اجمع سياسيون وإعلاميون ونشطاء في المجتمع المدني على أن الحكومة تعاملت بحكمة ومسؤولية تجاه الأحداث الأخيرة التي شهدتها عدن، وبعض المحافظات الجنوبية، والتزمت الرئاسة بالعهد الذي قطعته للشعب اليمني في الالتزام بالمرجعيات الوطنية والعمل على استعادة مؤسسات الدولة ومواجهة كافة مشاريع التمرد والفوضى.
وعملت الحكومة بتوجيهات رئيس الجمهورية في معالجة الاختلالات والتصدي لكل محاولات العبث والفوضى، وأدارت الحوار الذي رعته قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية ممثلة بالمملكة العربية السعودية حتى أنجز اتفاق الرياض الذي أكد على الالتزام بمرجعيات السلام الأساسية وفي مقدمتها المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرارات الدولية ذات الصلة وفي طليعتها القرار رقم 2216.
الهدف واحد
تقول القيادية في اتحاد نساء اليمن بالعاصمة المؤقتة عدن، فالنتينا عبدالكريم مهدي إن «الحكومة تعاملت بمسؤولية تجاه الأحداث وقادت الحوار الذي نتج عنه اتفاق الرياض ، مؤكدة أن القضية الجنوبية قضية تهم الجميع وليس هناك ما يبرر إراقة الدماء، فبالحوار نرتقي لنصل إلى اتفاق وهذا ما حدث والحمد لله، واليوم على الجميع ان يتحمل مسؤوليته والابتعاد عن المماحكات ووقف المهاترات، ان اختلفنا سنختلف بالتفاصيل لكن الهدف واحد هو الوطن وحقوقه وحقوق الشعب، انا عن نفسي أبارك هذا الاتفاق وسنعمل على تنفيذه بمساعدة اشقائنا السعوديين».
وتضيف مهدي: «من خلالكم اسمحوا لي أن أشكر جلالة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان والجيش السعودي وكل من يساعد الشعب اليمني على توحيد الصفوف وتثبيت هيبة الدولة وتوحيد القوات المسلحة بجيش وطني واحد تحت مظلة الشرعية بقيادة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، والشعب تحمل بما فيه الكفاية والآن وقت الجد وبذل الجهود لإرساء الأمن والأمان والاتجاه نحو الإعمار وإنصاف المظلومين وتمكين الكفاءات للمشاركة في إدارة الدولة بعيدا عن المناطقية والعنصرية وتوجيه كل القوات لتحرير ما تبقى من المناطق اليمنية الغير محررة ليعيش الشعب بأمن وأمان، لقد أنتجت الحرب الكثير من المآسي من قتل ودمار وتشريد ومجاعة إلى هنا وكفى.. وحتى يتم ذلك يجب تمكين الحكومة الشرعية من إدارة المؤسسات وتوفير احتياجات المواطن وحماية حقوقه وإنهاء مظاهر الفوضى والنهب والمناطقية».
إنهاء المظاهر المسلحة
وتختم مهدي حديثها بالقول: «ومن هنا أخاطب الإخوة في التحالف وبالذات المملكة العربية السعودية ان استقرار اليمن هو استقرار للمملكة العربية السعودية وأمن اليمن هو أمن المملكة ويجب أن يحقق التحالف أهدافه الحقيقية دعم الحكومة الشرعية ودعم اليمن وحل اي خلاف وفق المرجعيات الثلاث.. وإن شاء الله الشعب كله بدون استثناء مع من سيقف مع اليمن وسيراقب، فمن كان صادقا معنا قلنا له شكرا وتعظيم سلام، ومن خالف العهد فليس له مكان بيننا. ونحن على ثقة بأن المملكة بلد الملك سلمان الحزم سيحزم مع اليمن حبا وصدقا ليقف مع فخامة الرئيس في تمكين الدولة وعودتها إلى عدن لممارسة عملها وبسط هيبة الدولة بمساعدة المملكة وكل الشعب بإذن الله مع فخامة الرئيس ومع المملكة ولنبدأ العمل من عدن في إنهاء المظاهر المسلحة الخارجة عن مؤسسات الدولة وتعيين الكفاءات لإدارة عدن وبسط الأمن والأمان والاتجاه إلى الإعمار وهذا سيعطي نموذجاً يشجع المواطنين في المناطق غير المحررة على الوقوف صفا واحدا لتحرير أراضيهم لتكون مدنهم محررة ويصلها الإعمار ويعيش المواطن الحياة الكريمة أسوة بمواطني المناطق المحررة، والانطلاق نحو التحرير يبدأ من عدن الباسلة قلعة الاحرار».
