تمثل مأرب مفرقاً مهماً في خارطة الصراع اليمني اليوم.
فبالنسبة للحوثي مثلت ولا تزال تمثل عقبة كؤود تعيق تقدمه، وخنجراً مدسوساً في خاصرته، وبندقية متحفزة وموجهة صوب رأسه تماماً، كما تمثل نداً حقيقياً وإهانة بالغة تذكره بضعفه وقلة حيلته يتمنى أن يتخلص منها بأي ثمن.
بالنسبة لباقي القوى، تمثل مأرب مقارنة مستفزة ونموذجاً يثير الغيرة والحسد من الأقران والشركاء المتشاكسين.
كما أنها مؤخراً قد مثلت لدى بعض القوى الدولية والإقليمية علامة استفهام كبيرة ومحيرة حول حقيقة الصورة النمطية التي تشكلت في مخيلة العالم طيلة قرون وعقود عن اليمنيين المتخلفين الجهلة والقبائل البدوية المتناحرة الرافضة للتمدن والتحضر والخضوع لسلطان الدولة.
إننا نعيش في عالم لا يريد أن يفقد ثقته في قناعاته السابقة مهما كانت خاطئة ومجانبة للصواب، فهو عالم لا يرغب في احداث أية تغييرات جوهرية لا في قناعاته السابقة ولا في تموضعاته الراهنة.
لذلك على مأرب ومن يقف في صفها ويؤمن بحقها في إثبات ذاتها أن يدرك جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه في إثبات هذه الحادثة وتثبيتها على خارطة القوى وجعلها حقيقة وأمراً واقعاً لا يقبل التشكيك أو التعطيل.
إنني أظن بأن حوادث واستحداثات جديدة ستطرأ على المشهد المحلي والدولي والإقليمي، وأول ارهاصاته هو عودة مأرب الى واجهة المشهد، ومثلما كانت أرض سبأ هي منشأ التحولات التاريخية عبر العصور ستمثل مؤشر التحولات الراهنة والمستقبلية.
وكما بدأنا أول خلق نعيده.