التحرر من السلطة المركزية وتحقيق نهضة اقتصادية وتفعيل مشاركة المواطن في الشأن العام أمر لا ترغب به المليشيا الحوثية بهذه الكلمات بدأ وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ياسر الرعيني، في حواره مع “26سبتمبر”.
وبمناسبة الذكرى السادسة لإعلان وثيقة مخرجات الحوار الوطني، أكد الرعيني أن الحوثيين خدعوا الشعب بشعاراتهم الفضفاضة وانقلبوا على الاجماع الوطني وعلى “وثيقة” الحوار كونها تتعارض مع مشروعهم الرجعي المتخلف فأعلنت تمردها على ذلك وانقلابها على الشرعية الدستورية محاولة العودة باليمن واليمنيين إلى عصور الإمامة الكهنوتية، فإلى تفاصيل الحوار:
* لإعلان وثيقة مخرجات الحوار الوطني، نبدأ معك هذا اللقاء بالحديث عن المشروع الوطني الذي اتفق الجميع عليه والمتمثل بمخرجات الحوار الوطني، هل لديكم أمل بتنفيذ هذه المخرجات على أرض الواقع؟
نحيي ومن خلالكم كل ابطال قواتنا المسلحة والأمن الذين يقدمون الغالي والنفيس دفاعًا عن الوطني وبناء اليمن الاتحادي الجديد، وبخصوص ما تفضلت به في سؤالك عن الأمل بتنفيذ هذه المخرجات هذا أمر مؤكد لا نقاش فيه ولا جدال، المخرجات وجدت لتنفذ، بإجماع وطني غير مسبوق، عالجت إشكاليات الماضي، وأرست أسس بناء الدولة المدنية الحديثة، وهي مشروع وطن وشعب لا يمكن أن يتخلى عنها.
* بالفعل هو حلم شعب، إنما من حيث الواقع وما أحدثه الانقلاب من تغيرات في المشهد السياسي، كيف يمكن تنفيذ هذه المخرجات؟
الثقة نابعة من كون هذه المخرجات كما أشرت سابقاً هي مشروع وطني جامع، لأول مرة في تاريخ اليمن، يجتمع كل الفرقاء، وتشارك كل المكونات السياسية والمجتمعية، في حوار دام نحو عام، تم خلاله تدارس كل المشاكل الوطنية وإيجاد الحلول الملائمة لها، بعيداً عن أي وصاية أو ضغوط، وتم صياغة هذه المخرجات بتوافق الجميع، وبشفافية شهد لها العالم أجمع، وبالتالي الثقة في التنفيذ كون هذه المخرجات مشروع شعب لن يضّيع طريقه الوحيد للعبور بالوطن إلى بر الأمان وتحقيق تطلعاته في بناء الدولة المدنية الحديثة، وعمليا نحن اليوم ننفذ جزءاً كبيراً من مخرجات الحوار الوطني من خلال التحول من المركزية إلى اللامركزية.
* إذا ما تحدثنا عن الأحزاب والنخب السياسية والمكونات المجتمعية الفاعلة، هل تدعم تنفيذ المخرجات على أرض الواقع، أم يتم ذلك لذر الرماد عن العيون من خلال الحديث على المخرجات في البيانات فقط، دون مساندة فعلية في الواقع؟
في الحقيقة يمكن الحصول على جوابه من خلال مشاهدة ومتابعة ما يجري في الواقع، وكل إقليم أدرى بمن يساند بناء الدولة الاتحادية، ومن يعارض، إنما بشكل عام التوجه الرسمي والحزبي والمجتمعي داعم للدولة الاتحادية وفقا لمخرجات الحوار بخلاف قوى الانقلاب التي كان انقلابها أساساً على هذه المخرجات خوفاً من بناء دولة حلم بها اليمنيون كثيراً، ولإبقاء الوضع بيد مراكز نفوذ تسيطر على مقدرات البلد، وتتحكم في مساراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، لما تمثله الدولة الاتحادية المكونة من ستة أقاليم من التحرر من السلطة المركزية، وتحقيق نهضة اقتصادية، وتفعيل المشاركة الجادة للمواطن في الشأن العام، وهو أمر لا ترغب به قوى الاستبداد والكهنوت التي تدعي أحقيتها في الملك، ومن يساندها من المتنفذين ذوي المصالح الشخصية الضيقة الذين لا يعيرون للمصلحة العليا للوطن أي اهتمام.
