يعيش الصحفيون في اليمن منذ انقلاب مليشيا الحوثي وسيطرتها على مؤسسات الدولة ظروفاً مأساوية وتهديد بالفناء، فمنذ اقتحامها العاصمة صنعاء جعلت من الصحفيين والإعلاميين والناشطين العدو الأول وباشرت باعتقالهم وتعذيبهم وإخفائهم وحرمانهم من كامل الحقوق ومقومات الحياة.
وقد بلغ عدد الصحفيين الذين تم اعتقالهم واختطافهم من قبل مليشيا الحوثي 30 صحفياً توفي عدد منهم تحت التعذيب بينما لا يزال 11 صحفياً يقبعون في السجون فيما الحالة الصحية لثمانية منهم حرجة ومستمرة في التدهور منذ قرابة خمسة أعوام.
الصحفيون المرضى بحسب تقارير منظمات حقوقية وإعلامية هم: حارث حُميد، وعبدالخالق عمران، وعصام بلغيث، وهشام طرموم، وأكرم الوليدي، وهشام اليوسفي، وصلاح القاعدي، وتوفيق المنصوري.
وقد أوضحت بعض التقارير الأمراض التي يعانون منها حيث تتنوع بين انزلاقات في العمود الفقري، وروماتيزم، وأمراض الكبد والسكر وقرحة المعدة، وسوء التغذية، فضلا عن إصابة أغلبهم بتدهور الرؤية في العينين، والإصابة بحالات نفسية نتيجة طول فترة اعتقالهم.
فالصحفي عبدالخالق عمران يعاني من انزلاق في العمود الفقري، وعصام بلغيث مصاب بالروماتيزم وبدأ تأثيره على القلب والنظر، وهشام طرموم مصاب بمرض الكبد، وأكرم الوليدي مصاب بمرض السكر وقرحة المعدة، وهشام اليوسفي مصاب بحالة نفسية، وصلاح القاعدي مصاب بضعف حاد وسوء تغذية، وتوفيق المنصوري مصاب بمرض الكبد وتدهور النظر.
هذه الأمراض التي يعاني منها الصحفيون جاءت نتيجة التعذيب وسوء المعاملة وطول فترة الاعتقال، وقد ناشدت ودعت جميع المنظمات اليمنية والعالمية بما في ذلك الأمم المتحدة وأمينها العام ومبعوثها إلى اليمن، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي مليشيا الحوثي بسرعة الافراج عن الصحفيين المختطفين وعلى المليشيا تحمل مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية تجاه الصحفيين المختطفين وعليها الإسهام بشكل فعال في حماية الصحفيين ومساعدتهم للتغلب على الأوضاع السيئة التي يعيشونها.
وتعتبر المنظمات المحلية والعالمية الحقوقية والإعلامية قضية الصحفيين المختطفين إنسانية بحتة وترفض رفضاً قاطعاً التعامل مع قضيتهم على أنها سياسية أو ورقة من أوراق الحرب الدائرة في اليمن.
انتهاكات واسعة
الانتهاكات بحق الصحفيين لا تقتصر على مناطق سيطرة مليشيا الحوثي وحسب، بل إن التدهور الأمني وضعف الحكومة الشرعية وتعدد المشاريع السياسية في البلد جعلت الصحفي هدفاً للجميع خصوصا تلك المشاريع التي يخشى منها في كشف الحقيقة، كما ان الحملة المسعورة ضد الصحفيين التي دشنتها مليشيا الحوثي فور اجتياحها صنعاء لم تتوقف فقد رصدت نقابة الصحفيين 25 حالة انتهاك طالت الحريات الإعلامية خلال الربع الثالث من 2019.
الـ25 الانتهاك التي رصدتها نقابة الصحفيين للحريات الصحافية والإعلامية في اليمن خلال ثلاثة أشهر تعد مؤشراً واضحاً وخطيراً لاستمرار حالة الحرب والعدائية ضد الصحافة والصحافيين من قبل كافة الأطراف.
