تحرص التلميذة العراقية منار محمود على استئناف دراستها بعد سنوات تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية داعش في الموصل متجاهلة دوي نيران المدفعية على مقربة.
عادت منار التي تبلغ من العمر 13 عاما إلى مدرستها القديمة في الجزء الشرقي من المدينة الذي استعادت القوات العراقية السيطرة عليه من التنظيم المتشدد في يناير.
ولا يزال القتال مستعرا على مسافة قريبة، فعلى الجانب الآخر من نهر دجلة تهاجم القوات الحكومية والطيران والمدفعية آخر معاقل داعش بالمدينة القديمة في غرب الموصل.
ومع وصول أول الكتب الدراسية الجديدة الأسبوع الماضي، سارع المعلمون إلى استئناف الدراسة. وأمام الفتيات سنوات يحتجن لتعويضها ومعظمهن توقفن عن ارتياد المدرسة بعد أن اجتاح المتشددون الموصل في يونيو 2014.
وقالت منار التي وقفت مع مجموعة من زميلاتها قبل موعد الدراسة في فناء المدرسة “نريد أن نتعلم، لا نريد أن نكون جاهلات.”
كانوا أشرارا
أجبر المتشددون المدرسين على مواصلة العمل لكن معظم أولياء الأمور منعوا أولادهم من الذهاب للمدرسة خشية أن يتعرضوا لغسيل دماغ، ويتأثروا بتفسير داعش المتشدد للشريعة الإسلامية.
وقالت منار التي ارتدت الزي المدرسي وحجابا باللون الأبيض “كانوا أشرارا. كانوا يدرسون لنا أمورا عن الجهاد وكيفية القتال.” وأضافت “أسرنا منعتنا من الحضور للمدرسة.”
ولا يحبذ المتشددون تعليم الفتيات، فأغلقوا المدرسة لكنهم لم يهدموها مثلما فعلوا في مبان حكومية أخرى.
فتشوا المكتبة وحجرات المدرسين وجردوها من كل ما هو ثمين وتخلصوا من الكتب التي يرفضونها.
نجت غرفة مليئة بكتب تعليم اللغة العربية فقد حاول المقاتلون فتحها بإطلاق الرصاص على قفلها لكنهم فشلوا.
في حجرة أخرى توجد كتب جديدة لمواد مثل اللغة الإنكليزية والأحياء وهي مواد منع تنظيم داعش تدريسها.
قدرات متفاوتة
ويمثل تفاوت مستوى معرفة الفتيات الـ150 المسجلات بالمدرسة أكبر تحد للعملية التعليمية التي تعود من جديد بعد أن فات على الطالبات ثلاث سنوات من التعليم تقريبا.
وقالت مديرة المدرسة “علينا أن نضع فتيات في أعمار مختلفة، وعلى درجة مختلفة من العلم في فصل واحد، وهو ما يسبب مشكلات كثيرة.”
وأضافت “نطلب المزيد من التوجيه من وزارة التعليم لكن لم يزرنا بعد ولا مسؤول واحد.”
وبعد أن طردت القوات العراقية تنظيم داعش من معظم أنحاء المدينة، وفي ظل وجود الخط الأمامي للقتال على مسافة قريبة، طلبت المديرة وبعض المدرسين عدم نشر أسمائهم فهم لا يعلمون ما الذي يحمله لهم المستقبل.
ويعمل جميع المدرسين بلا مقابل، لأن الحكومة لم تستأنف سداد الرواتب حتى الآن.
وقالت معلمة تدعى أم محمد وهي تقف أمام فصلها المكتظ “لا توجد مياه للشرب ولا كهرباء بالمدرسة.”
وأضافت “إن شاء الله سنحاول مساعدة الأطفال والتلاميذ على نسيان المعاناة التي مروا بها.”