لم يكتفي الأسد والإخوان المسلمين في زج شباب الثورة ومناصريها في معارك جانبية تارة فيما بينهم وتارة أخرى مع التنظيمات الراديكالية مثل “داعش” وأخواتها إنما عمد الطرفان على إرسال الشباب السوري إلى خارج سوريا لتقتيلهم في معارك جانبية لا ناقة لنا فيها ولا جمل في محاولة يائسة منهما للقضاء على الثورة.
ولعل أخطر ما تعرضت له الثورة وفصائل الجيش الحر عبر سنين الثورة الاقتتال المفتعل بين الفصائل المحسوبة على الثورة ابتداءً من اقتتال فيلق الرحمن مع جيش الإسلام وليس انتهاء بقتال النصرة وأخواتها لفصائل الجيش الحر وسلبها سلاحها واغتيال قادتهاأوخطفهم وتغييبهم، وهذا أعتقد أنه ظاهر للعيان ولكل متتبع لأحداث الثورة السورية ويؤكده العدد الكبير من قادة وعناصر الجيش الحر المتواجدين في سجون هيئة تحرير الشام وأحرار الشام وفيلق الشام وما يسمى زوراً الجيش الوطني وغيره من الفصائل التي يسيطر عليها الإخوان المسلمين.
جاء هذا كله بعد أن عجز الأسد وأجهزته الأمنية وميليشياته الطائفية وسلاح حليفه الروسي في القضاء على هؤلاء القادة وتحييد عناصرهم ومنعهم من مناصرة الثورة وحماية الشعب الثائر، ولعل ما يحدث الآن ترجمة واضحة لاتفاق الطرفين المجرمين على إفراغ سوريا من شبابها الغير مسيطر عليهم وزجهم في معارك جانبية خارج الحدود خدمة لمشروع لا علاقة للسوريين به لا من قريب ولا من بعيد، فالأسد استخدم “داعش” في محاولة بائسة لإعادة مدينة السويداء الرافضة لانخراط شبابها في جيش الأسد إلى بيت الطاعة الأسدي وكلنا يذكر المجزرة المروعة التي ارتكبتها عناصر “داعش”في ريف مدينة السويداء الشمالي الشرقيهؤلاء الذين خرجوا من مخيم اليرموك إلى منطقة البادية المحاذية لمحافظة السويداء تحت غطاء مخابرات الأسد، كما نذكر في هذا الإطار الحملة التي قامت بها روسيا لإرسال شباب السويداء للقتال إلى جانب حليفهم الجنرال “حفتر” في ليبيا.
إن ما قام به تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا لا يقل إجراماً وخطورة عن ما قام به الأسد وعصاباته بحق الشعب السوري بل جاء دورهم استكمالاً للمشروع الأسدي وداعميه في إركاع الشعب السوري ووأد ثورته تنفيذاً لدورهم المشبوه في إعادة إنتاج الأسد ونظامه الدموي في إطار الدور المشبوه للتنظيم العالمي للجماعة في السيطرة على ثورات الربيع العربي ووأد ثوراتها، وهذا ظهر جلياً في تونس وليبيا ومصر واليمن وحتى في العراق بعد الاحتلال الأمريكي له وتمكين التيارات الشيعية الموالية لإيران من السيطرة على هذا البلد من خلال تحالفالإخوان الوثيق مع الأحزاب والتيارات الشيعية العراقية، وهذا كله أعطى فرصة لأصحاب القرار في العالم لإعادة ترتيب وإنتاج الأنظمة في بلدان الربيع العربي ولعل دور جماعة إخوان سوريا في ذلك يفوق كل أدوار التنظيم في جميع البلدان العربية من حيث تفتيت صفوف الثورة والتسلق على منجزاتها والسيطرة على القوة الضاربة فيها ألا وهو الجيش الحر الذي قلبوا دوره من دور وطني إلى دور ميليشياتي يقوده مجموعة من المرتزقة وقطاع الطرق وأصحاب السوابق، ولعل إرسال عناصر هذه الميليشيات للقتال خارج حدود سوريا هو الجريمة الأفظع التي ارتكبها هذا التنظيم على الرغم من نكرانه لذلك لفترة محدودة سرعان ما اعترف بها بعد توارد الأخبار عن عدد من القتلى والأسرى من السوريين في ليبيا والآن في أذربيجان، ولا أعرف سبب واحد يمكن أن يقنع طفل صغير في سوريا أو خارجها بإرسال هؤلاء الشباب إلى حروب لا فائدة للشعب السوري منها بل هي وبال عليه وعلى الأقل تأكيد لِما يصرح به الروس والأسد والإيرانيين عن وجود مرتزقة ضمن صفوف الثورة وبالتالي إلصاق تهمة الإرهاب بالثورة السورية ولعل هذا هو أحد أدوار الجماعة المنوط بها في الثورة السورية، وإذا اردنا جدلا أن نقول بأن ذريعة الإخوان في إرسال شباب الثورة إلى ليبيا هو قتال الميليشيات الإيرانية والأسدية الموالين للجنرال “حفتر” ونصرة لحكومة الوفاق الإخوانية فما هي ذريعتهم في إرسال الشباب السوري إلى أذربيجان والتي غالبية شعبها من الشيعة الموالين لإيران؟ وهل الدولة الآذرية بحاجة إلىجنود للدفاع عنها؟ وأعتقد بأن هذه ذريعة واهية أيضاً نظراً لتصريحات نفي المسؤولين والقادة العسكريين الأذربيين، فإذاً الغاية من إرسال هؤلاء الشباب ليس الدفاع عن أذربيجان ولا حُباً في قتال روسيا وإيران حليفتا الجماعة وأداتهما في سوريا بل الغاية تقتيل أكبر عدد ممكن من أبناء الثورة السورية ضمن مخطط تشترك به الجماعة مع نظام الأسد وحلفائه لتفريغ سوريا من رجالها الرافضين لحكم الأسد والإخوان الطرفين الذي ثبت أنهما الأكثر حقداً على سوريا والشعب السوري.