مع ازدياد حركة نزوح اللبنانيين من مناطقهم إلى سوريا، بسبب ازدياد العنف جرّاء الغارات الإسرائيلية المستمرة ضدّ حزب الله في الضاحية الجنوبية، يتبادر إلى أذهان السوريين ما عايشوه منذ 2011 من نزوح وقصف وتشريد.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، إن عدد النازحين الفارين من لبنان إلى سوريا، إثر التصعيد الإسرائيلي الأخير، بلغ 250 ألف شخص.
استقبال النازحين أو اللاجئين جرّاء الحروب ليست حالة طارئة على سوريا، كما يعتقد البعض، وإنما تكرار لما فعلته سوريا وتفعله منذ عشرات السنين، وهنا نقصد الشعب السوري، الذي عايَش أزمات نزوح عربية وعالمية.
12 ألف يوناني في حلب
خلال الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) فر آلاف اللاجئين من أوروبا إلى دول الشرق العربي ومنها سوريا بحثاً عن ملاذ آمن. واستقبلت وقتها مدينة حلب 12ألف لاجئ يوناني.
موقع “أمازون” نشر صورة عن لجوء يونانيين إلى حلب، التي كانت إحدى المدن العربية التي استضافت آلافاً من اليونانيين بسخاء وفق ما تحدّثت به الصحافة العالمية.

وفي الصورة، التي طُرحت للبيع بـ 11 ألف دولار أمريكي، يظهر جموع اللاجئين بملابسهم الرثة ومعهم أولاد صغار يصطفون في انتظار المعونات والأكل.
وأكّدت الصحافة وقتها في تعليقها على الصورة، أنّه تم إطعام حوالي 12 ألفاً من المهاجرين اليونانيين في حلب.
عراقيون في دمشق
مع بدء مرحلة الغزو الأمريكي للعراق في آذار 2003 بدأ مئات الآلاف من العراقيين بالتوافد إلى دمشق وحلب، ومع اشتداد المعارك وانقطاع أمل العودة القريبة استقروا في سوريا.
كان العراقيون في سوريا يتمتّعون بحرية في العيش وفق عاداتهم وتقاليدهم، وقد شهدت دمشق افتتاح العديد من المطاعم والمقاهي الخاصة بالعراقيين.
دمشق التي تحمل بغداد اسم شارعٍ فيها، أكرمت ضيوفها وصاروا سكّانها، وصارت لهم ذكريات، حتّى أنّ الكثير منهم حين بدأ نظام الأسد بالعنف ضدّ المدنيين في 2011 بدأوا يغادرون سوريا بحزن شديد، تاركين ذكرياتهم هناك في الشام وحلب ومدن أخرى.
لبنانيون في سوريا
عام 2006 عندما بدأت “حرب تموز” بين حزب الله وإسرائيل، تلك الحرب التي وصفها كثيرون بأنها “مسرحية” آنذاك، استقبل السوريون مئات الآلاف من اللبنانيين، في جميع مدن وبلدات وقرى سوريا.
قدّم السوريون في تلك الفترة أبهى درجات التكافل، حيث أنّهم رفضوا أن يُسكنوا اللبنانيين بالمال، دون النظر إلى دينهم أو انتمائهم السياسي. ودعموهم بالمعونات والمواساة.
فلسطينيو سوريا
في سوريا منذ عشرات السنين، يقيم مئات الآلاف من الفلسطينيين، ويُعاملون معاملة السوري، ويُقال عنهم فلسطينيو سوريا. ولهم في دمشق مخيّم ضخم اسمه “مخيم اليرموك” الذي قصفه نظام الأسد في الحرب الدائرة وهجّر سكّانه وغيّر اسمه، في خدمة لإسرائيل كما اتّهمه معارضون.

المفارقة ليست في استقبال النازحين أو إيوائهم، فهذه عادة متأصلة في الشعب، وإنما في كَوْنِ بلد ينزح داخلياً فيها ما يقارب 9 مليون سوريّاً، ومثلهم في دول اللجوء، من تركيا إلى الأردن إلى لبنان نفسها إلى أوروبا وأمريكا، يعود فجأة ليستقبل النازحين.