يقول ارسطو فيلسوف اليونان، في نظرية التطابق في الحق ” أن تقول عما هو كائن إنه كائن، وعما ليس بكائن إنه ليس كائناً، هوان تقول الحق، وان تقول عما هو كائن أنه ليس كائناً، وعما ليس بكائن انه كائن، هو أن تقول الباطل “.
هكذا يعد الحق علاقة ثنائية حدودها الاعتقاد والواقع ممثلاً بجملة من الحقائق بعينها. فوجود الفرد في مجتمع، أو اجتماع الأفراد، يتولد عنه مسؤولية مختلفة، كيفا وممارسة عما هي عليه في المستوي الفردي. بلغة الرياضيات التجريدية، دعونا تفترض ذلك المتغير س، بحيث ان، س يمثل أي رجل او امرأة في المجتمع اليمني تقلد منصب وظيفي في دولة الجمهورية اليمنية، هنا نستطيع التعبير عن مجموعة. هذه المجموعة تمثل بعض أفراد المجتمع اليمني، والتي يمكن التعبير عنها بلغة المجموعات الرياضية.
س = س: {حيث س هو موظف يمني} اجتماع هذه الطبقة أو الافراد في هذه المجموعة، ينتج عنه متطلبات وقرارات وتنظيمات، لا ترجع في الواقع لكل س أو فرد على حده، فهي مرتبطة باجتماع كل أفراد المجموعة س.
على سبيل المثال ” الحقوق والتشريعات، والقوانين، والسلطة، وثروة المجتمع. الخ . لا يمكن التحدث عنها بشكل منعزل لأفراد المجموعة وان كانت صادرة عن اجتماعاتهم. يمكن ان نطلق اسم للمجموعة بالأقلية المؤثرة. من هم أفرادها قلنا الدكاترة، الأطباء المحامون، العاملون بالخدمات العامة والمدرسون والحرفيون، والعاملون بالقطاع العسكري، وغيرهم، هؤلاء يشكلون أعظم قطاع موثر في المجتمع.
فهل يعقل ان ينتظر هؤلاء مرتباتهم؟! واضعين أكفهم على خدودهم، يتحدثون عن معانتهم في غرف مغلقة وعلى صفحات الواتس اب، والمدونات الإلكترونية، يصورون بؤسهم، وحزنهم، وانكسارهم، وذلتهم، منتظرين ان تمطر عليهم حكومة بن دغر، أو حكومة بن حبتور بمرتب بعد كل الشهور العجاف، هل سينتظرون ولادة الحكومتين بعد تسع أشهر، بمولد مشوه ما أن يصرخ بين يديك، يلفظ أنفاسه الأخيرة على ايدي ملاك العقار، وأصحاب المتاجر، وأصحاب الديون ..الخ.
هل يمكن لأفراد هذه الطبقة ان يتوحدون؟ – على الرغم من مصالحهم المتشعبة- لإحداث التغير، مدفوعين بمشاعرهم الوطنية، حتى يصلون للنظام المطلوب المجسد لهم. وعدم اكتراثهم بسلطة وحاكم، وعرش لا يرتفع فوق رؤوس الشعب، ولا يستقر الا فوق اعناقهم. ولا حياة له إلا بما يأخذ من حياة أفراد شعبه، ولا قوت له ألا بما يغتال من قوتهم، ولا عظمة ولا كرامة الا بما يسلب من عظمتهم وكرامتهم.
أما الأغلبية الصامتة، انطوت على نفسها تنتظر الفرج والمخلص بعد ان جربت الساحات، والميادين، ولم تصل لغايتها، ووجدت ان السلطة في اليمن تتقلب ولا تتغير، وأنها مغيبة عن ممارسة السلطة، مكتفيتا بأحزاب تنوب وتقرر عنها، فتسرق أحلامها، وتسلب إرادتها، باستمرار صراعها على السلطة لا لذاتها، لكن على الثروة التي يمكن ان تتولد لديهم، من خلال مقاليد السلطة التي يمارسونها، عن طريقها يمكن ان يرشى أفراد المجتمع، واخر يُجند يقتل بالمال كل من يقف ضد زوالها، ما السر في ذلك؟ السر هو أن ثروة المجتمع ليست موزعة عليهم، إنما تحتكرها فيئة من يمسكون بزمام السلطة، ويكتفي الشعب بالعبارات المعسولة “السلطة والثروة بيد الشعب” كما يرد في الدستور-ان كان ثمة دستور يؤمن به- عندما تجد شخص يملك منطقة كاملة من أراضي وعقارات الدولة ثم يوزعها على أنصاره كي يكسب ولاهم ثم يذهب لتسجيلها في السجل العقاري، كان ينبغي للقوة الحية في المجتمع ان تقول ليست ملك لك، إنما هي ملك المجتمع، لكن تم التصرف فيها لظروف قهرية للمجتمع العاجز عن الدفاع عن حقوقه بسبب التسلط والنفوذ السلطوي وغياب المؤسسات القادرة على الوقوف امام ذلك النفوذ، تلك الظروف مكنتكم من أخذ اموالنا وثروتنا المشتركة ثم قهرنا وعبوديتنا لكم.
الاستغلال السياسي والاقتصادي في اليمن أوجد وضعاً سيئا افرز كل المآسي والصراعات والحروب، عندما لا تمتلك مؤسسة عسكرية -وزارة الدفاع أو الداخلية مثلا- اراضيها من عقارات الدولة والوطن والمؤسسة العسكرية التي ينتمي اليها، يصبح عضو هذه المؤسسة عبدا لمن يتفضل عليه بقطعة ارض، ينصاع لقوي الاستغلال التي تسيطر على أراضي الدولة، ويدين بتلك العبودية الجديدة توجهه في مقاومة الشعب مهما كانت المبررات، وتوزع عليه صكوك الجنة والغفران، عندئذ تموت الحرية ويموت الشعب، ويضل أفراده يشعرون بعدم الأمان على دينهم، وانفسهم ،واموالهم ،واعراضهم.
فهل يتحرك الشعب يوما كي يستجيب لهم القدر!!.
د. عادل محمد العذري
أستاذ مشارك – جامعة صنعاء