نقابة الصحفيين في تقريرها أشارت إلى تنوع الانتهاكات بحق الصحفيين بين الاختطافات بـ12 حالة بنسبة %48 من إجمالي الانتهاكات، والاعتداءات بـ 5 حالات بنسبة %20، والمنع من مزاولة العمل والتصوير بـ 4 حالات بنسبة %16، والتهديد بالأذى بحالتين بنسبة %8، والمحاكمة بحالة واحدة بنسبة %4، وحالة تعذيب واحدة بنسبة %4.
وإذا كانت تلك نسبة الانتهاكات في الأشهر الماضية فانه لا يزال 18 صحفياً مختطفاً أغلبهم منذ أكثر من أربعة أعوام منهم 15 صحفياً لدى مليشيا الحوثي هم: وحيد الصوفي، عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، هيثم الشهاب، حسن عناب، عصام بلغيث، أكرم الوليدي، هشام اليوسفي، حميد هشام طرموم، حارث حميد، صلاح القاعدي، الناشط الإعلامي محمد عبده الصلاحي، الناشط الإعلامي بلال حيدر العريفي، عبدالحافظ الصمدي.
منهم أكثر من 12 صحفياً يقبعون في سجن الأمن السياسي الذي حولته المليشيا الحوثية إلى معتقل كبير، ويعيشون ظروفاً مأساوية، وأوضاعاً لا إنسانية، محرومون من أبسط الحقوق.
انتهاكات بالأرقام
الانتهاكات لم تقتصر على الصحفيين الذين تمارس ضدهم مليشيا الحوثي وجماعات أخرى الارهاب والوحشية، فالصحفيون رغم إنهم الشريحة الأضعف والأكثر ظلما إلا إن المنظمات الإنسانية تقدر عدد المختطفين في سجون مليشيا الحوثي بـ15 ألف مختطف منهم قرابة 24 إعلامياً وصحفياً، بينهم 12 صحفياً مخفياً ومعتقلاً منذ أربع سنوات.
ورغم هذه الانتهاكات بحق المدنيين فان مليشيا الحوثي لم تعير الإدانات الدولية والمحلية بخصوص الصحفيين والمختطفين اهتماماً بل مضت تنفذ حملات اختطافات واسعة، طالت عديد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين بشكل تعسفي خلال السنوات الماضية في مناطق سيطرتها بل وأخضعت العشرات لمحاكمات جائرة وتهم كيدية.
وعلى إثر ذلك أكدت مؤخراً منظمة «سام» التي تتخذ من جنيف مقراً لها، أن مليشيا الحوثي عمدت في الفترة الأخيرة، إلى ممارسة أساليب أشد قسوة بحق الصحفيين المحالين للمحاكمة، بالاعتداء الجسدي والتعذيب المادي وتارة بإهانتهم بالسب والشتم، وتارة بوضعهم في غرف تحت الأرض تنعدم فيها التهوية وضوء الشمس مما يسبب لهم العديد من الأمراض، كما يحرمون من الزيارة وارتداء الملابس المناسبة.
فيما عدت منظمة العفو الدولي، محاكمة الصحفيين العشرة في النيابة الجنائية المتخصصة المعنية بقضايا الإرهاب تصفية لحسابات سياسية.
أما منظمة مراسلون بلا حدود فاعتبرت اختفاء ما لا يقل عن 20 صحافياً «أمر يدفع المنظمة إلى دق ناقوس الخطر وإدانة سياسة الاختفاء القسري التي تمس مهنة الصحافة بوتيرة تبعث على القلق».
وبدأت مليشيا الحوثي مؤخراً محاكمة الصحفيين المختطفين منذ صيف 2015 حيث أحالت المحكمة الجزائية المتخصصة(غير شرعية)، الخاضعة للحوثيين في صنعاء ملف محاكمة الصحفيين المختطفين إلى قاضي متعصب للحوثيين بشكل مطلق.
وعقدت المحكمة غير الشريعة عدة جلسات للنظر في الاتهامات الموجهة للصحفيين، وهي تهم كيدية ومفبركة وفق محاميي الدفاع حيث تتهم مليشيا الحوثي الصحفيين بالتخابر مع دول العدوان، في إشارة إلى التحالف الذي تقوده السعودية، إضافة إلى اتهامات أخرى منها إرسال إحداثيات، والنشر في مواقع التواصل والصحف أخبار مناوئة للمليشيا.