اتجه عدد من الاكاديميين وموظفي القطاع العام في الدولة الى العمل بالفاعل وامتهان اعمال شاقة من اجل كسب لقمة العيش بعد انقطاع صرف الرواتب منذ مايقارب الشهرين.
“النفير العام ”
وقد فاجأ أستاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا بكلية الاداب بجامعة صنعاء الدكتور عبدالله معمر الحكيمي طلابه باعلان النفير العام حد قوله ، والاعتذار عن تقديم المحاضرات لهم لانه سيتوجه “لبيع القات” عوضا عنها .
وارجع سبب قيامه بذلك الى انه لديه أبناء لايزالون غير واعيين لما يدور حولهم، ولن يستطيع تركهم يتضورون جوعا بسبب حرب عبثية قذرة أكلت كل شي.
وخاطب الحكيمي زملاؤه الاكاديميين قائلا “ثقوا ان بيع القات وان كانت مستهجنة في الاسواق العامة الا أنها لا تنقص مني ومنكم مطلقا، فأنا اجدها أشرف من مد اليد، او غسلها بدماء الغير، فيدي لن تكون الا طاهرة كما عرفتموها دائما”.
وتداول ناشطون صورة أستاذ الفلسفه بجامعة صنعاء الدكتور جميل عون وهو ويعمل في مصنع للبلوك بالاجر اليومي حتى يستطيع العيش وتوفير قوت يومه بعد توقف رواتب مظفي الدولة ورفض صاحب البقالة التي بجوار السكن أن يقرضه .
” انهيار اقتصادي ”
وتأتي مسألة انقطاع رواتب موظفي الدولة في ظل انهيار اقتصادي متسارع وكبير ، وافلاس البنك المركزي بعد نهب مليشيا الحوثي وصالح الاحتياطي الاجنبي الذي كان يبلغ 5،2 مليار دولار قبل سيطرتهم على العاصمة صنعاء اوخر 2014 .
واستمر الحوثيون باستخدام الاحتياطات الخارجية في 2015 في دعم سعر صرف واردات السلع الأساسية وحصرها في مناطق تحت سيطرتهم، واستغلالها للمضاربة بالعملة الأجنبية وأسعار المشتقات النفطية، ما عجل من تدهور الموقف الخارجي للبنك، والذي بلغ حجمه نحو 1.5 مليار دولار.
كما قامت بتمويل حربها ضد الشعب اليمني والمقاومة عبر ما اسمته “المجهود الحربي” الذي كانت تقتطعه من ايرادات البنك ورواتب الموظفين، بالاضافة الى صرف مرتبات لاتباعها من موازنة الدفاع .
” نهب الحوثيون للبنك المركزي ”
وبالرغم من الاتفاق على ان يبقى البنك المركزي محايدا في الصراع الدائر، إلا أن الانقلابيين، لم يلتزموا بهذا الاتفاق، ومضوا في تسخير الموارد المالية لتمويل الانقلاب، بل ووصل الأمر حد التصرف بالاحتياطي النقدي الذي يعتبر من الأمور السيادية للدولة، مستغلين، تواجد البنك المركزي في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتهم
الامر الذي دفع بحكومة الشرعية الى خوض معركة اقتصادية مع المليشيات الانقلابية حول البنك المركزي .
وكسبت الحكومة المعركة المالية بعد اتهامها للحوثيين، بإهدار الاحتياطي الأجنبي والسحب على المكشوف، ونقلت البنك من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوب غربي البلاد، في 18 سبتمبر/أيلول الماضي.
وأعلن الحوثيون رفضهم للقرار وقاموا بجمع التبرعات النقدية من المواطنين للبنك المركزي في صنعاء، وقرروا عدم إرسال الموارد الخاصة بالعاصمة صنعاء وميناء الحديدة إلى البنك المركزي في عدن، عدا عن تجهيز إدارة جديدة للبنك في صنعاء.
” الحوثيون وازمة الرواتب ”
عادة، كانت رواتب موظفي الدولة، الذين يبلغ عددهم 800 ألف موظف، تصرف في أول يومين من الشهر الجديد.
ووفق تصريحات محافظ البنك المركزي السابق، محمد بن همام، فإن الدولة كانت تدفع 75 مليار ريال (300 مليون دولار) شهريًا كمرتبات، من بينها 25 مليار ريال (نحو 100 مليون دولار)، لمنتسبي الجيش والأمن فقط.
والتزم الحوثيون الصمت التام حيال الأزمة الراهنة، خصوصا بعد فشلهم في جمع المبالغ المطلوبة لدعم البنك المركزي عبر حملة دشنوها للتبرع وانقاذ المليشيات من الوضع الحرج الذي تمر به، مما أدخلهم في مأزق؛ فلا هم قادرون على توفيرها باعتبارهم سلطة أمر واقع، وينوون تشكيل حكومة، ولا هم جريئون للإعلان صراحة أن حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، هي المسؤولة.
وتواجه تلك المليشيا حرجا اكبر مع مقاتليها الذين عجزت عن تسديد رواتبهم التي كانوا يتسلمونها من الدفاع ، وقد تضطر لتوفير رواتب بعض دواوين الوزارات العامة الخاضعة لسيطرتها فقط، فيما لا يُعرف مصير بقية الدوائر الأخرى.
وخلال الشهرين الماضيين، كان البنك المركزي الخاضع للحوثيين، قد لجأ إلى صرف رواتب الموظفين من العملة النقدية التالفة، بعد انعدام السيولة المحلية، ووصول سعر صرف الريال اليمني إلى 310 ريال أمام الدولار الواحد في “السوق الموازية” (السوداء)، مقابل 250 في السوق الرسمية.
” انا نازل ”
ونتيجة لتفاقم الاوضاع المعيشية دعا ناشطون للنزول للشارع الاحد الماضي وتنفيذ مسيرة شعبية للمطالبة باصلاح الاوضاع المعيشية وصرف الرواتب ، مما دفع بخزب المؤتمر التابع لصالح للتحذير من هذه التظاهرة ومنع اتباعهم المشاركة بها .
فيما قامت مليشيات الحوثي بقمع المتظاهرين وعمل ترسانات في الشوارع العامة وانتشار مسلحيها بشكل مكثف في كافة الشوارع ومنع دخول المواطنين اليها وسط اطلاق النار على مئات المركبات والمواطنين القادمين من المحافظات الاخرى.
كما قامت بقمع مسيرة كانت قد تشكلت في غرب العاصمة واطلقت النار على بعض المتظاهرين واختطفت العديد منهم .