بعد أن فشلت على مدى خمس سنوات متتالية في إحراز أي تقدم عبر المواجهات المباشرة في جبهات تعز المختلفة رغم هجوماتها التي لا حصر لها والعدة والعتاد الهائل الذي تملكه وتلقيها خسائر فادحة في الأرواح والسلاح وخسارة مواقعها في الجبهات لجأت المليشيا الحوثية إلى حيلتها التاريخية حيث إثارة الفوضى والقلاقل الأمنية ونقل المعارك من الجبهات إلى الداخل عبر خلايا نائمة الأمر الذي يسهل عليها التقدم.
محافظة تعز تظل هدف المليشيا الحوثية وهذه المرة غير زراعة عشرات الخلايا النائمة، وتكفلت بدعم مخططات الفوضى داخل المدينة إلا أن الجيش والأمن وبمساندة المكونات السياسية والمواطنين كانوا يدركون فظاعة المؤامرة وحقارة المخطط، فقضوا على أحلام مليشيا إيران وبقيت واقفة بقوة وستستمر كذلك حتى القضاء على الانقلاب.
“26سبتمبر” التقت مساعد مدير الأمن لشؤون الأحياء السكنية بمحافظة تعز العقيد سمير الأشبط وخرجت معه بالحصيلة التالية:
* لجأت المليشيا الانقلابية إلى زرع خلايا نائمة داخل المدن المحررة لإسقاطها من الداخل.. هل أخذت تعز الرسالة مبكرا والاستعداد للتعامل معها؟
مدينة تعز معروف أنها مهمة جدا للشرعية وللوطن ككل فهي حصن الوطن وقلعة الجمهورية وبالتالي فإن تعز تعي هذه الأهمية وتعمل بكل الوسائل ومعها كل الوطنيون من مختلف محافظات الجمهورية على احباط كل المؤامرات والدسائس والمخططات الرامية إلى إضعاف الشرعية والقضاء على الجمهورية ومحاولات وأد مشروع اليمن الاتحادي.. المشروع الذي يحلم بتحقيقه كل أبناء الوطن.. لعل من ابرز تلك المخططات الساعي إلى اسقاط المدن الحاضنة للشرعية بما فيها مدينتا تعز ومارب من الداخل عبر الخلايا النائمة كما حدث مؤخرا في مديرية الغيل بمحافظة الجوف والذي أدى إلى سقوط مدينة الحزم مركز المحافظة.. وبالتالي أخذت تعز الرسالة مباشرة وسارعت في التفاعل الإيجابي مع هذه الأحداث إذ اتخذت اجراءات أمنية عديدة استطاعت من خلالها أن تكبح طموح المليشيا الانقلابية في النيل من تعز أو محاولة إثارة الفوضى فيها.
* ما ابرز تلك الإجراءات؟
هناك اجراءات كثيرة أهمها انتشار أفراد اللجنة الأمنية في كافة مربعات المدينة بما فيها الشوارع الرئيسية والفرعية والحارات بالتنسيق مع عقال الحارات للتعامل مع أي حالات مشبوهة.
* ماذا تحقق من هذه الإجراءات؟
اسفرت تلك الإجراءات عن إلقاء القبض على عدد من الخلايا النائمة وعدد من المطلوبين أمنيا.
* بماذا خرجتم من التحقيقات مع تلك الخلايا؟
وجدنا بأن مخططات تفيد بأنه كان يراد لتعز أن تسقط سواء في أيدي الانقلابيين الحوثيين ومن والاهم أو تسقط في مستنقع الفوضى حتى يشعر المواطن أن الأمن غير مستتب في المدينة، ويبدأ بالمقارنة بين هنا وهناك، لكن فوتنا هذه الفرصة عليهم وأصبحنا نقول للآخر: نحن هنا ولن تتجاوزونا.
* هناك جماعات مسلحة تسير في نفس خط المليشيا الحوثية وإن كانت تدعي أنها لا توافقه.. ما استعدادات الأجهزة الأمنية لمواجهة هذه الحالات؟
طبعا هناك استعدادات كبيرة لمواجهة هذه الجماعات التي تعمل في ذات الاتجاه الذي يعمل به الانقلابيون وان كانوا يدعون عدم موافقتهم لهم، وبالتالي نحن ننظر إلى كل من يعمل على زعزعة الأمن والاستقرار داخل تعز على أنه يعمل مع المليشيا الحوثية شاء أم أبى، وبناء على ذلك يتم التعامل معه بذات الطريقة التي نتعامل بها مع الانقلابيين الحوثيين.
