تحشد الولايات المتحدة ومعها مجلس الأمن مخاوفها من تهديد ممر الملاحة الدولي في باب المندب بعد استهداف الحوثيين بصاروخ إيراني سفينة مدنية إماراتية وسط البحر الأحمر.
الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت إرسال ثلاث بوارج حربية مدمرات الصواريخ الموجهة يو اس اس نيتشة (دي دي جي 94)، يو اس اس ميسون (دي دي جي 87) إضافة إلى بارجة “ايزنهاور” التي أرسلت في وقت سابق هذا العام؛ ويبدو أن التوتر على الملاحة الدولية أشعل قلقاً خليجياً، وفتح حالة الطوارئ في أسواقها النفطية.
صحيفة “الإمارات اليوم” قالت في تقرير لها، الأربعاء، إن تحضيرات عسكرية تقوم بها قيادة قوات التحالف والجيش الوطني، للقيام بعملية عسكرية واسعة على الساحل اليمني الممتد من باب المندب جنوباً إلى ميدي شمالاً بهدف تأمين الساحل الغربي لليمن. الصحيفة أشارت إلى أن استعدادات حثيثة تجريها قوات التحالف مع المجتمع الدولي، لتنفيذ خطة عسكرية لتأمين السواحل اليمنية، تنطلق من عدن وسواحل إفريقية في إريتريا وجيبوتي.
من جانبهم أعلن الحوثيون استهداف أي سفينة في المياه الإقليمية اليمنية لا تحصل على ترخيص من الجماعة التي تسيطر على مينائي الحديدة والصليف حيث تمر بين 90 إلى 80 بالمائة من امدادات السكان.
وكعادة الجماعة المسلحة لا تقوم بأي استهداف دون أن يكون له رسائل عدة، للداخل والخارج، تجدر الإشارة إلى انها المرة الأولى التي يتم استهداف سفينة منذ بدء عمليات التحالف العربي، ففي الفترة الماضي كانت إيرادات الموانئ تصل إلى البنك المركزي الخاضع لسيطرة الحوثيين في صنعاء، وبعد قرار بنقله الشهر الماضي يعتقد الحوثيون أن لا حاجة لإيرادات طالما أنها خرجت من أيديهم. وفي السابق ألمح قادة حوثيون إلى احتمال استهداف من هذا نوع كرد على نقل البنك المركزي.
و عقب صدور قرار نقل البنك المركزي، قال يوسف الفيشي، وهو عضو المجلس السياسي الأعلى الذي شكله الإنقلابيون، في بيان على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “نقل البنك المركزي سيسبب كارثة للعالم وسيضع أمن واقتصاد دول الخليج العربي في مهب الريح”.
فيما قال الناشط الحوثي، عبد الملك الوادعي، إن استهداف السفينة الإماراتية وبالقرب من باب المندب، هو رسالة اقتصادية أكثر منها عسكرية، وخصوصاً أن الحكومة، وبدعم التحالف، بدأت باستخدام الورقة الاقتصادية متمثلة بنقل البنك المركزي.
ويدفع التحالف إلى منع وصول الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين عن طريق القرن الأفريقي وحتى الشواطئ اليمنية، ومن الملاحظ أن أسلحة عديدة وصلت للحوثيين عبر تهريب مُتقن تقوم بها شبكات لحزب الله اللبناني في أفريقيا بمساعدة من شركات لصيد الأسماك، والتي تحدث عنها تقرير لـ”رويترز”.
ويرى خبراء اقتصاد إن أسوأ الاحتمالات أن تؤدي الحرب إلى إغلاق مضيق باب المندب، وهو ما يحول دون وصول ناقلات النفط من الدول الخليجية إلى قناة السويس وخط “سوميد” لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط. تلك حالة قد تستدعي ناقلات البضائع للإبحار جنوبا إلى رأس الرجاء الصالح، للوصول إلى الأسواق الأوروبية والأميركية، مما يرفع تكاليف النقل لأضعاف مستوياتها.
وهو ما يهدد فعلاً بتدخل دولي بشكل أعمق في الشأن اليمني، إذا ما أخذنا بالحسبان أن 30 % من النفط العالمي يمر عبر مضيق باب المندب، الذي تمر عبره 21 ألف قطعة بحرية سنوياً، ومع التوتر في مضيق هرمز على مياه الخليج العربي بسبب إيران فإن فتح مضيق باب المندب بالقوة سيكون عاملاً رئيسياً إذا ما تكررت الحادثة.
في الجانب الاقتصادي تهديد مضيق باب المندب أشعل حالة من الطوارئ في سوق النفط الخليجي حيث قال خبير النفط الكويتي، محمد النقي، وهو أحد المقربين من دوائر صنع القرار المتعلق بالسياسة النفطية في بلاده، إن قطاع النفط الكويتي رفع حالة الطوارئ الخاصة والمتلائمة مع العمليات العسكرية في اليمن حالياً، بالتنسيق مع الجهات الأمنية.
وقال النقي في تصريحات صحافية: “خطة الطوارئ الكويتية لم يتم الإعلان عنها حتى الآن، لكنها مفعلة بالدرجة التي تتناسب مع حجم العمليات العسكرية حاليا، والتي تشمل كل عمليات القطاع النفطي والشركات التابعة للمؤسسة داخل وخارج الكويت”.
وأوضح خبير النفط الكويتي أن الخطة تشمل السفن التي تمر بالقرب من منطقة باب المندب، ووضع آلية لحمايتها بالتنسيق مع الجهات العسكرية وكذلك الحماية الإلكترونية وأجهزة التحكم في كل عمليات القطاع.
تهديد الملاحة الدولية كان محور اهتمام تهديد الخارجية الأمريكية للحوثيين وقال المتحدث الرسمي للوزارة جون كيربي في بيان صحفي مساء الاحد ” إن الولايات المتحدة تدين بشدة هجوم ميليشيا الحوثي غير المبرر ضد سفينة المساعدات الإنسانية الإماراتية التي تعمل بالقرب من ميناء عدن يوم أمس, ونحن نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد”, مضيفاً أن بلاده لا تزال ملتزمة بتعزيز حرية الملاحة عبر باب المندب.
ويعتبر مضيق باب المندب بو ابة الدخل الرئيس لقناة السويس المصرية، والتي تدر دخلاً بقيمة 5 مليار دولار سنوياً للقاهرة، وقال رئيس هيئة قناة السويس، مهاب مميش، إن حجم التجارة العالمية المارة بقناة السويس عبر مضيق باب المندب، سواء القادمة من دول الشمال للجنوب أو العكس، تمثل تقريبا ما بين 96 إلى 98% من حجم التجارة المارة بالقناة.
ولذلك فإن تهديد الحوثيين للممر الملاحة الدولية يجعل التدخل الدولي (أو العربي وفق تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك) أكثر مبرراً للتواجد في المياه الدولية والإقليمية لليمن، ويزيد من تفاقم الحالة الاقتصادية والسياسية في البلاد.
لكنه في نفس الوقت يضع الحوثيين بين مطرقة القبول بالرؤية الدولية أو الاستعداد لحرب أشد ضراوة من عمليات التحالف العربي، وفي كل الحالات يدفع اليمنيين العاديين تكاليف حروب الحوثيين الباهضة.