مشاريع إقليمية ضيقة
وبدوره يقول عبدالناصر بن حماد العوذلي، الأمين العام المساعد لحزب جبهة التحرير- عضو رئاسة الائتلاف الوطني الجنوبي: «ما حصل في عدن من انقلاب على الشرعية، كان عملا ممنهجاً تم دعمه على مدى سنوات عدة، منذ تحرير عدن في أغسطس 2015م.. كانت هناك نوايا مبيتة، وكان هناك مشروع إقليمي يتمحور ويظهر إلى السطح من خلال تبني جماعات مسلحة، وانتشار كيانات مسلحة خارج إطار الدولة اليمنية، وخارج إطار المؤسستين العسكرية والأمنية، وهذا الذي أوصلنا إلى الإخفاق، هذه الجماعات المسلحة التي حملت مشروعا خارج إطار الشرعية، وكانت عبارة عن دولة موازية للشرعية، واستطاعت ومن خلال تلقيها لدعم لوجستي ومادي مهول من قبل من كان يسيرها من المحيط الإقليمي، وبالتالي وصلت إلى مرحلة التحضير لإسقاط الدولة اليمنية وإسقاط الشرعية، وقد كانت الحرب التي اشتعلت مؤخرًا والتي قوضت دعائم الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن».
ويضيف: «ومع ذلك استجابت الشرعية لدعوة الأشقاء في المملكة العربية السعودية للحوار، وكانت الشرعية على مستوى الحدث، وتعاطت مع طرح الأشقاء في رأب الصدع شريطة أن يكون الانتقالي مكونًا سياسيًا، لكن ما رفضته الشرعية هو التمثيل الحصري، ومع ذلك نحن نقول: إن الانتقالي عندما جاء لابد أن يكون إلى جانبه كل المكونات التي عملت على حل القضية الجنوبية، والتي حملت حمل القضية الجنوبية والتي انخرطت في النضال منذ 2007م».
ويؤكد العوذلي: «حصر الحوار مع الانتقالي حتى لو كان مكونا سياسيا يعطيه بعض الكينونة وكذا بعض من الانتفاشة ليكون ممثلا أمام أتباعه بأنه هو من أدار الحوار مع الشرعية منفردًا. لذلك وجب على الشرعية أن تكون حريصة في هذا المجال، وفي اشراك قوى سياسية أخرى إلى جانب الانتقالي».
منطلقات الحوار الوطني
ويضيف: «دور التحالف كان محوريا في رأب الصدع وتقريب وجهات النظر وكذا في إلزام كل الأطراف بالانخراط في عمل وطني والتوجه بعد ذلك إلى حرب المشروع السلالي الحوثي، الذي يراد له أن يقوض أمن واستقرار المنطقة وليس اليمن فقط، وكان الأشقاء في المملكة العربية السعودية حريصين على دعوة وجلوس كل الفرقاء اليمنيين على طاولة الحوار لرأب الصدع لتخرجنا من أتون هذه الفوضى ومن الإرهاب، ومن الإخفاق إلى توحيد الجهود والاصطفاف صفًا واحدا خلف الشرعية، والانطلاق نحو بناء الدولة الاتحادية في المحافظات المحررة».
ويوضح قائلاً: «لأننا اليوم عندما ننطلق من منطلقات الحل أو منطلقات هذا الاتفاق الذي يستند على مخرجات الحوار الوطني ومن المحاصصة (مبدأ ٥٠٪) والذي على أساسه تم الدعوة نحو تشكيل حكومة وطنية مكونة 24 حقيبة وزارية، يكون للجنوب فيها 12 وزارة، وبالتالي نحن اليوم ننطلق من منطلقات الحوار الوطني.. هذا الحوار أيضا يستند على المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة».