* يلاحظ بوجود تجاوزات من بعض منتسبي الجيش وتضر بسمعته.. هل يتم التعامل معها؟
بالتأكد.. التجاوزات التي يقوم بها بعض منتسبي الجيش تسيء لتعز وجيشها وأنا أقولها بمرارة لكن هناك إجراءات أمنية قوية واحكام قضائية للتعامل مع هذه الاختلالات وعقدت اجتماعات بين السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والسلطة القضائية خرجت بقرارات قوية لمعالجة هذه المشاكل والسلوكيات والتصرفات الفردية، ويجري حاليا تنفيذ تلك القرارات.
* ما دور المواطن في اسناد الأجهزة الأمنية وحفظ الأمن والاستقرار داخل المدينة؟
تعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية ليس بجديد فقد أثبت ابناء تعز عشاق العلم والثقافة للعالم أجمع عند اجتياح المليشيا الحوثية للمدينة عام 2015 حيث وضعوا أقلامهم جانبا وحملوا السلاح للدفاع عن مدينتهم وصد العدو الحوثي الغاشم واستطاعوا أن يلقنوه دروسا قاسية وابعدوه إلى أطراف المدينة ولن يتمكن من العودة إليها مهما حاول.
هذه النقطة كانت فارقة في ثقافة ابناء تعز وتكرر هذا الموقف عندما استشعر أبناء المحافظة أن المليشيا الحوثية تحاول العبث وإسقاط محافظتهم من الداخل عبر الخلايا النائمة التفوا التفافا واضحا وقويا حول أجهزة المحافظة الأمنية فيقومون بتقديم البلاغات حول الحالات المشبوهة أو التحركات المريبة بل ووصل الحال إلى درجة أنه يقوم بإلقاء القبض عليه وتسليمه إلى أقرب مركز شرطة أو إلى أقرب نقطة للجنة الأمنية المنتشرة في المدينة وبالتالي أصبح المواطن جزءا لا يتجزأ من اللجنة الأمنية ومادام وأن المواطن التعزي يدرك أنه واللجنة الأمنية ومختلف الأجهزة الأمنية يؤدون مهمة واحدة فلن تتمكن أي مليشيا من النيل من تعز.
* ماذا عن المكونات السياسية والإعلامية؟
الجيش واللجنة الأمنية والأحزاب والإعلاميين والمواطنون يدركون خطورة الوضع وبالتالي فهم يعملون جميعا لإحباط كل المخططات التآمرية على محافظتهم.
* تعمد المليشيا الحوثية إلى بث الشائعات وخلق البلابل وصناعة الصراعات وأفضل طرقها هي افتعال الاختلالات الأمنية… حدثنا عن الإعلام الأمني كيف يقوم بعمله بشكل عام وكيفية مواجهة إعلام العدو بشكل خاص؟
الإعلام الأمني يعمل ليلا ونهارا ويواكب الحملة الأمنية المنتشرة أثناء النهار والليل ويتابع منجزات الحملة الأمنية وما تحققه أولا بأول كما أنه يقوم بتفنيد الإشاعات ويوضح الحقائق ويطلع المواطنين سواء داخل تعز أو خارجها على كل جديد وكذا المتابع الإقليمي والدولي على كل ما يدور في تعز أو ما يقال عنها.
* ألا تلاحظ أن هناك قصورا ما في الإعلام سواء الإعلام الأمني أو اعلام تعز بشكل عام؟
لا شك أن هناك قصورا نتيجة المؤامرة الكبيرة على تعز، وغياب الدعم الكافي للإعلام الأمني وشحة الإمكانيات لدى رجل الشرطة، فرجل الشرطة يعمل بكل ما أوتي من قوة بإمكانيات محدودة.
* اذا توفرت الإمكانيات.. كيف سيكون الوضع برأيك؟
باعتقادي أنه لو توفر الدعم الكافي لرجل الشرطة سواء الذي في الميدان أو ما يرافقه من إعلام أمني فلا شك أننا سنري العالم أن مدينة تعز مدينة نموذجية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، سواء في الجوانب الأمنية والضبط أو في الجوانب الإعلامية أو في مختلف الجوانب الأخرى، وهذا ليس تقليلا لأي مدينة أخرى، بل لأنها باختصار حاملة المشروع الوطني.