منذ استيلائها على العاصمة صنعاء سعت مليشيا الحوثي إلى تجريم مهنة الصحافة وإطلاق تعليماتها المتعجرفة صوب الأقلام الحرة مستندة في ذلك الفعل الاجرامي إلى توجيهات زعيمها عبدالملك الحوثي الذي اعتبر أقلام الصحفيين أكثر خطرا من البارود.
قبل خمس سنوات تربصت مليشيا الحوثي بصحافيين وهاجمتهم إلى مقر إقامتهم في إحدى فنادق العاصمة المختطفة صنعاء واقتادتهم إلى جحيم زنازينهم.
منع الزيارات
منعت مليشيا الحوثي الزيارات عن الصحفيين المختطفين في سجونها بالعاصمة صنعاء، في انتهاك صارخ لكل القيم والمواثيق الدولية والإنسانية بحسب بلاغات لرابطة أمهات المختطفين.
إدخال الدواء والغذاء هو الآخر منع عنهم في الوقت الذي يعاني الكثير منهم من الأمراض المزمنة والخطيرة بسبب أساليب تعذيبهم في السجون وظروف المعتقلات الصحية السيئة.
تعذيب وإدانة
بلاغات عدة تلقتها رابطة أمهات المختطفين اليمنيين من أهالي الصحافيين المختطفين أفادت بتعرض أبنائهم للضرب المبرح بعد نزع ملابسهم، وتركهم لأكثر من أربع ساعات في البرد القارس.
رابطة أمهات المختطفين وجهت نداء استغاثة لإنقاذ الصحفيين المختطفين الذين يتعرضون للتعذيب في سجون مليشيا الحوثي بصنعاء، وحملت مليشيا الحوثي المسئولية الكاملة عن صحة وسلامة المختطفين.
وقالت الرابطة في أحد بيانها:إن مليشيا الحوثي قامت بتعذيب العشرة الصحفيين المختطفين في سجن الأمن السياسي بالضرب والسب.. إذ قام مشرفو السجن بقيادة مديره المدعو يحيى سريع بالاعتداء على العشرة الصحفيين بالضرب والسب، وحرمانهم من ملابسهم وأدويتهم.
الرابطة في بيانها دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى سرعة التدخل لإنقاذ أبنائنا الصحفيين المختطفين في سجون الحوثي، والعمل بالتزامها الإنساني والقانوني في حماية الإنسان، كما طالبت بمحاسبة الجناة الذين يقومون بعمليات التعذيب الممنهج بحق جميع أبنائنا المختطفين والمخفيين قسراً.
تدهور الصحة
المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين (صدى) كشفت عن تدهور الوضع الصحي للصحفيين المختطفين لدى مليشيا الحوثي في سجونها بصنعاء منذ نحو خمس سنوات.
وقالت في بيان لها: إنها تلقت بلاغات ومعلومات تؤكد أن الصحفي حارث حميد تعرض لتدهور مريع في نظره (رؤية العينين) وبات يعاني من صداع مستم وانه يحتاج لإجراء عمليات جراحية للعيون.
وأضافت أن الصحفيين الآخرين وهم عبدالخالق عمران يعاني من انزلاق في العمود الفقري وعصام بلغيث أصبح مصابا بالرماتيزم بدأ تأثيره على القلب وتدهور النظر عنده بشكل كبير أيضا، وهشام طرموم بات مصابا بمرض الكبد وأكرم الوليدي مصاب بمرض بالسكر وقرحة المعدة، وهشام اليوسفي مصاب بحالة نفسية، وصلاح القاعدي مصاب بضعف حاد وسوء تغذية، وتوفيق المنصوري مصاب بمرض الكبد وتدهور النظر لديه أيضا.
إحالة إلى المحاكم
رئيسة رابطة أمهات المختطفين أمة السلام الحاج كانت قد أكدت أن مليشيا الحوثي وعدت الصحفيين بالإفراج عنهم بمناسبة المولد النبوي لكنها نكثت بوعدها كان ذلك في العام 2019.
وأوضحت أن أسر الصحفيين المختطفين ظلوا منتظرين أن تفي مليشيا الحوثي بوعودها بالإفراج عنهم، لكنها وبدلاً عن الوفاء بذلك، أحالت ملفهم للمحكمة.
في 9 يوليو 2019، قررت المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة والإرهاب في صنعاء إعدام 30 شخصاً معتقلاً لديها بينهم سياسيون ونشطاء وإعلاميون وكأنها لم تكتف بما قامت به من جرائم التعذيب النفسي والجسدي للصحفيين، وإنما قامت بإحالتهم إلى المحكمة الجزائية المتخصصة.
مجلس القضاء الأعلى أصدر قراراً حينها قضى بعدم مشروعية المحاكم في مناطق سيطرة الحوثيين وما ينتج عنها من أحكام غير قانونية واعتبار ما يصدر عنها هو ممارسة الابتزاز وجباية الأموال فقط.
المسؤولة عن مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود قالت: “بعدما حرمهم الحوثيون من الحرية تعسفًا لمدة أربع سنوات، واحتجزوهم في ظروف مروعة، تحت هول التعذيب، يواجه الصحفيون العشرة خطر الإعدام”، مضيفة أن منظمة “مراسلون بلا حدود تطالب بالإفراج عنهم فوراً ودون قيد أو شرط”، كما دعت مراسلون بلا حدود إلى إسقاط التهم الموجهة إليهم.
مطالبة بالإفراج
نقابة الصحفيين اليمنيين عبرت عن قلقها البالغ إزاء أوضاع الصحفيين المختطفين والمعتقلين في سجون مليشيا الحوثي مطالبة بسرعة الإفراج عنهم، احترازًا من وباء كورونا.
