نعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان المناضل عبد الرحمان اليوسفي الذي وافته المنية صباح اليوم في بلده المغرب، بعد مسيرة كفاح طويلة يهتدي بها كل حقوقي، ومثلت مسيرته رمزا في التناغم المنشود بين النضال من أجل حقوق الإنسان والتشبث بالوطنية.
وقالت لقد تقلد الراحل الكبير العديد من المواقع السياسية والحقوقية على الصعيدين الوطني والدولي، وكان واحدا من الوباء المؤسسين للمنظمة العربية لحقوق الإنسان وفي مقدمة قياداتها عبر انتخابه لموقع نائب رئيس مجلس أمناء المنظمة، وقيادته للجنة التي خاضت الكفاح لحصول المنظمة على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة في مواجهة مندوبي ١٦ حكومة عربية.
بادر مع جيل من رواد حقوق الإنسان في المغرب في تأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والتي أسهمت في إنتاج الرافد الرئيسي لعملية الإصلاح الواسعة التي شهدتها المملكة المغربية في مطلع عهد الملك محمد السادس وتحت إدارة أول حكومة تناوب على السلطة ترأسها الراحل عبد الرحمان اليوسفي في العام ١٩٩٩.
كان محاميا بارزا وعلما من أعلام القانون ورائدا في الدفاع عن الحقوق والخريات، وانتخب عضوا بالمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، وأمينا عاما مساعدا للاتحاد.
وعلى الصعيد السياسي، كان عبد الرحمان اليوسفي من الرعيل الأول في الحركة الوطنية التي خاضت معارك الاستقلال، وخاضت بعضها معركة الانتصار للديمقراطية والتعددية، وترأس حزب الاتحاد الاشتراكي، وخاض غمار محن كبرى في تاريخ السياسة المغربية منذ ١٩٦٥، ورغم تزعمه للمعارضة، إلا أنه أبى أن يكون مخلب قط ضد الحكم في بلاده.
حظي الحزب تحت زعامته بالثقة الشعبية في الانتخابات التي تميزت بتوسيع الهامش الديمقراطي في العام ١٩٩٩، وترأس الراحل عبد الرحمان اليوسفي أول حكومة تناوب سلمي على السلطة في البلاد بعد عقود من احتكار التشكيلة الحكومية للموالاة.
وقادت حكومة اليوسفي أكبر عملية إصلاحات في تاريخ البلاد منذ الاستقلال، وكانت من أولى الحكومات التي ضمت وزارة مختصة لحقوق الإنسان، وتأسست خلالها هيئة الحقيقة والمصالحة التي نفذت أول مسار عدالة انتقالية مثمر في المنطقة العربية ودعمت روح المصالحة الوطنية والانتقال الديمقراطي في البلاد، كما تطورت التشريعات ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتم توسيع وتطوير البنية المؤسساتية لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك تطوير استقلال وولاية المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وإذ تنعي المنظمة المناضل الكبير والرائد عبد الرحمان اليوسفي، فإنها تتقدم لأسرته وتلاميذه والشعب المغربي بالتعازي، داعين الله أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته