ما ان نذكر كلمة الصحة حتى نردفها بكلمة العافية ،وتلك عادة في معظم بلادنا العربية، وبحسب القاموس فالعافية هي الصحة التامة.
اما العافية عند العامة بالمغرب ومعظم شمال إفريقيا فهي تعني النار . وفي كل حوار أخوي عن المفردات يُذكر هذا الاختلاف لكلمة عافية ودلالتها في المغرب العربي .ومن الطرائف حينما يقول شخص لآخر “يعطيك العافية” في المغرب، فان المعنى يحمل معنى الدعاء على الشخص المقابل، وهو عكس ما عليه الحال في اللهجات العربية المشرقية، حيث يراد من الكلمة المديح.
ولن أخوض جدلا في اصل الكلمة لغة ومصطلح، خاصة والاراء عديدة ومنها رأي يقول بأن أصل كلمة العافية بالمغرب العربي هي كلمة امازيغية ( العافيت) و يعني النار.
وقد قرأت ذات يوم عن موقف طريف أعجبني حيث ذكر أحد علماء اللغة المعاصرين طرفة تقول :
( قال مشرقي لمغربي:
أسأل الله لك العافية
فقال المغربي: آمين، ونجاك الله منها ! )
وكلاهما محسن في قوله .
ويهمني هنا ان أورد وجه الشبه بين مفردة يمنية مع أخرى في شمال إفريقيا .
وهنا اذكر تشابها يمنيا مع هذا الاستخدام، فنحن باليمن خاصة في ريفنا بتعز واب ، ما زلنا نقول عن الماء الذي يصل إلى درجة الغليان انه ( يعفي) اي يغلي. وجاء اللفظ مطابقا لشدة السخونة.
وذلك لعمري تطابق واضح ، وحتى القهوة التي تصل إلى الغليان يقولون عنها في قرانا اليمنية أنها صارت تعفي اي تغلي.
وقيد وقيد
ومثل استخدام تشابه كلمة عافية ،استخدامنا لكلمة (وقيد)،
ففي بلدان المغرب كلها تقريبا تكون كلمة وقيد بمعنى عيدان الكبريت، وهي كلمة صحيح قاموسيا
فحسب تعريف معنى الوقيد في معجم المعاني الجامع –
( وَقيد: (اسم)
وَقِيدُ النَّارِ :وَقُود، ما تُشْعَل به النّار كالحطبِ ونحوِه
وَقِيد :أعواد الكبريت التي يُشْعَل بها)
وفي اليمن نسمي الجمر المشتعل ( وقيد) ، وكل فحم تحول إلى جمرة حمراء يقول اليمنيون عنه وقيد . وهو صحيح واسما حسب القاموس نقول
مَوقِد:
الجمع : مواقِدُ
والمَوْقِدُ : اسم مكان من وقَدَ: موضع اتّقاد النّار
واليمن يستخدم كلمة موقد حتى الآن بشكل واسع.
ومازلنا نقول إتقاد الشوق عندما يشتعل فينا الحنين
والخلاصة مهما اشتعلت نار البعد وتباعدت الجغرافيا، يبقى وقيد المحبة يشعل عافية الشوق بردا وسلاما في قلوبنا.
ولن اقول يعطيكم العافية بل السعادة لتبقى الأمة بين قوسي مشتعل بإتقاد شوق اللقاء.
وإلى خاطر جديد حول المشترك الجميل
الكاتب سفير اليمن في المغرب
نقلا عن صفحته علي فيسبوك