يثير استهداف الولايات المتحدة لزعيم تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب، قاسم الريمي، في اليمن، تساؤلات عن عمليات الجماعات المتطرفة ومستقبلها.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الولايات المتحدة قتلت الريمي في «عملية لمكافحة الإرهاب»، وفق بيان لـ«البيت الأبيض» صدر أول من أمس (الخميس).
لكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب، ولليمن الذي أنهكته خمس سنوات من الحرب بين الحكومة والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران؟
أصبح الريمي (41 عاماً) زعيماً لتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب، عقب مقتل سلفه ناصر الوحيشي بقصف طائرة أميركية مسيرة في اليمن، في يونيو (حزيران) 2015. وكان الريمي بين مؤسسي الجماعة في 2009 وأول قائد عسكري لها.
ورجّح المحلل لدى «مجموعة الأزمات الدولية» بيتر سالزبري الإعلان عن خليفة الريمي قريباً. لكنه أضاف أنه «لن يكون شخصاً يملك شهرة مثل الريمي، وبالتأكيد ليس بمكانة سلفه الوحيشي»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وازدهر تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب كغيره من المجموعات المتطرفة في ظل الحرب بين الحكومة اليمنية والمتمرّدين الحوثيين. لكن المحللين يشيرون إلى أن قدرات الجماعة على الأرض تراجعت على مر السنوات.
وقالت الباحثة لدى جامعة «أكسفورد» إليزابيث كندال إن التنظيم «سيفتقد مهارات الريمي كمخطط عسكري، لكن قدرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على التحرّك على الأرض في اليمن تقلّصت أساساً بشكل كبير». وأضافت: «في مجال العمليات، بلغ نشاطه ذروته في 2017، مع أكثر من 270 عملية على الصعيد المحلي، ولو أن معظمها كان على نطاق صغير».
ونفّذ التنظيم عدة عمليات ضد الحوثيين والقوات الحكومية، على حد سواء، إضافة إلى هجمات متفرّقة في الخارج بما فيها الاعتداء الذي استهدف مكاتب مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة عام 2015.
وقال أندرياس كريغ من جامعة «كينغز كوليدج لندن» إن قتل الريمي يحمل «قيمة دعائية» للولايات المتحدة، لكنه لن يؤثّر على عمليات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على الأرض.
ويأتي قتل الريمي عقب إعلان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن عملية إطلاق النار، التي وقعت في السادس من ديسمبر (كانون الأول)، في قاعدة بينساكولا الجوية التابعة لسلاح البحرية الأميركي في فلوريدا.
وأوضحت كندال أن تركيز المجموعة «تحوّل إلى إلهام الهجمات بدلاً من إدارتها». أما سالزبري، فأشار إلى أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لم ينفذ أي عملية كبرى في الخارج منذ عقد، وقال: «جاءت الهجمات المرتبطة بالمجموعة إما من إرث أو عملاء سابقين أو هجمات (ذئاب منفردة) ينفّذها أشخاص استلهموا من المجموعة، أو تواصلوا مع عناصرها بشكل محدود عبر الإنترنت».
واستخدمت الولايات المتحدة منذ مدّة طويلة الطائرات المسيّرة في حربها ضد قادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي تعتبره أخطر فرع لـ«القاعدة».
وذكر البيت الأبيض أن قتل الريمي «سيتسبب بتراجع إضافي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم القاعدة عالمياً». وأضاف أن ذلك «يقرّبنا أكثر من القضاء على التهديدات التي تشكّلها هذه المجموعات لأمننا القومي».
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإن «سي آي إيه» علمت بموقع قاسم الريمي من أحد المخبرين في اليمن، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبدأت تتعقبه بواسطة طائرة استطلاع.
وقالت مصادر إن أبرز مرشحَين لخلافة الريمي هما خالد باطرفي، الذي تشير معلومات إلى أنه يدير العمليات الخارجية للجماعة، وسعد بن عاطف العولقي، زعيم المجموعة في محافظة شبوة اليمنية.