جَذَبَ الاستيلاء شِبه الكامل على السلطة في أفغانستان من قِبل طالبان انتباه العالم أجمع، القادة منهم والشعوب، وكانت مفاجأة غير متوقعة للكثيرين.
ففي غضون بضعة أشهر فقط، حققت طالبان نجاحاً هائلاً – بعدد يتراوح بين 75 و80 ألف مقاتل ضد 300 ألف من الجيش والشرطة والقوات الجوية في أفغانستان، وأن قمع ما تبقَّى من التحالف الشمالي والسيطرة على كامل أراضي البلاد الآن مسألة وقت فقط.
ترك الانسحاب المتسرع للقوات الأمريكية من أفغانستان، انطباعاً غامضاً، وأثار العديد من الأسئلة. أهمها، هل كان من الممكن للقوات الأمريكية أن تمنع الاستيلاء على السلطة؟
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا غادروا أفغانستان في أكثر اللحظات خطورة؟ وما هو مستقبل البلد الآن؟ كل هذه الأسئلة ذات صلة بلا شكّ، ولكن عند الحديث عن العواقب المباشرة، وليس عن الماضي البعيد أو المستقبل البعيد، فهل سيكون استيلاء طالبان على السلطة بمثابة “إلهام” للإسلاميين المتشددين حول العالم؟ وهل ستبدأ الحكومة الأفغانية الجديدة (طالبان) بمساعدتهم؟.
قالت تقارير إعلامية عديدة: إنّ هيئة “تحرير الشام”، التي تسيطر على جزء من محافظة إدلب، أشادت بنجاحات طالبان. كما أشادت التنظيمات الإرهابية مثل “القاعدة” و”داعش” بطالبان وسيطرتها على أفغانستان، ورفعوا رؤوسهم مرة أخرى في أعقاب هزائم متلاحقة.
في عام 2014 كانت ذروة العمليات الإرهابية لتنظيم الدولة داعش، حيث سيطر التنظيم على مساحة 110 آلاف كيلومتر مربع في الشرق الأوسط، بينما كان النظام السوري يسيطر على ثلث أراضي سورية فقط. ومع بداية التدخل الروسي في الصراع السوري عام 2015، وتدخّل التحالف الدولي أيضاً، بدأت هزيمة تنظيم داعش، لكن بعض خلايا التنظيم لا تزال متناثرة وموجودة، وهذا ما تعترف به دول عديدة.
وكان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يتحدّث عن انتصارات متسارعة على داعش، كذلك كان ينخرط في إنتاج النفط السوري، ولو أنّ ذلك انخفض مع تواجُد القوات الروسية في سورية، لكنّ قوات “فاغنر” ما إن أعادت حقول النفط للنظام السوري إلّا عادت تنظيمات جديدة بالسيطرة عليها، وبدأ الاقتصاد السوري بالانهيار.
ولعل تلك، سابقة الذكر، تخلق البيئة الأكثر ملاءمة لإحياء ما يُسمَّى بالدولة الإسلامية (داعش). ولن تكون أفغانستان “مثالاً ملهماً” هنا فقط. وسط تخوّف من نقل أسلحة إلى إرهابيي داعش من أفغانستان بعد الانتهاء من ترتيب بيت “طالبان” الداخلي”.
وقد أدى الانسحاب الأمريكي السريع من أفغانستان، إلى ترك عدد كبير ليس فقط من الأسلحة الخفيفة، وأيضاً من الأسلحة الثقيلة مثل المدافع والمدرعات، وهذا سيشكّل خطراً لاحقاً في حال ثبتت صحّته.
ولعل السيناريو الأكثر ترجيحاً لن يكون بيع الأسلحة فقط، إنما شحنها إلى منظمات إرهابية صديقة أيديولوجياً لطالبان وهو أمر واقع، وبمجرد تلقيها، فإن المصير المحتمل ليس فقط لسورية، بل أيضاً الشرق الأوسط.
إذاً، هي عوامل يجب أن تبرّر الخوف السائد، من انتصار “طالبان”، والتي قد تدفع التنظيمات المشابهة “حول العالم” وخصوصاً في الشرق الأوسط، إلى استعادة أنفاسها، وسط دعم مادي ومعنوي من الحركة التي استولت على السلطة في أفغانستان، وهو دون أدنى شكّ يمثّل خطراً جديداً على الشرق الأوسط.