شوقي اليوسفي :
اشتقت لتعز ، اشتقت لشوارعها وازقتها وارصفتها وجدرانها ، اشتقت لزحمة الشوارع في جولة القصر وجولة الباب الكبير وجولة الصقر وجولة حوض الاشراف ، اشتقت لبائعي التين المشوك على سور فندق الجند ولبائعي الفل في شارع جمال ، اشتقت لرؤية سكان الجحملية وصالة وثعبات يتجمعون حول قدر (وعاء) البرعي في زقاق صغير – بقلب الجحملية – ويشربون الشاي على يد الشهير مخسوة ، اشتقت لسماع بوابير البلدية تأتي في المساء لتخلي براميل القمامة واصوات دراجات نارية تشارك في عرس صديق لهم ، اشتقت للطريق المؤدي الى سوق القات بعصيفرة ولزحمة السيارات صباح رمضان امام منزل بائع البطاط عطير ، اشتقت لرؤية لوحة زبادي الهناء الكبيييييرة جوار جولة العرضي ولزحمة الناس امام مبنى البريد في تعز اخر كل شهر ، اشتقت لابتسامات بائعات الخمير على اسوار باب موسى ومداهمات عسكر البلدية لبسطات شارع 26 التي تعيق حركة المرور ، اشتقت لصوت طفل يبيع الجرائد ، يأتي كل يوم احد الى حارتنا يحمل صحيفة نبأ ويظل يصرخ اعترافات امرأة قتلت زوجها امام اولادها ، اشتقت للحظة خروج طلاب مدرسة ثانوية تعز ظهرا وللحظة خروج جماهير الكرة من ملعب الشهداء قبل غروب الشمس ، اشتقت لتوافد الحافلات – يوم الجمعة – لنقل الناس الى مدينة دريم لاند ولرؤية الاطفال وامهاتهم يتحمعون امام اقفاص الاسود والنمور بحديقة الحيوانات ، اشتقت لاداء صلاة الجمعة بجامع المظفر وشراء اغاني ايوب وزفة منى علي من محل 13 يونيو بالمسبح ، اشتقت لرؤية وايتات الماء تغلق بعض الشوارع الضيقة ولعمال مجموعة هائل سعيد بعد صلاة الفجر ينتظرون الباصات في كل حارات تعز ، اشتقت لسماع صلاة التراويح في شهر رمضان من مسجد الاحسان بالدمغة وللاطفال يحملون مسدساتهم ويرافقون ابائهم لاداء صلاة العيد ، اشتقت لصوت طابور الصباح في مدرسة اروى وصوت الاطفال في مدرسة معاذ يحييون العلم الجمهوري ، اشتقت لسماع مدفع رمضان ولسماع سخط الناس من انطفاء الكهرباء وقت الافطار ، اشتقت لرؤية جنود الشرطة العسكرية يتقافزون من على الاطقم لضبط مدني يرتدي جاكت عسكري او لضبط مسلح يحاول ان يخفي مسدسه ، اشتقت لتناول – نفر فول – بمطعم علي مدرة داخل الباب الكبير وتناول وجبة الغداء – نفر سلتة – بمطعم الابي داخل باب موسى ووجبة العشاء – نفر فاصوليا – بمطعم ناصر غالب ، اشتقت لشرب قلص شاي ببوفية الشعبي واصطحاب الاهل كل يوم جمعة الى وادي الضباب او لرحلة طويلة الى مدينة المخا ، اشتقت لحضور مقيل عرس يتجمع فيه كل سكان الحارة داخل بيت متواضع ثم التقاط صور تذكارية على الاضواء في زفة العريس ، اشتقت لرؤية بنات حارتي – بعد نوم – يقطعين المسافة الى مدارسهن بكل حياء ، اشتقت لرؤية رياض ابني يصعد الى باص المدرسة ثم اتبعه الى داخل الفصل اذا نسى ان يأخذ مصروفه من والدته ، اشتقت للتجول داخل المدينة القديمة وقضاء اجمل ساعات العمر في جبل صبر ، اشتقت لرؤية تعز مضيئة بالكامل بما فيها منارات المساجد واحواش المنازل في حارة المجلية ، اشتقت لرؤية قلعة القاهرة مضيئة وشامخة ، اشتقت لتعز بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة واجدني الان اشتاق اكثر لتعز مستقرة وآمنة .