عادت المليشيا الحوثية للسطو على المزيد من عقارات وأراضي الدولة في صنعاء ومدن يمنية أخرى مبتكرة ذرائع وطرقا متعددة لاستكمال سيطرتها على العقارات الخاصة والعامة لمصلحة كبار قادتها ضمن موجة نهب جديدة،
المليشيا نشطت مؤخراً في شراء المئات من العقارات والأراضي المملوكة لمواطنين في أحياء متفرقة من العاصمة صنعاء ودفع مشرفون حوثيون مبالغ مالية طائلة تصل إلى مليارات الريالات في شراء أراضي وعقارات، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار العقارات.
نقلت مصادر مطلعة في أراضي وعقارات الدولة أن عمليات التجريف والاستيلاء والنهب بقوة السلاح لأراضي الأوقاف والمواطنين والمستثمرين تقف خلفها عصابات إجرامية متعددة تدعمها وتمولها وتساندها قيادات حوثية بارزة.
نشط المشرفون الحوثيون في شراء الأراضي والعقارات شهد نشاطا غير مسبوق خلال الفترة القليلة الماضية بالتزامن مع عمليات النهب والسطو والاعتداء على أراضي المواطنين والدولة بصورة وصفت بـالمخيفة.
نهب العقارات تعد واحدة من أبشع الجرائم التي اعتادت المليشيا الحوثية على ارتكابها وتندرج ضمن محاولاتها المستمرة لإذلال اليمنيين وتضييق الخناق عليهم وإفساح المجال أمام أتباعها للتمدد والسيطرة وتكوين ثروات مالية طائلة.
سطو في إب
أراضي الدولة والمواطنين في محافظات تخضع لسيطرة المليشيا لم تكن بمنأى عن مسلسل السطو والنهب الحوثي، ففي محافظة إب نفذت المليشيا منذ ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وحتى آواخر مارس الماضي المئات من عمليات الاعتداء على أراضي مواطنين بعدة مديريات بالمحافظة إذ تعرضت أراضي مواطنين كثر في مديريات “الظهار والمخادر والمشنة وحبيش والعدين والحزم ويريم” وغيرها، لتعدٍ وبسط ونهب من قبل العصابات الحوثية، وذلك ضمن عملية استهداف واسعة، لم تشهد لها إب مثيلاً.
سكان ومصادر محلية في إب يشكون من استمرار سياسات العبث والنهب والسطو التي تمارسها القيادات الحوثية بحق أراضيهم وممتلكات الدولة.
وفي محافظة الحديدة واصل قادة المليشيا نهب أراضي المواطنين وأملاك الدولة، وفي محافظة ذمار واصلت العصابة الحوثية، نهبها لأراضي المواطنين والدولة بمناطق متفرقة من المدينة ومديرياتها.
مصادر محلية أكدت قيام المليشيا بالمحافظة وعبر مجموعة من القضاة بنهب مساحات واسعة من الأراضي التي تعود ملكيتها لمواطنين من أبناء ذمار متخذين خلال ذلك أساليب متنوعة للاستحواذ عليها دون أي مسوغات قانونية.
مقر المؤسسة الاقتصادية
حولت المليشيا أجزاء من مقر المؤسسة الاقتصادية اليمنية إلى محال تجارية، وقامت بتأجيرها لموالين لها حسب مواطنين، مشيرين إلى أن اعتداءات المليشيا طالت أرضية تابعة لضباط القوات الجوية بمنطقة سعوان (شمال شرقي العاصمة)، بالإضافة إلى أراض كانت الدولة قد منحتها لأهالي شهداء القوات المسلحة قبل الانقلاب عام 2014.
في السياق اقتطع مشرفون حوثيون آخرون أجزاء من حديقة هايل وسط صنعاء لإنشاء محال تجارية خاصة بهم كما فقدت الكثير من الحدائق والمتنزهات مساحات استخدمت لبناء محال ومقاهٍ لصالح المليشيا الحوثية.
