البطل السبئي الذي لا يشق له غبار.
ولد سنة 1885م في قرية (رحبة) بمنطقة مراد محافظة مأرب.
الشيخ القردعي مناضلٌ وثائرٌ وشاعرٌ، اشتهر بالشجاعة والحكمة والتواضع وبعد النظر وسلامة التصور وسداد الرأي، ومقاومة الظلم ونصرة المظلوم.
القردعي، اسمٌ تخلده حروفه في جبين الدهر وترصعه في الذهب الخالص.. عاش حكيماً في تصرفاته، شجاعٌاً في مواقفه، كريماً في عطائه، محبٌاً لوطنه. ذلكم هو الفارس والثائر والشاعر الذي اتسمت أشعاره بسمو الكلمة والحكمة الاجتماعية المعبرة عن المجتمع اليمني الأصيل.. ولا غرو فلقد كانت أحرف قصائده شرراً تتطاير فتزلزل أقدام الطغاة.
عندما نتحدث عن الشيخ القردعي فإننا لا نتحدث عن اسم شخص واحد، وانما نتحدث عن قبيلة مراد التي تحطمت أمام بطولاتها وصلابة مواقفها أحلام الإمامة والكهنوت. إن تاريخ قبيلة مراد هو جزء من سفر النضال السبئي لقبائل مأرب الشهامة والصرامة والكرامة والشموخ والأصالة والتاريخ الذي أكدته بأفعالها وتبرهن لنا كل يوم أن ملامح الماضي البعيد ما زالت بادية في الحاضر القريب، وها هي تمضي على خطى القردعي في مواجهة الإمامة وسيخلد التاريخ مواقفها باعتبارها من أقدس آيات المجد وأروع صفحات الفخار.
تربى علي ناصر القردعي في كنف والده الشيخ ناصر مسعد عباد القردعي، شيخ مشايخ مراد، وشارك والده في الغزوات والمعارك، وفي تدبير شؤون القبيلة، وعندما توفي والده اختارته القبيلة خلفاً لأبيه، فقام بالمسؤولية خير قيام.
وفي اعتقادي لو تم تدوين سيرة هذا البطل في رواية ثم عرضت على المخرج مصطفى العقاد لأخرجها في أفلام كما أخرج قصة كفاح الثائر الليبي عمر المختار.
بداية الخلاف مع الإمام
كانت بداية الخلاف بين الشيخ القردعي والإمام هو أن الإمام اعتقل ستين شخصا من مراد وأمر بسجنهم وطلب من القردعي رهائن، فذهب الشيخ إلى صنعاء وفور وصوله أمر الإمام بإدخاله السجن، ثم أرسل القردعي إلى الإمام طلباً ليفرج عنه فأجابه: “لن تخرج إلا إلى مقبرة خزيمة”.
فكيف خرج من السجن؟
دبّر القردعي وزميله الشيخ عبدالرب الحميقاني خطة لإدخال سلاح وجنابي إلى السجن سراً وتمكنا من قتل حراس السجن وخرجا إلى منطقة حدة ومكثا بها ثلاثة أيام للتمويه. كما ذكر الحميقاني في الزامل بعد أن خرجا. قال:
حيا الله الليلة بشوف القردعي حلف الحميقاني كما عمك وابوك
جاء بالجنابي والفرود المدعي واطامرت لانمار من فوق الشبوك.
بعدها توجها نحو خولان ليلاً حتى وصلا بيحان عند آل العريف، وعندما رأى القردعي جبال بيحان قال زامله المشهور:
ياذا الشوامخ ذي بديتي
ما شيء على الشارد ملامه
قولي ليحي بن محمد
با نلتقي يوم القيامة
وقيلت بمناسبة الاستقبال الزوامل الآتية:
قال العريفي ذي جيوشه مغدرة
ذي طارح الملباج في شق السريف
إنها قديه شلها يا قردعي
وان جات عوجا خلها لآل العريف.
وقال ناصر المحضار من سادة مرخة:
حيا الله الليلة بشوف القردعي الشيخ ذي وزّع على الدنيا عياه
والقردعي عندي ولا باديه لحد والموت عند القردعي وإلا الحياة
بعد فترة استدعى الامام الشيخ القردعي وطلب منه مهاجمة محمية بيحان الخاضعة للانجليز حينها، وكانت تلك خدعة أراد بها الامام ادخال القردعي في حرب غير متكافئة ليتخلص منه، ولكن القردعي أدرك ذلك. وقال:
قدهم على شور من صنعاء إلى لندن
متآمرين كلهم سيد ونصراني
اتقسموا الارض كلاً منهم وثن
في ارض اليمن كدروا عاقل وسلطان
وتمضي فترة ويذهب القردعي إلى صنعاء ليجتمع مع ثوار 1984م وقرروا التخلص من الامام وأوكلوا المهمة إلى القردعي الذي طلب فتوى دينية، وصدرت الفتوى موقعة من عشرات علماء الزيدية، ونفّذ القردعي حكم الله والشعب في الطاغية، وذلك في 17 فبراير 1948م، وبالرغم من أن الطاغية أحمد تمكن من القضاء على الثورة وقتل رموزها إلا أنها مهّدت لقيام ثورة 26 سبتمبر، وكان فشل ثورة 48 هو مصرع الابتسامة الذي ذكره الزبيري فقال:
انا راقبت دفن فرحتنا الكبرى
وشاهدت مصرع الابتسامة
ورأيت الشعب الذي مزق القيد
وابقى جذوره في الامامة
نحن شئنا قيانه لفخارٍ
فأراه الطغاة هول القيامة
* نائب الناطق الرسمي للقوات المسلحة