وقالت النقابة في بيان لها- في 31 مارس المنصرم- :إنها تتابع بقلق بالغ الأوضاع الصحية للصحفيين المعتقلين في سجون الحوثي بصنعاء خاصةً في ظل هذا الوضع الكارثي والعصيب الذي يشهده العالم بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، والتحذيرات للمنظمات الحقوقية الدولية من تدهور الأوضاع الصحية للمعتقلين.
وأشارت النقابة إلى “أن الظروف القاسية وغير الإنسانية المحيطة بالصحفيين المختطفين الذين يشكون من الأمراض المزمنة، والمعاملة القاسية، وسوء أماكن الاعتقال التي تفتقر للنظافة، وللنظام الغذائي الجيد، ناهيك عن التعذيب الذي تعرض له الصحفيون خلال فترة اعتقالهم”.
وجددت النقابة تأكيدها على ضرورة إطلاق سراح الصحفيين، وكل معتقلي حرية الرأي والتعبير، والنشطاء السياسيين والاجتماعيين، وكافة المعتقلين؛ تفاديا لأي أضرار قد تلحق بهم، خصوصا في ظل انهيار الوضع الصحي في اليمن”.
إعدام
مليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران أصدرت أمس السبت أحكاما قضت بمعاقبة أربعة صحفيين بالإعدام وهم ” عبد الخالق أحمد عبده عمران، وأكرم صالح الوليدي، وحارث صالح حميد، وتوفيق محمد ثابت المنصوري ومعاقبة الصحفيين” هشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم راوح الشهاب، وعصام بلغيث، وحسن عناب، وصلاح القاعدي”، بالحبس مكتفية بالمدة التي قضوها، ووضعهم تحت رقابة الشرطة لمدة ثلاث سنوات.
الحكم الجائر أتى في الوقت الذي يطالب فيه العالم بالإفراج عن المعتقلين والمختطفين خصوصاً مع مداهمة فيروس كورونا العالم.
تنديد وإدانة
إزاء ذلك نددت عدد من المنظمات الإعلامية والحقوقية، بالأحكام الجائرة والتعسفية التي أصدرتها مليشيات الحوثي المتمردة بحق عدد من الصحفيين المختطفين.
منظمات حقوقية وإعلامية اعتبرت هذه الأحكام غير قانونية وتعسفية كونها صادرة عن جهة غير مختصة، إضافة لكونها تسييس للقضاء واستغلال سيطرتها عليه لتنفيذ اجندة خاصة بها.
نقابة الصحفيين اليمنيين نددت بالأحكام ودعت المنظمات المهتمة بحرية الرأي والتعبير لإدانة الحكم وإسقاطه، وقالت في بيان لها اليوم “أنها ترفض هذا الحكم الجائر والمتعسف لحرية الرأي والتعبير وتعتبره استمرارا لمسلسل التنكيل والجرائم التي ارتكبت بحق زملائنا الصحفيين ابتداء بالخطف والإخفاء مرورا بالتعذيب وظروف الاعتقال القاسية والتعامل معهم خارج ضمانات ونصوص القانون وحرمانهم من حق التطبيب والزيارة مرورا بالإيذاء النفسي لهم ولأسرهم والتوحش المتخذ تجاه مهنة الصحافة والعاملين فيها”.
مناورة سياسية
منظمة سام للحقوق والحريات من جهتها أدانت أحكام الإعدام التي أصدرتها مليشيا الحوثي أمس ضد أربعة صحفيين تختطفهم في العاصمة صنعاء منذ خمس سنوات.
وأكدت “سام” التي تتخذ من جنيف مقراً لها أن هذا الحكم يتطلب تحركا عاجلا من المجتمع الدولي، ويؤكد أن مليشيا الحوثي تستخدم السلطة القضائية للمناورة السياسية ولتصفية الحسابات ضد خصومها الذين تخوض معهم صراعا مسلحا منذ خمس سنوات.
غير قانونية
من جهتها المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين “صدى” دانت الأحكام الصادرة عن مليشيا الحوثي المتمردة، بحق الصحفيين المختطفين، ودعت للإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط، واعتبرت الأحكام بأنها غير قانونية كونها تصدر من جهة غير مختصة.
وعبرت منظمة صدى عن أسفها من استغلال القضاء من قبل مليشيا الحوثي المتمردة في المكايدات السياسية، داعيةً المبعوث الدولي والمنظمات الدولية للضغط على مليشيا الحوثي للإفراج عن الصحفيين المختطفين.
تسييس القضاء
مرصد الحريات الإعلامية في اليمن عبر عن إدانته أحكام الإعدام التعسفية التي أصدرتها محكمة تابعة لمليشيا الحوثي أمس بحق عشرة صحفيين قد اختطفتهم قبل خمس سنوات على خلفية عملهم الصحفي.
واعتبر المرصد هذا الحكم الجائر تسييساً واضحا للقضاء وإمعانا من قبل مليشيا الحوثي في استمرار سياستها في تكميم الأفواه وخنق الحريات الإعلامية والصحفية، والتنكيل بالصحفيين وقادة الرأي المناوئين لها.
من جهتها منظمة رايتس رادار عبرت عن ادانتها لهذه الأحكام، وقالت في تغريدة لها على تويتر: ” ندين بشدة إصدار أحكام بالإعدام ضد الصحفيين اليمنيين عبدالخالق أحمد عمران، وأكرم الوليدي وحارث صالح حميد وتوفيق المنصوري من محكمة تابعة لمليشيا الحوثي في صنعاء”.
وجاء حكم الإعدام بعد يومين من اصدار الاتحاد الدولي للصحفيين بيانا يدعو للإفراج عن جميع الصحفيين المختطفين في اليمن بما فيهم الصحفيين العشرة.