مصادر تربوية في صنعاء أكدت قيام قادة من المليشيا في منتصف مارس الماضي ببيع مساحة واسعة أمام مدرسة الشعب الواقعة بالقرب من سوق شعبية وسط صنعاء، بمبلغ 3 مليارات ريال وتم توزيع عائد ساحة المدرسة بين قيادات نافذة في المليشيا الأمر الذي أثار استياءً واسعاً في أوساط مواطنين وتربويين.
حسب مصادر تربوية فإن المدعو يحيى الحوثي، شقيق زعيم العصابة الحوثية كان الرأس المدبّر لصفقة بيع ساحة المدرسة وتحويلها إلى محال تجارية.
نهب أكثر من 80% من أراضي الدولة
يقدر مراقبون محليون أن عمليات السطو الحوثية طالت منذ الانقلاب أكثر من 80% من أراضي وعقارات وممتلكات الدولة في كل من صنعاء ومناطق يمنية أخرى.
ويرى المراقبون أن عمليات السطو الحوثية وكذا الشراء النشط في الوقت الحالي للأراضي والعقارات يأتي ضمن عملية التغيير الديموغرافي التي تنفذها المليشيا في صنعاء ومدن أخرى بهدف التموضع بعيد المدى وتغيير البنية السكانية للمدن.
عادة ما تتبع المليشيا أساليب متنوعة للاستحواذ على الأراضي دون أي مسوغات قانونية فقد أوضحت مصادر خاصة بالحديدة أن القيادي الحوثي المدعو حسين إسماعيل الحوثي، قام عدة مرات بتزوير البصائر والإثباتات القانونية لأراضي المواطنين التي قام ويقوم بنهبها.
ووفقا لمعلومات فإن القيادي الحوثي يقوم بتزوير البصائر بإيجاد تحكيم صوري غير قانوني، ثم يبدأ باستخراج أوامر لتنفيذ الحكم المزور، وفي الأخير يقوم ببيع الأرض المنهوبة بالتعاون مع مدير أمن مديرية الجراحي المعين من قبل المليشيا المدعو هاني حزام الأشول.
وفي ذمار استخدمت المليشيا عددا من القضاة لتزوير الوثائق الخاصة بالأراضي، ولتسهيل عملية النهب الممنهجة، واشترطت أن تكون جميع الأراضي المنهوبة باسم القاضي محمد عبد الله إسماعيل الشجني المعين من قبلها مسؤولا عما تسميه الجماعة لجنة المظالم.
مصادر كشفت عن أسماء بعض القضاة الذين سهلوا للمليشيا عمليات النهب لأراضي وأملاك المواطنين بذمار من بينها-وفقا للمصادر- : القاضي أبو حسن الديلمي والقاضي أبو الحسين المروني وآخر يدعى الموشكي، وجميعهم يعملون في محاكم ذمار، فيما لا يزال هناك قضاة آخرون لم تتمكن المصادر من معرفة أسمائهم.
ماهو مؤكد أن عملية التجريف الواسعة للأراضي والعقارات، لا يتم توثيقها خصوصاً وأن أغلب الأشخاص والجهات المعتدى على أراضيها وعقاراتها لا تقوم بتوثيق الوقائع، إما نتيجة لتهديدها من قبل أفراد العصابة وإما لمعرفة الملاك المسبقة بعدم جدوى اللجوء إلى الشرطة والقضاء الخاضعين للمليشيا.
احتكار عملية البيع والشراء
فرضت المليشيا في عموم مناطق سيطرتها قيوداً على بيع العقارات والأراضي، في خطوة أرادت من خلالها أن تحتكر عملية البيع والشراء كوسيط بين البائع والمشتري الأمر الذي مكنها من احتكار العملية والاستيلاء على أكبر قدر من العقارات والأراضي.
في الشق الآخر ولأجل التضييق على مستأجري العقارات كي تخلو الساحة لهم تنفذ مليشيا الحوثي حملة مداهمة مستمرة طالت مستأجري العقارات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم لإجبارهم على دفع إتاوات.
