وأعلن ديوان البلاط السلطاني الحداد لمدة ثلاثة أيام وتعطيل العمل الرسمي للقطاعين العام والخاص لمدة ثلاثة أيام ، وتنكيس الأعلام في الأيام الأربعين القادمة لوفاة السلطان قابوس بن سعيد.
في العام 1970، أطاح سلطان عُمان، قابوس بن سعيد، بحكم والده السلطان سعيد بن تيمور، ليبدأ البلد الخليجي مرحلة جديدة في تاريخه، اتسمت ببدء نهضة شاملة وبناء دولة حديثة انضمت لمنظمة الأمم المتحدة ليستمر ذلك الشاب ابن الثلاثين عاماً حينها في قيادة بلاده لنحو نصف قرن كان خلالها السلطان العربي الوحيد وصاحب واحدة من أطول فترات الحكم في العالم.
ولد السلطان قابوس يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1940 في مدينة صلالة بمحافظة ظفار، وكان الابن الوحيد الذكر لوالده سليل الأسرة الحاكمة لسلطنة عمان منذ منتصف القرن الثامن عشر، وسابع سلاطينها.
لديه أخت واحدة أيضاً هي الراحلة أميمة بنت سعيد، ووالدته الراحلة هي ميزون بنت أحمد بن علي المعشني الحكلي القحطاني.
درس السلطان قابوس مراحل الدراسة الابتدائية وحتى الثانوية، في صلالة، وفي العام 1958، أرسله والده إلى إنجلترا ليكمل تعليمه، حيث درس لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة هي مدرسة ”سافوك“، قبل أن يلتحق وهو في العشرين من عمره، بأكاديمية ”ساندهيرست“ العسكرية الملكية الشهيرة عام 1960 ضابطاً مرشحاً.
تخرج السلطان قابوس من الكلية بعد عامين من الدراسة فيها، برتبة ملازم ثان، ليلتحق بإحدى الكتائب البريطانية العاملة في ألمانيا الغربية لمدة ستة أشهر، قبل أن يعود لبريطانيا ويدرس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، ويتبع دورات تخصصية في شؤون الإدارة وتنظيم الدولة، قبل أن يعود إلى صلالة عام 1964.
عندما عاد الابن الوحيد للسلطان سعيد بين تيمور، إلى بلاده، كانت السلطنة حديثة العهد بالاستقرار بعد نزاع مسلح مع ”دولة إمامة عُمان“ التي كانت قائمة في الجبل الأخضر الواقع بالمنطقة الداخلية للسلطنة حتى العام 1959 قبل توحيد البلاد بحدودها الحالية.
وبعد عام واحد فقط، من عودة السلطان قابوس، واجهت سلطنة عمان تمرداً مسلحاً جديداً في منطقة ظفار، فشل والده على مدار خمس سنوات في إنهائه لصالحه، ليقوم بالإطاحة بوالده الذي وصل إلى السلطة عام 1932، ويتولى مقاليد الحكم في 23 يوليو/تموز عام 1970.
تمكن السلطان قابوس بعد نحو خمس سنوات في الحكم، من حسم الصراع المسلح مع ظفار، لصالحه، ليبدأ تركيزه على تحديث البلد البدائي الذي أنهكته الحروب الداخلية.
انتهج السلطان قابوس بادئ الأمر سياسة التحالفات مع دول المنطقة لحسم الصراع المسلح في ظفار، ليتبنى بعدها سياسة الحياد وبناء علاقات وثيقة مع جميع الدول، بما فيها دول الجوار.
في العام 1971 انضمت سلطنة عمان إلى منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فيما عكف سلطانها على الاستفادة من عائدات النفط حديث العهد في البلد الخليجي، لتنمية الخدمات في جميع مناطق السلطنة.
وخلال حكم السلطان قابوس الذي اتسم بالاستقرار، عرفت السلطنة الطرق المرصوفة والمستشفيات والمدارس والجامعات والمصانع وكثير من مظاهر الحياة الحديثة التي كانت تتمتع بها الدول المجاورة الأخرى منذ سنوات طويلة.
في العام 2011، وصلت تداعيات الربيع العربي إلى سلطنة عمان أيضاً، عبر احتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية في عدة مناطق من البلاد، لكنها مالبثت ان توقفت سريعاً بعد حوار بين السلطات والمحتجين بالتزامن مع توفير نحو خمسين ألف فرصة عمل للمواطنين العمانيين.
منذ العام 2014، بدأ غياب السلطان قابوس عن المناسبات العامة ووسائل الإعلام يرتبط بحالته الصحية، حيث خضع للعلاج بالفعل خارج بلاده، دون أن تغيب شائعات وفاته في سنوات المرض تلك.
ولا تعرف الكثير من التفاصيل عن حياة السلطان قابوس الخاصة، لكن العمانيين يتناقلون فيما بينهم أن سلطانهم يعشق ركوب الخيل، والرماية بمختلف أنواعها، بجانب هوايات التصوير وبعض الرياضات كلعبة التنس.
تقول كثير من التقارير الصحفية، إن السلطان الذي ليس لديه أي أبناء ولا أخوة ذكور، ليس هناك وريث واضح للحكم بعد وفاته أيضاً، في ظل عدم وجود ولي للعهد مُعلن في حياته.
وترددت في الفترة الماضية، معلومات منسوبة لصحيفة ”الغارديان“ البريطانية تقول إن السلطان قابوس سجل رغبته في تحديد خليفته في خطاب سري مغلق موجه لمجلس عائلة آل سعيد الحاكمة (الديوان)، يتضمن إجراءات اختيار خليفته من خلال فتح مظاريف مغلقة في المحكمة العليا في مسقط حدد فيها اسم من يخلفه في حال لم يتفق أعضاء المجلس على شخص محدد فيما بينهم.
عندما تولى السلطان قابوس سدة الحكم ليكون ثامن سلاطين أسرة البوسعيد، كان من أصغر حكام العرب والعالم حينها، لكنه يفارق الحياة اليوم وهو واحد من أكبر حكام العالم سناً وأطولهم بقاءً في السلطة