* على ذكر قوى الانقلاب، ما يشاع حالياً في إعلامهم هو اتجاههم لتنفيذ ما وصفوه بالرؤية الوطنية بما تضمنته من محاور متعددة يزعمون أن أهدافها ستعزز مسيرة البناء والتنمية وصولاً إلى بناء الدولة اليمنية الحديثة 2030م، هل هي بديل بالنسبة لهم عن مخرجات الحوار الوطني؟
قبل الإجابة على سؤالك يجب التذكير بما بدأ به الانقلاب من شعارات فضفاضة لخديعة الشعب بتوجههم نحو بناء دولة، فقد كان تنفيذ مخرجات الحوار الوطني إحدى مطالبهم الثلاثة، وبمجرد تنفيذ الانقلاب، ظهرت حقيقة سوء مشروعهم الرجعي الكهنوتي الذي عرفه المجتمع، وتكرر ذلك في جوانب كثيرة آخرها هذه الخدعة التي يمنون الشعب بها لتحسين وجههم القبيح إعلامياً، فكيف بمن هدم الدولة، ودمر كل مقدراتها، وجاء بمشروع رجعي طائفي كهنوتي بغيض أن يبني دولة على أسس مدنية، وهو يمسك بالزناد على رؤوس المواطنين ليكمم كل الأفواه حتى من الحديث، ويبتز أموالهم، ويصادر حقوقهم، ويعيث في الأرض فساداً، ويمارس كل الانتهاكات المحرمة شرعاً وعرفاً وفي كل القيم الإنسانية، وقيم مجتمعنا الأًصيلة، وأعتقد أن هذه الأكاذيب لا تنطلي على شعبنا، إلا أن من هم تحت سلطة الانقلاب مجبرون على الصمت أو المجاملة خوفاً من البطش والتنكيل الذي تمارسه هذه العصابة الإرهابية.
* هناك دعوات للاصطفاف الوطني، لكنها في جوهرها تفكيك جديد، كونها تهمل قوى سياسية فاعلة ميدانياً، وعريقة تاريخياً؟
حينما يتم الحديث عن اصطفاف وطني، فذلك يعني أن يكون للجميع وبالجميع، بدون أي استثناء، وإلا لا يمكن أن يطلق عليه اصطفاف وطني، هذه المرحلة الحرجة تستدعي وقفة جادة من الجميع، والتفاف الجميع حول الشرعية وقيادتها ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، والتاريخ لن يرحم من تخاذل وتهاون في حق شعبه ووطنه في أحلك الظروف التي يمر بها.
* للعودة إلى مخرجات الحوار الوطني أو بشكل أشمل المرجعيات الثلاث لأي تفاوض سياسي؟ هل الحكومة متمسكة بهذا الجانب؟
لا يمكن للحلول الجزئية ان تنتج سلاماً كما ان أي محاولة للانتقاص من المرجعيات لا يمكن ان يقود الا الى المجهول ومزيد من العنف ولذا لا يمكن القبول باي انتقاص من مرجعيات الحل السياسي وبناء الدولة الاتحادية.
كما ان الحكومة لا تدير شؤونها بناء على الآراء والاتجاهات التي تتغير وتتبدل بسهولة، بل تبنى مواقفها على ثوابت وأسس وطنية ثابته ومرجعيات لا يمكن التنازل عنها، تمكّنها من أن تكون على قدرٍ من المسؤولية التي أوليت لها في هذه المرحلة الصعبة، وبالتالي تمسكها بالمرجعيات الثلاث قائم على ثوابت لا يمكن التنازل عنها، لأنها بذلك تسعى إلى إيجاد حلول فعلية للحاضر والمستقبل، وليس حلول آنية.
* الشعب الذي تراهنون عليه، من خلال الكثير من المؤشرات يبدو عليه الملل، والرؤية المحبطة تجاه تحقيق تطلعاته في بناء اليمن الجديد، كونه أصبح يبحث عن متطلبات الحياة الأساسية التي تمكنه من البقاء؟
حقيقة معاناة الشعب كبيرة، ومؤلمة، وما لحق به جراء الانقلاب ليست يسيرة خصوصاً وأن مخططات الانقلابيين تستهدف إنهاك الشعب وتدميره، وتدمير كل حلم وتطلع لبناء دولة مستقرة وآمنة وديمقراطية ومدنية،
ولكن في شدة الصعوبات، يجب ألا نيأس، فثقتنا بالله عز وجل كبيرة، ثم إن أحقية تطلعات شعبنا اليمني في بناء الدولة المدنية الحديثة والعادلة، التي تتحقق فيها العدالة والمساواة، وصوغ ذلك في مشروع وطني تمثل في مخرجات الحوار الوطني ومسودة صياغة الدستور، تبقى الأمل والتفاؤل بأن القادم أجمل بإذن الله، فالنصر مع الصبر، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
مخرجات الحوار الوطني وجدت لتنفذ، والدولة الاتحادية هي خيارنا الوحيد والقوات المسلحة والأمن لتحقيق الاستقرار وبناء اليمن.
* كلمة أخيرة تود طرحها؟
لكل شعبنا اليمني أوجه نداء خاصاً بأن الفرصة ما زالت سانحة للملمة الجراح، والكف عن الدماء والدمار، ولمن استهوت عقولهم الشياطين للإغاثة في الأرض فساداً، يجب أن تتوقف مشاريع الدمار وأن يتم صد كل من يسعى لإثارة الفتن والقلاقل، ومن يستبيح حرمات الناس، ويمارس الانتهاكات بدون أي رادع، فالجرائم لا تسقط بالتقادم، وسينال البغاة والطغاة جزاءهم الرادع عاجلاً أو آجلاً.
ولكل القوى الوطنية، اصطفافكم الفعلي والجاد وترك الخلافات الصغيرة والتوجه نحو إنهاء الانقلاب وبناء اليمن، هو الطريق المنقذ لوطنكم ولكم، وللأجيال القادمة، ولهوية الوطن وتاريخه وحضارته وفكره الوسطي المستنير، ولبناء الدولة الاتحادية التي يتطلع إليها شعبنا اليمني.