اسطنبول (أ ف ب) – بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين لقاءه مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان في اسطنبول حيث سيجريان محادثات تتركز على التعاون في مجال الطاقة رغم الخلافات العميقة حول سوريا.
وبعد ازمة استمرت لاشهر بين البلدين اثر اسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على الحدود السورية، يبدي الرئيسان تصميما على طي هذه الصفحة.
ويعقد اللقاء في قصر في اسطنبول على هامش مؤتمر الطاقة العالمي المنعقد في هذه المدينة التركية بمشاركة بوتين الذي قام بهذه المناسبة باول زيارة له الى تركيا منذ انتهاء الازمة الخطيرة في العلاقات بين البلدين.
واللقاء بين الرئيسين سيكون الثالث منذ ان قررت موسكو وانقرة في نهاية حزيران/يونيو تطبيع علاقاتهما، لكنه الاجتماع الاول في تركيا.
ويعتزم الرئيسان تأكيد التزامهما بالتعاون في مشروع انبوب الغاز الروسي-التركي “توركستريم” الذي سينقل الغاز الروسي الى اوروبا عبر البحر الاسود وكذلك بناء موسكو لاول محطة نووية تركية.
وفي كلمة في مؤتمر الطاقة العالمي، اعلن بوتين استعداد بلاده، الدولة غير العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، المشاركة في الاجراءات الهادفة لخفض انتاج النفط، مؤكدا ان هذه هي الوسيلة الوحيدة لاحداث التوازن في السوق بعد فترة طويلة من انخفاض الاسعار.
وقال “في الظروف الحالية، نعتقد ان تجميد او خفض انتاج النفط هو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على استقرار قطاع الطاقة وتسريع اعادة التوازن الى السوق”. واعرب عن امله في ان يقود هذا الى اتفاق ملموس في اجتماع اوبك الذي سيعقد في تشرين الثاني/نوفمبر، وان تكون هذه الفكرة “مؤشرا ايجابيا للسوق والمستثمرين”.
والحق انخفاض اسعار النفط اضرارا جسيمة باقتصادات دول مثل روسيا التي فشلت خلال السنوات الماضية في خفض اعتمادها على دخلها من صادرات النفط والغاز.
وردا على اسقاط المقاتلة الروسية، فرضت موسكو سلسلة عقوبات اقتصادية على تركيا منها منع رحلات الشارتر الى البلاد. وادى ذلك الى تراجع عدد السياح الروس الى تركيا بنسبة 83% خلال عام وفقا لارقام رسمية تركية.
ورغم التقارب الاخير بينهما لا تزال هناك خلافات بين موسكو وانقرة في الملف السوري، فروسيا حليفة نظام الرئيس بشار الاسد في حين تدعم تركيا المعارضة التي تسعى الى الاطاحة بالاسد.
لكن يبدو ان الطرفين وضعا جانبا هذا الموضوع للتركيز على مجالات التعاون خصوصا الطاقة.والدليل على هذه البراغماتية ان تركيا وروسيا تطمحان الى تعزيز مبادلاتهما الاقتصادية لرفعها الى 100 مليار دولار سنويا.وقال اندرو نيف المحلل لدى “آي اتش اس اينرجي” لوكالة فرانس برس ان “عملية تضميد الجراح بدأت وطوى كل جانب صفحة الاشهر ال10 الماضية الصعبة للتركيز على بعض المجالات كالطاقة حيث للبلدين مصلحة متبادلة للتعاون”.
واضاف ان اردوغان يعرض على ان يكون تعاونه مع روسيا مؤشرا الى حلفاء انقرة الغربيين بان تركيا لا تزال قادرة على التحكم بمصيرها بنفسها بعد ان شعرت بخذلان الولايات المتحدة واوروبا لها عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة.
ومن المقرر ان يضخ خط “توركستريم” 31,5 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الروسي الى اوروبا، ما يساعد موسكو في الحد من عمليات نقل الغاز عبر اوكرانيا.
وكشف عن هذا المشروع الاستراتيجي نهاية 2014 في الوقت الذي تم التخلي، في خضم الازمة الاوكرانية، عن مشروع ساوثستريم في البحر الاسود الذي يعرقله الاتحاد الاوروبي.
وقال الرئيس التركي في كلمته امام المؤتمر ان “الدراسات اظهرت ان المسار التركي هو الاكثر ربحا والاكثر توفيرا لنقل” الغاز داعيا شريكه الروسي الى “مواصلة هذا المشروع الرئيسي”.ورغم الطموحات المعلنة يشكك المحللون في ربحية المشروع وعملية انجازه لان اعمال التشييد لم تبدأ بعد.
وقال نيف ان “توركستريم اقرب الى الحلم من خط انابيب فعلي، ورغم استئناف العلاقات السياسية والتجارية لا نزال عند نقطة الانطلاق” مؤكدا ان الهدف الاولي بتأمين اولى الامدادات في 2017 “طموح مبالغ فيه” في هذه المرحلة.
في هذا الاطار، وخلال اللقاء الاخير بينهما على هامش مجموعة العشرين في الصين مطلع ايلول/سبتمبر، وعد الرئيس التركي نظيره الروسي بان مشروع توركستريم سينجز “في اسرع وقت ممكن”.والتقدم الوحيد الممكن بين البلدين هو استئناف الروس العمل في ورشة اول محطة نووية تركية في اكويو (جنوب البلاد). وهذه المحطة تقدر كلفتها ب18 مليار يورو (20 مليار دولار) واراد اردوغان تشييدها لجعل تركيا التي لا تملك النفط، اكثر استقلالية من ناحية الطاقة.
واوضح اردوغان ان “الهدف هو ان ياتي 10% من انتاج الكهرباء من المحطة النووية”.
وبدأ المؤتمر العالمي للطاقة اعماله صباحا بخطاب لوزير الطاقة السعودي خالد الفالح الذي اعتبر ان الميل الحالي نحو ارتفاع الاسعار يمكن المحافظة عليه.
كما ينتظر وصول وزير الطاقة الاسرائيلي الخميس للمشاركة في المؤتمر، ليكون اول عضو من الحكومة الاسرائيلية يزور تركيا منذ انتهاء ازمة دبلوماسية بين البلدين استمرت ست سنوات.