أثناء تجوالك في شوارع العاصمة صنعاء تجد بالقرب من الأسواق نساء وفتيات يبعن الخبز أو “اللحوح” وأنواع من الأطعمة الشعبية التي تنبعث رائحتها في نهار رمضان وتفتح الشهية للأكل.
تكافح الأرامل اليمنيات من أجل الحياة، ويتحملن إعالةَ اسرِهِن وأطفالهن، بعد فقدان الزوجِ، في الحروب والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي أجبرت الكثير من الرجال , على فقد أعمالهم واصبح معظمهم وقود للحرب.
تضاعف عدد الأرامل ويزداد وضعهنَّ المعيشيِ والنفسي مأساوية نتيجةَ الحرب.
معاناة اﻷرملة هنا تتعدى الجانب المادي، فإلى جانبِ ذلك، التهمش مجتمعيا، وتجاهل مليشيات الحوثي لمعاناتهن باﻹضافة إلى توقف الإعانات المالية عن معظم الاسر الفقيرة التي تتصدر قائمتها الأرامل.
الاف الأرامل حصيلة الحرب البعض اتخذن التسول طريقاً لتأمين لقمة العيش، في حين تعاني أخريات ظروفا مادية وصحيةً ونفسيةً صعبة خرجن لسوق العمل ولو كانت الأرصفة.
الخيار المر
كثير من الارامل استطعن اعالة أسرهن من خلال بيعِ اللحوح حيث الأمية المتفشية في أوساط النساء تعوقهن عن القيام بأي مهنة أخرى، وخاصة من لم تحظ بحظ وافر من التعليم.
” ام ابراهيم مجدع ” – امرأة فقدت زوجها – في الحرب ترك لها حمل ثقيل وحياة أصعب تقول “للصحوة نت “: أعاني حياة صعبة فلدي عدة بنات وولد واحد فيما أتحمل معاناة الإيجار وصعوبة العيش”.
تحرص سعادة، وهي أم لأربعة أولاد، على أن تكون عند الساعة الثانية ظهرا امام “مول ستي مارت ” لبيع ما صنعته يدها من خبز اللحوح كمصدر دخل يقيها شبح الفقر وذل السؤال.
فوق أحد الأرصفة تتخذ سعادة مكانا لها بجوار بائعات أخريات تبيع حوالي ثلاثين لحوحة تحت حرارة الشمس لمدة لا تقل عن أربع ساعات تتعرض فيها لتعب ومضايقات وبالكاد تكسب الفين آلاف ريال.
تقول سعادة “إن وفاة زوجها أجبرها على تحمل مسؤولية البيت لعدم وجود عائل آخر وصغر أعمار أولادها، ولم يكن أمامها من خيار سوى إعداد خبز اللحوح بمنزلها والذهاب لبيعه في الأسواق.
وفي رمضان المبارك، تبدو” ام الخير ” صديقة سعادة ,اكثر تفاؤلا كون الشهر الفضيل موسم ربح يتضاعف فيه البيع نظرا لإقبال الناس على شراء اللحوح الذي يمثل وجبة رئيسية في مائدة الإفطار ولا غنى عنه لأي أسرة .
بائعات اللحوح اللواتي اخترن هذه المهنة بما فيها من مشقة وتعب “نموذج للمرأة المكافحة لأجل العيش بكرامة وعزة بعيدا عن تسول صدقات الآخرين
فاطمة طالبة بالصف السادس الابتدائي تعمل مسوقة لبيع منتجات والدتها بأحد الأسواق -مقابل توفير مصاريف العشاء-والايجار.
وتقول فاطمة عن بداية عملها ” كنت خائفة أول مرة لكن أمي أجبرتني. وجدت صعوبة في كيفية التعامل مع الناس والبقاء طوال ساعات أقضيها في بيع البسباس التي تصنعه والكعك لكن مع مرور الأيام أصبحت متعودة على هذا الوضع ولم أعد أشعر بالحرج كالبداية”.
من جانبها تؤكد فاطمة، أن هناك عشرات الأسر تجاوزت الفقر والفاقة وانتشلت نفسها من حالة العوز والفقر المدقع واستطاعت أن تأمّن مستقبل أطفالها من خلال بيع اللحوح والكفاح على الرصيف.