تعد وحدة الصف الجمهوري في مواجهة التيار الإمامي الباغي واحدة من أهم القضايا التي تشكل حضورا بارزا في المخيلة السياسية والعقيدة الوطنية للنخب اليمنية التي تؤمن بمطلق الولاء لليمن وتقدس الذات اليمنية والنظام الجمهوري وتعلي من الانتماء لليمن.. وليسمح لي القارئ الكريم أن نقف سويا على قراءة سريعة لحضور هذا الهدف الاستراتيجي عند تلك النخب وفقا للفعل الوطني والرؤية الفلسفية لكل طرف.
أولا مؤسسة الرئاسة:
مثّل انتخاب المشير الركن عبدربه منصور هادي، رئيسا للجمهورية في ٢١فبراير من العام ٢٠١٢ م يوما نموذجياً للتوافق الوطني والإجماع السياسي في لحظة تاريخية فارقة واستفتاء شعبي لتمسك الشعب اليمني العظيم بخيارات الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ونبذ كل وسائل الاستقواء بالقوة للوصول إلى السلطة.
وهو ما يؤكد الحاجة للتوافق والاصطفاف حول تلك المبادئ الدستورية.
وتعد مقارعة الإمامة والحفاظ على النظام الجمهوري واستعادة الدولة هي الهم الأكبر لرئيس الجمهورية والإنجاز الأهم الذي سيكون في صدارة تاريخه السياسي.
وهو أيضاً ما يؤمن به نائب الرئيس الفريق الركن علي محسن صالح، الذي نذر حياته لمقارعة فلول الإمامة منذ ثورة سبتمبر وحتى اللحظة التاريخية المفصلية التي تعيشها اليمن.
فعند الغفلة التاريخية للصراع الحاد بين القوى السياسية والاجتماعية اليمنية والذي نفذ من خلاله الكيان الإمامي للسطو على الدولة مستغلا حالة التبلد الذي أصيب بها الجميع، كانت بوصلة الفريق محسن في الاتجاه الصحيح فقد أفرغ الطلقة الأخيرة التي كانت بحوزته نحو فلول الإمامة المعتدية على عاصمة الجمهورية.
واستمر وضوح الهدف والجهد الرئيس لمعركته صوب الإمامة والحضور الجمهوري هو الطاغي على مخيلته السياسية وفلسفته المتجذرة أن الإمامة هي العدو التاريخي لليمن، فلم يترك فرصة أو مناسبة عامة أو خاصة إلا ويدعو كل اليمنيين للتوحد ضمن الصف الجمهوري لمواجهة المخاطر الإمامية ويؤكد باستمرار أن المؤتمر الشعبي العام أحد أهم أعمدة الصف الجمهوري.
ثانيا رواد الفكر وصناع الرأي:
تملك اليمن ثلة مبدعة من المفكرين وصناع الرأي وتفوق نوعي لدى كوكبة من فلاسفة الذات اليمنية ونساك الجمهورية المؤمنين باليمن الحضاري العظيم سخروا جهدهم وأفكارهم لمعركة الجمهورية ضد الإمامة ينشدون المثالية التي قد تتعذر على التنفيذين المقيدين بالواقعية السياسية والمعطيات المتاحة.
لكنهم منارات الإشعاع الفكري إذ لا يستطيع التاريخ نسيان فيلسوف الجمهورية غائب حواس أو شاعر الذات اليمنية عامر السعيدي أو الشهيد الشاعر خالد الدعيس والكثير من قديسي الجمهورية التي تزخر بهم كل محافظات الجمهورية.
ثالثا القوى السياسية والاجتماعية:
يعد المؤتمر أحد أقطاب الصف الجمهوري الذي عملت فلول الإمامة على النخر في جسده التنظيمي ومحاولة حرف مساره لخدمة مشروعها العفن ومع كل تلك الجهود المضنية لكتيبة الاختراق السلالي والتي لاشك حققت بعض من أهدافها الخبيثة إلا أن التحصينات الجمهورية داخل صفوف المؤتمر ضلت قلاعاً وطنية جمهورية استعصت على كل تلك الغزوات وبقى المؤتمر قلعة جمهورية وطنية قوية بفضل فرسانه الجمهوريين بدءا بالرئيس ونائب الرئيس وفيلسوف الجمهورية الراحل الدكتور عبدالكريم الإرياني والدكتور رشاد العليمي والدكتور أحمد بن دغر والشيخ أحمد العيسي والكثير من فوارس الجمهورية.
وبالنسبة لتجمع الإصلاح خذ عليه ما شئت إلا أن خيار الجمهورية ومحاربة الإمامة هي عقيدة أزلية لديه وإن شئت قل الركن السادس في أصول العقيدة؛ نقرأ ذلك في تضحيات شبابه في كل ميادين الشرف الوطني.
وبقية القوى السياسية، رغم أن البعض منها أصابتها انقسامات نسبية بحسب الاختراقات السلالية الإمامية، لكن قواعدها الشبابية والفاعلة بيارق متقدمة في معركة الجمهورية.
نحو المشترك الوطني الجامع:
يملك اليمنيون من عوامل التوحد والمشترك الوطني الجامع والصلب ما يغنيهم عن استدعاء الخلافات والتباينات في اللحظات التاريخية المفصلية.
وجماع ذلك كله في تجذير الهوية الحضارية الوطنية القحطانية الحميرية التي يندمج فيها كل من يستظل بسماء اليمن كمعطى حضاري جامع تنصهر فيه كل الكيانات.
المقدسات الوطنية المتمثلة بالنظام الجمهوري، دولة المواطنة القائمة على العدالة والمساواة، النظام الاتحادي المبني على التوزيع العادل للسلطة والثروة، تحتاج إلى التفاف كامل ودائرة مغلقة يدور حولها الجميع، وسوار كل ذلك ومعصمه استعادة اللحمة الوطنية ومحوري الارتكاز فيها المؤتمر والإصلاح وكل القوى الحية التي يمثل اتحادها الأرضية الصلبة لاستعادة الدولة وتحصين مداميك الجمهورية وإعادة بناء وإعمار اليمن.
من دون ذلك سنظل نحرث في البحر ونرسم في الهواء ونكتب على صفحات الماء.
حفظ الله اليمن من كل سوء،،