منذ أن أحكمت سيطرتها على العاصمة صنعاء وضعت المليشيا الحوثية المتمردة يدها على الممتلكات العامة وتعاملت معها كفيد وليس كأموال عامة مملوكة للشعب اليمني.
وبعد إحكام السيطرة على الممتلكات العامة اتجهت نحو القطاع الخاص فبدأت بمضايقته بفرض إتاوات ومبالغ مالية طائلة تحت مسمى المجهود الحربي.
المليشيا ذهبت في الآونة الأخيرة إلى أبعد من ذلك حين أتت بما يسمى بالحارس القضائي في خطوة أرادت من خلالها نهب ممتلكات معارضيها وتدمير القطاع الخاص الذي سيترتب على تدميره آثارا اقتصادية كارثية وازدياد دائرة البطالة من تضرر عشرة آلاف الأسر التي كانت تعتمد على موظفي القطاع الخاص.
كانت المليشيا تحتاج إلى شرعنة ما تقوم فسيطرت على القضاء كليا ومن حينه بات القضاء مبررا لجرائم المليشيا ولم يتوان الحوثيون عن زجه في كل معاركهم ضد خصومهم ويعود ذلك إلى أن أغلب أعضاء المؤسسات القضائية والنيابية في صنعاء من الطبقة الهاشمية.
تصدر القضاء – في حملة السطو الأخيرة على الممتلكات- مهمة التشريع للنيل من خصوم المليشيا والاستحواذ على أموالهم وممتلكاتهم نهيك عن الاستيلاء على القطاع الخاص .
المليشيا الحوثية حصرت القضاء في القضايا الحساسة والسياسية، كمحاكمة رئيس الدولة وقياداتها، لكن في أمور النهب والسلب استخدمت الحارس القضائي وجاءت بشخصية من خارج القضاء.
مضايقة القطاع الخاص
في محاولة الاستيلاء على القطاع الخاص قام الحوثيون بمضايقته بشكل كبير أدى إلى إفلاس كثير من الشركات وإغلاقها وحتى الشركات التي صمدت أمامهم قاموا بمداهمتها ومصادرتها والسيطرة عليها.
فكرة الحارس
فكرة الحارس القضائي حسب محللين جاءت بعد تغييرات إدارية كبيرة في مصلحة الضرائب وفي مؤسسة القضاء وغيرها من المؤسسات التي جعلت كل هذه المؤسسات تحت سيطرتها.
وتنصب المليشيا الحوثية المتمردة شخصيات من عناصرها ليقوموا بمهمة الاستيلاء على ممتلكات ومنازل المواطنين اليمنيين الذين غادروا العاصمة صنعاء جراء البطش الذي مارسته ضدهم منذ انقلابها على الدولة في الـ21 من سبتمبر 2014م بقوة السلاح بالإضافة إلى الشركات والمؤسسات الخاصة.
وحسب مراقبين فإن مليشيا الحوثي قامت بتعيين شخصية مرتبطة بزعيم المليشيا المدعو عبدالملك الحوثي مهمتها الاستيلاء على القطاع الخاص وحجز أموال المعارضين والشخصيات السياسية المناهضة للحوثيين.
نهب مستشفيات
قطاعات المستشفيات وقعت ضمن قائمة النهب الممنهج والسيطرة على الأموال والممتلكات الخاصة. مسلسل الاستيلاء الممنهج والسيطرة على الأموال والممتلكات الخاصة يعمل بوتيرة عالية ففي وقت سابق استولت المليشيا على جميع مرافق وملحقات مستشفى “سيبلاس للأمومة والطفولة”.
المحكمة المختصة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي قامت بالحجز التحفظي على جميع أموال وممتلكات المستشفى وضم جميع المرافق التابعة للمستشفى وتعيين حارس قضائي عليه.
الحارس القضائي المعين من قبل مليشيا الحوثي على المستشفى منع مدير المستشفى من التصرف بأي أموال وممتلكات للمستشفى ووردت الأمول لصالح الحارس القضائي المعين من قبلها!!!.
المستشفى أصبح محجوزا بنسبة 100% وأمروا القائمين عليها بتوريد جميع أرباح المستشفى بجميع مرفقاته المكونة من “ناد صحي – بوفية – مركز تدريب – صيدلية – روضة – وأي مرافق أخرى للحارس القضائي.
وفي السياق ذاته فرضت المليشيا أحد مشرفيها كحارس قضائي في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا – أكبر مستشفى أهلي في اليمن- في خطوة تهدف للاستيلاء على جزء كبير من عمليات المستشفى وإيراداته.
الحارس القضائي المعين من الحوثيين في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا يتدخل تدخلا مباشرا على العمل الإداري والمالي في المستشفى.
الجماعة ألزمت مستشفى جامعة العلوم بخصم ما يصل إلى 50% من إيرادات المستشفى بما فيها رواتب العاملين لصالح المجهود الحربي لها.
