يُعد النظام الانتخابي الأمريكي واحدًا من أكثر الأنظمة تعقيدًا وإثارة للجدل في العالم. في حين أن العديد من الديمقراطيات يعتمد على التصويت الشعبي المباشر لتحديد الرئيس، فإن النظام الأمريكي يعتمد على ما يُعرف بـ”المجمع الانتخابي”، الذي يلعب فيه المندوب الانتخابي دورًا رئيسيًا في اختيار الرئيس، بغض النظر عن عدد الأصوات الشعبية التي حصل عليها المرشح.
ما هو المندوب الانتخابي؟
المندوب الانتخابي هو عضو في المجمع الانتخابي، النظام الذي يُستخدم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في الولايات المتحدة. يتم اختيار هؤلاء المندوبين من كل ولاية، ويبلغ إجمالي عددهم 538 مندوبًا. يتم توزيع هذه المقاعد على الولايات بناءً على عدد سكانها، حيث تحصل كل ولاية على عدد مندوبين يعادل عدد مقاعدها في مجلس النواب، إضافة إلى مقعدين يمثلان مجلس الشيوخ.
يقوم الناخبون في كل ولاية بالتصويت لصالح مرشح معين، لكن أصواتهم لا تذهب مباشرةً للمرشح، بل تُحوَّل إلى المندوبين الذين يُفترض بهم تمثيل إرادة الناخبين في ولايتهم. وعلى أساس أصوات المندوبين، يتم تحديد الرئيس المنتخب.
كيف يُفوز النظام المرشح بالأصوات الشعبية لكن يخسر المجمع الانتخابي؟
يمكن أن يبدو هذا النظام غير عادل في بعض الحالات، حيث يمكن لمرشح ما أن يحصل على أكبر عدد من الأصوات الشعبية (أي العدد الإجمالي لأصوات الناخبين في جميع الولايات)، ولكنه يخسر الانتخابات بسبب عدم تحقيق العدد الكافي من أصوات المندوبين. يحدث هذا بسبب نظام “الفائز يأخذ الكل” المعمول به في معظم الولايات، حيث يحصل المرشح الذي يحقق الأغلبية في أي ولاية على جميع أصوات المندوبين لتلك الولاية، بغض النظر عن مدى تقارب النتائج.
بمعنى آخر، إذا حصل مرشح على أغلبية ضئيلة من الأصوات في ولاية كبيرة، فسيحصل على جميع أصوات مندوبيها، مما يجعله يتقدم بشكل كبير في المجمع الانتخابي حتى لو كانت الأغلبية الشعبية ضده. وبهذا، يمكن أن يؤدي النظام إلى فوز مرشح بعدد كافٍ من أصوات المندوبين، رغم أن المنافس حصل على عدد أكبر من الأصوات الشعبية.
أمثلة على تعارض التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي
هناك عدة أمثلة بارزة على هذا التناقض في تاريخ الولايات المتحدة. على سبيل المثال:
في انتخابات عام 2000، حصل أل جور على أكبر عدد من الأصوات الشعبية، لكنه خسر أمام جورج بوش الابن بسبب فوز الأخير بعدد أكبر من أصوات المجمع الانتخابي.
كذلك، في عام 2016، حصلت هيلاري كلينتون على أصوات شعبية أكثر من دونالد ترامب، لكن ترامب فاز بالانتخابات بفضل المجمع الانتخابي.
هل يجب إصلاح النظام الانتخابي؟
يواجه النظام الانتخابي الأمريكي انتقادات متزايدة من البعض الذين يعتبرون أن المجمع الانتخابي لا يعكس إرادة الشعب بدقة. ويطالب هؤلاء بإلغاء النظام الحالي واستبداله بنظام التصويت الشعبي المباشر، حيث يُصبح الفائز في الانتخابات هو المرشح الذي يحصل على أعلى عدد من الأصوات الشعبية.
ومع ذلك، فإن دعاوى التغيير تواجه معارضة من بعض الجهات التي ترى في المجمع الانتخابي وسيلة لتحقيق التوازن، بحيث لا تتجاهل الولايات الصغيرة أمام الولايات ذات الكثافة السكانية العالية.
في نهاية المطاف، يظل نظام المندوبين الانتخابيين جزءًا من تقاليد النظام الأمريكي، لكنه يثير تساؤلات ومطالبات بالإصلاح كلما تعارضت نتائجه مع إرادة الشعب. بين المدافعين عن التوازن الفدرالي والراغبين في التغيير، يبدو أن هذا النقاش سيبقى مستمرًا لفترة طويلة.