وترسل المليشيا مسلحيها على متن أطقم قتالية، إلى مستأجري العقارات لإرغامهم على دفع مبالغ مالية تحت مسمى ضرائب العقارات إذ ترغم المستأجرين على الدفع نيابة عن الملاك وأصحاب العقارات، الذين سُلبوا في السابق مبالغ مالية بذات الحيل التي تمارسها المليشيا.
التصعيد الحوثي توسع في الآونة الأخيرة ضد التجار والمستثمرين وعامة الناس، وافتعال أزمات المشتقات النفطية، لفرض مبالغ مالية على اليمنيين تحاول المليشيا من خلالها سد النقص المالي الذي أصابها.
ما هو معروف أن المليشيا الحوثية عمدت منذ سيطرتها على الدولة، بقوة السلاح، إلى نهب وإفراغ خزائن المؤسسات الحكومية وعلى رأسها البنك المركزي اليمني وعدد من البنوك الخاصة ومؤسسات التأمينات الاجتماعية واقتحمت وداهمت عدداً من شركات القطاع الخاص وأممت ممتلكاتها، إضافة إلى مساعيها المحمومة لنهب أراضي وعقارات الدولة لتضخيم ثرواتها واستحدثت عدداً من الشركات الجديدة لغسل أموالها المنهوبة.
مصادر اقتصادية تؤكد أن مليشيا الحوثي قامت بتحويل الأموال التي نهبتها وتنهبها من موارد الدولة إلى عقارات، خاصة أنها تخشى إيداعها في البنوك أو اكتنازها في البيوت مشيرين إلى أن المليشيا تتسابق في استثمار معظم الأموال المنهوبة في العديد من القطاعات أهمها العقاري والخدمي والمصرفي وتجارة الوقود والأدوية.
المليشيا تجني من وراء تلك الاستثمارات أرباحاً طائلة بعد تحييد القطاع الخاص الحقيقي وتمزيقه واستئثارها بالسوق لصالح شركاتها على حساب أسماء تجارية كبيرة في السوق اليمنية.
استحداث أبنية ومجمعات سكنية
وظهرت تلك الأموال المنهوبة في شكل مشاريع استثمارية، إذ قامت المليشيا باستحداث وبناء مجمعات سكنية ومراكز تجارية عدة، وحولت العقارات التي استحوذت عليها بقوة السلاح أو قامت بشرائها من أموال اليمنيين المنهوبة، إلى مواقع استثمارية تعود ملكيتها لقيادات في المليشيا الانقلابية الذين بدورهم أوكلوا إلى أشخاص موالين لهم مسؤولية تشغيلها.
وعلى صلة بالموضوع، كشفت معلومات أمنية في صنعاء عن قيام نافذين في مليشيا الحوثي بتنفيذ أكثر من 1200 عملية سطو على أراض عامة وخاصة في العاصمة صنعاء وحدها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
ما أشار إليه اقتصاديون تؤكده الوقائع وكثير من القصص تحدث أمام الناس يوميا منها أن أحد قيادات الصف الثالث لمليشيا الحوثي ويدعى “ابو كهلان” اشترى في قت قريب عمارة من ستة طوابق في حي “حزيز” جنوبي صنعاء بقيمة 970 مليون ريال يمني عن طريق مكتب عقارات تابع لقيادي آخر يدعى “سمير المروني”.
مقربون من القيادي أكدوا أن أبو كهلان كان -حتى وقت قريب- من ذوي الدخل المحدود جدا، و يسكن في منزل شعبي من طابقين، مبدين استغرابهم الشديد “من هذه الثروة الضخمة التي هبطت عليه فجأة”!!.
مواقع استراتيجية
المليشيا الحوثية عادة ما تركز أثناء عملية السطو على أراض ذات مواقع استراتيجية كونها أكثر الأراضي جنياً للأموال.
ومقابل هذا البذخ والثراء الفاحش الذي هبط على اسر محددة من مليشيا الحوثي، يشكو غالبية اليمنيين من غلاء معيشي وجوع وفقر وأمراض تفتك بعائلات بأكملها في ظل استمرار انقطاع الرواتب وانهيار سعر العملة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والصحية.