اجمالا استولت المليشيا على 6 من كبريات المستشفيات الأهلية في العاصمة صنعاء وهي “مستشفى الأم، والمستشفى الأهلي، ومستشفى جامعة العلوم، والمستشفى الألماني الحديث، ومستشفى سيبلاس، والمستشفى المغربي”.
الإجراءات التعسفية ضد المستشفيات الأهلية كانت قد سبقت حيلة الحارس القضائي حيث فرضت عليها استقبال ورعاية العشرات من جرحاها المقاتلين مجاناً، وإتاوات شهرية تقدر بملايين الريالات.
نهب ممتلكات المعارضين
فيما يخص السطو على ممتلكات ومنازل المعارضين قامت المليشيا بالحجز على ممتلكات 1223 شخصاً وردت أسماؤهم في كشف مرفق من بينهم الرئيس هادي ورئيس الحكومة ومسؤولو الدولة وقيادات الأحزاب والجيش ناهيك عن إيقاع الحجز التحفظي على أموال خمسة وثلاثين .
مئات المسؤولين ممن غادروا صنعاء تم الاستيلاء على ممتلكاتهم وأموالهم ومنازلهم، وأجبرت بعض الاسر على توقيع حرمان بعض المعارضين من الميراث.
إحصائيات سابقة لأحد المركز الاعلامية أكدت قيام المليشيا الانقلابية المدعومة من إيران بالنهب والسطو على أكثر من 236 منزل لشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية معارضة لها في العاصمة صنعاء.
سلب ممنهج
بعد سطوها على مؤسسات الدولة بشكل كامل وأنهت كل ما له علاقة بالمواطن اليمني ، لجأت إلى نهب المؤسسات الخاصة في عملية كشفت نواياها المبيتة لسلب ممنهج .
المليشيا عملت على إنشاء الحارس القضائي كحيلة من حيلها لاستخدامه لعمليات الانتقام السياسي من خصومها. واتخذت الكثير من الإجراءات المشابهة بغية وضع اليد على الأملاك لمن تتهمهم بالخيانة، أو لمن لم تقم بمصادرة أملاكهم.
عملية نهب منظمة تحمل مسميات متعددة تأخذ طابعا رسميا غير أنها في الحقيقة تسعى لمصادرة أموال وممتلكات المعارضين لها دون محاكمات حقيقية أو دون أن يكون هناك حق الدفاع أمام تلك الإجراءات المجحفة بحق القطاع الخاص الذي تسعى لمصادرة أملاكه.
يؤكد محللون أن الحيلة الجديدة التي انتهجها انتهجها الحوثيون تأتي في سياق السيطرة على ممتلكات المعارضين لهم.
حلقة مصغرة
الحارس القضائي الذي تحاول مليشيا الحوثي من خلاله استخدام القضاء لنهب أموال وممتلكات خصومها السياسيين وتدمير القطاع الخاص ما هو إلا حلقة مصغرة من ضمن عمليات النهب الذي يطال كل شيء في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها.
تجريف للاقتصاد الوطني
حسب اقتصاديين فإن إجراءات الحوثيين وتعيينهم حارسا قضائيا للقطاع الخاص يعد تجريفا للاقتصاد الوطني وتدميرا كاملا لكل مقومات الحياة إذ بهذا الاجراء تستكمل المليشيا سيطرتها على كل مراكز المال والاقتصاد في البلد ، والتي باتت تدر عليها أموالا طائلة.
استحواذ على مقومات الاقتصاد
الحوثيون يسعون للاستحواذ على كل مقومات الاقتصاد كي يصبح بيد الأسر الحوثية أو من ينتمون إليها وبقية أفراد الشعب يعيشون حالة من الجوع والفقر كما كان حاصلا في عهد الأئمة.
آثار الاقتصادية
آثار اقتصادية كبيرة تترتب على ما تقوم به مليشيا الحوثي من السطو على الممتلكات الخاصة تتمثل في مضاعفة حالة الانكماش والتردي الاقتصادي في البلاد ناهيك عن مضاعفة الحالة الاقتصادية المتردية أصلا في مسألة ضعف توليد فرص العمل.
يؤكد اقتصاديون أن مليشيا الحوثي تعمل على إحلال اقتصاد بديل للاقتصاد الموجود من خلال شركاتها ومستثمريها الأمر الذي سيلحق ضررا بأكمل الشعب.
نسبة البطالة والمجاعة سترتفعان نتيجة لإجراءات الحوثيين إذ أن هناك عشرات آلاف من الأسر تعتمد على موظفي القطاع الخاص الذين سيصبحون بلا عمل جراء الاستغناء عنهم.
يؤكد مراقبون أن اجراءات الحوثيين تأتي في سياق رغبة المليشيا الحوثية في أن تصبح اليمن ملكا لها والتي تريد أن يعيش بقية اليمنيين في حالة من الفقر والعوز ويظلوا ينتظرون ما تجود به هذا الجماعة أو أفرادها.
