل.
من جهتها، أكدت السلطات الانفصالية مغادرة عدد من مراقبي المنظمة، وصرح دينيس بوشيلين رئيس “جمهورية دونيتسك الشعبية”، المعلنة من طرف واحد، بأن تحركات مراقبي المنظمة تشير إلى إمكانية انسحابهم.
وينتشر المراقبون الغربيون في أوكرانيا منذ عام 2014، في إطار بعثة مدنية غير مسلحة تابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وقالت القوات الأوكرانية اليوم إنها سجلت 4 خروقات لوقف النار من قبل الانفصاليين الموالين لروسيا، وأضافت أنها ردت على مصدر النيران وفقا لقواعد الاشتباك ودون استخدام أسلحة محظورة بمقتضى اتفاقية مينسك المبرمة بين روسيا وأوكرانيا برعاية ألمانية فرنسية.
وقد أكدت كييف استعدادها للتصدي لأي هجوم محتمل، وتوعدت القوات الروسية بـ “الجحيم”. وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال إن جيش بلاده مستعد لصد “العدو” في أي لحظة على عكس ما حدث عام 2014، في إشارة إلى احتلال موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وأضاف شميهال -في وقت متأخر من مساء السبت- أن على الشعب الأوكراني أن يثق في دولته وجيشه ويتجنب الذعر والخوف، مؤكدا أن أوكرانيا متحدة مع شركائها في مواجهة التصعيد الروسي.
“أهلا بكم إلى الجحيم”
وبالتزامن، قال رئيس الأركان الأوكراني فاليري زالوجني في بيان مشترك مع وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، مخاطبا القوات الروسية “أهلا بكم إلى الجحيم”.
وجاء في بيان مشترك لوزارة الدفاع الأوكرانية أن 420 ألف جندي -بمن فيهم القادة العسكريون- مستعدون للموت، وأنه تم تعزيز الدفاع عن العاصمة، كما أكد أن القوات المسلحة أصبحت مختلفة عما كانت عليه عام 2014، وعلى كامل الاستعداد لصد أي عدوان، وجاهزة لكافة السيناريوهات.
وقد كشفت وزارة الدفاع أن كييف استلمت، حتى الآن، ألفي طن من الأسلحة الحديثة والذخيرة والدروع الواقية من الرصاص من مختلف البلدان.
في غضون ذلك، تتابعت الخطوات من دول عديدة لتقليص بعثاتها الدبلوماسية في أوكرانيا، وتوالت التحذيرات للرعايا من السفر أو المكوث هناك في ظل المخاوف المتصاعدة.
وبدأت أستراليا وكندا إخلاء سفارتيهما في كييف، حيث نُقل الموظفون إلى مكاتب مؤقتة بمدينة لفيف غربي أوكرانيا على الحدود مع بولندا.
من جهة أخرى، حثت 9 دول عربية -أمس السبت- رعاياها على تجنب السفر إلى أوكرانيا في الوقت الراهن، كما دعا بعضها الرعايا الموجودين هناك إلى المغادرة حفاظا على سلامتهم.
وجاءت هذه التحذيرات في بيانات لوزارات الخارجية بالكويت وقطر والعراق والأردن وفلسطين ولبنان، ولسفارات السعودية والإمارات والمغرب في كييف.
حركة الطيران
من ناحية أخرى، نفت وزارة البنى التحتية الأوكرانية أنباء عن إغلاق المجال الجوي. ونقل مراسل الجزيرة عن الوزارة قولها إن إغلاق المجال الجوي حق سيادي، ولم يُتخذ قرارا كهذا.
وفي وقت سابق، قال ميخائيلو بودولياك، أحد مستشاري الرئاسة في أوكرانيا إن بلاده لا ترى ضرورة لإغلاق مجالها الجوي في ظل التصعيد الحالي. وأضاف في تصريحات لرويترز اليوم “هذا هراء، وفي رأيي يشبه نوعا من الحصار الجزئي”.
جاء هذا بعدما أعلنت شركة الخطوط الملكية الهولندية أمس أنها ستوقف رحلاتها إلى أوكرانيا فورا، وكذلك صرحت شركة لوفتهانزا الألمانية اليوم بأنها تدرس تعليق رحلاتها من أوكرانيا وإليها.
وفي السياق نفسه، قالت شركة سكاي آب الأوكرانية اليوم إنها اضطرت لتحويل وجهة إحدى طائراتها بعدما قرر مالك الطائرة المستأجرة منعها من دخول المجال الجوي.
المصدر : الجزيرة + وكالات