شركات غادرت
الكثير من شركات القطاع الخاص باتت تواجه وتتعرض لأكبر عملية ابتزاز ونهب ممنهج من قبل الحوثيين بعد حيلة الحارس القضائي السلاح الجديد الذي تستخدمه مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء لتدمير القطاع الخاص ، والتشريع لنهب ومصادرة الأموال والممتلكات الخاصة.
تلك الشركات أصبحت مهددة بالإفلاس والتوقف عن العمل ، وبات القطاع الخاص يلفظ أنفاسه بينما أعلنت عشرات الشركات والمؤسسات الخاصة إفلاسها التام نتيجة ممارسات ، وتعسفات الحوثيين.
تقارير اقتصادية ذكرت أن 60% من شركات ومؤسسات ومنشآت القطاع الخاص غادرت خارج البلد، بسبب التضييق والابتزاز الممارس ضد رؤوس الأموال في الداخل من قبل الحوثيين.
الأموال تذهب إيران
تساءل الكثيرون أين تذهب تلك الأموال التي صادرتها المليشيا منذ خمس سنوات من الشركات والمؤسسات بصورة مباشرة ولم يعرف مصيرها.
وكانت الاجابة إنه من غير الواضح معرفة أين تذهب تلك الأموال التي تم مصادرتها حتى تقرير فريق الخبراء الذي كشف أن ثلاثين مليار دولار تتبع زعيم المليشيا المدعو عبد الملك الحوثي قد ذهبت إلى إيران.
تبييض الأموال
فمنذ مطلع العام 2016 تم افتتاح مئات من محلات الصرافة في صنعاء تعود معظمها إلى مليشيا الحوثي وذلك لتبييض الأموال التي استولت عليها من البنك المركزي ومن منظمات أجنبية ومن نهب والاستيلاء على القطاع الخاص ومنازل خصوم سياسيين.
استبدال للاقتصاد الوطني
الاجتثاث للاقتصاد هدف رئيس إذ تعمل المليشيا على استبداله بآخر تابعا لها وتسيطر عليه ، وعلى ما يبدو فإن النظرة المستقبلية للمليشيا في هذا الجانب أنها حتى وإن كان هناك حل سياسي أو أي إجراءات معينة تكون هذه الجماعة قد خلقت أو أوجدت اقتصادها الخاص.
يقول محللون : إن اجتثاث القطاع الخاص المنافس للحوثيين يعد جزءا من التمهيد لتلك العملية بدليل أنه حتى القطاع الخاص الذي كان يدعمها وصلت يد العبث إليه بالإجراءات المجحفة وغير المبررة.
امبراطورية اقتصادية على أنقاض الدولة اليمنية
يؤكد محللون أن ابتزاز الحوثيين لأرباب الرأس المال الوطني وفرض الإتاوات عليهم يشكل خطرا وجوديا على الرأسمال الوطني خصوصا بعدما تبين أن المليشيا ومن خلال نهبها للمال العام وفرضها لإتاوات على التجار هدفت من سلوكها هذا لتكوين إمبراطوريتها المالية إدراكا منها أن هذه الحرب التي تخوضها ضد الشرعية والتحالف العربي ستفضي في نهاية المطاف ﻻجتثاثها .
ولمواجهة خطر اجتثاثها تعمل المليشيا على تكوين امبراطوريتها المالية لتتمكن من العودة للسياسة عبر بوابة الإقتصاد، فالحرب بعد أن تضع أوزارها ستجعل الدولة بحاجة إلى المال للبدء بمعركة البناء ، وهنا تدرك المليشيا أنها وبعد أن تتمكن من السيطرة على الرأسمال الوطني فإن الدولة ستلجأ للتعاطي مع من سيديرون أموالهم وفي هذه الأثناء سيكون على الدولة بمقابل حصولها على المال منهم أن ترضخ لشروطها التي ستسعى من خلالها للتأثير على القرار السياسي الرسمي وبتأثيرها على القرار ستعمل على إعادة وجودها وتموضعها داخل مفاصل الدولة لتتمكن من توفير الغطاء مجددا لعملها الميداني بين أوساط الشعب هذا ما تهدف للوصول إليه بعد تدميرها للاقتصاد الوطني وإيصالها للرأس المال الوطني الى مرحلة الإفلاس .
مقترحات
وللحيلولة بين الحوثيين وأهدافهم يرى اقتصاديون أن على الدولة أن تتحرك لرصد كل حالات النهب وأن تنتهج بعد التحرير سياسة التأميم للأموال والممتلكات التابعة للعناصر الحوثية فلا فرق في ذلك بين الأحياء منهم والأموات وأن تتعقب كذلك أنشطة ومصادر تمويل الشركات والمؤسسات الناشئة في المناطق التي انتهت إليها معارك التحرير كصعدة وعمران وصنعاء وذمار والتي لم يعهد عن أصحابها أنهم كانوا أرباب أموال في السابق.