ويواصل العوذلي حديثه لـ«26سبتمبر قائلاً: «إذن نحن اليوم نقوم بصياغة عقد جديد؛ شرط أن يكون هذا العقد حقيقيا وينطلق من منطلقات البناء الصحيح للدولة الاتحادية، وألا يكون على غرار السلم والشراكة حيث أن الحوثيين آنذاك وقعوا سياسيًا على السلم والشراكة لكنهم ميدانيا كانوا يقومون بالإخلال بكل بنود الاتفاق وكانوا يقومون بالتمدد وينطلقون في تنفيذ مشروعهم السلالي».
توحيد القوات العسكرية
ويضيف: «ونحن اليوم نهيب بالشرعية والتحالف أن يكون الاتفاق اتفاقا حقيقيا، وأيضا ميدانيا بتنفيذ كل بنود الاتفاق، وفي دمج القوات التي بنيت خارج إطار الشرعية ويتم دمجها في المؤسستين الأمنية والعسكرية، هذا لو أردنا أن ننطلق انطلاقة صحيحة نحو بناء الدولة الاتحادية، مالم فإننا نرحل الصراع وأننا سندخل غدا أو بعد غد في أتون فوضى عارمة.. وهناك جانب آخر أيضا فيما يسمى بحراس الجمهورية؛ أعتقد أنه آن الأوان لأن تتأطر تحت المؤسسة العسكرية، مالم فإننا سنضطر لاحقًا إلى خوض غمار معركة مع هذه الجماعة ويكون الباب مفتوحا لصراعات قادمة، هذه الصراعات ستودي بالجمهورية وبالشرعية وستوصلنا إلى الإخفاق».
استكمال بناء الدولة
من جهتها تقول الناشطة وديعة علي عبدالرشيد رئيسة منظمة تحديث: «إن اتفاق الرياض يعتبر حلا وسطا يفترض أن يرضي كل الأطراف المتفاوضة». مضيفة: «طبعا لا يوجد اتفاق مثالي يرضي كل طرف من الأطراف المتفاوضة على نحو كامل، ولكن يوجد هناك اتفاق كحد أدنى من الممكن أن يشكل الخطوة الأولى على طريق إعادة إصلاح العلاقات بين مكونات الدولة اليمنية المستقبلية، وبالتالي يعتبر هذا الاتفاق بمثابة الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح وسيؤدي إلى فتح الطريق أمام مزيد من الإصلاحات البنيوية الأخرى حتى يكتمل بناء الدولة اليمنية على أسس سليمة».
وتؤكد رئيسة منظمة تحديث: «وأرى بأن هذا الاتفاق يخدم الجميع من أجل التخلص من الأزمات التي يمر بها اليمن، وحقنا لدماء اليمنيين. والوصول إلى حلول سريعة تنقذ الشعب اليمني الذي مزقته الحرب، حيث يركز الاتفاق على توحيد الصفوف وتحقيق الاستقرار وتوحيد القوى العسكرية واستعادة الدولة وتحقيق النمو الاقتصادي».
وبالنسبة لدور التحالف تقول الناشطة وديعة علي: «أرى أن المملكة العربية السعودية تعاملت بصبر وحنكة سياسية ودبلوماسية من حيث الدور الكبير الذي قامت به في صناعة السلام في اليمن، حيث قامت بالجمع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي على طاولة واحدة من خلال تبنيها هذا الحوار والخروج منه باتفاق يخدم المواطن اليمني أولاً، ويحقق الأمن والأمان في المنطقة ككل».
مواجهة الانقلاب
من جانبه قال أحمد الصباحي، مدير مركز المنبر اليمني للدراسات والإعلام: «إن الحكومة الشرعية تعاملت بطريقة إيجابية مع الاتفاق وفي نفس الوقت رفضت أي انقلاب أو تمرد على الشرعية باعتبار ذلك يمهد لتفكك الدولة وانهيار البلاد ودخولها في مرحلة التفكيك والتمزق»، ويضيف: «بالتالي أعتقد أنها تعاملت مع دعوات الحوار مع الانتقالي بشيء من المنطق والتعقل مع فرض شروط ومحددات عامة للتحاور وهو أمر طبيعي، وهناك توجه عام للحكومة الشرعية بغرض توحيد جميع المكونات اليمنية واستعادة مؤسسات الدولة لغرض واحد وأساسي وهو مواجهة الانقلاب الحوثي الذي يمثل أكبر مشكلة تمر بها اليمن خلال السنوات الأربع الماضية».
وأضاف الصباحي: «وكان دور التحالف دوراً إيجابياً نثمنه ونقدره عالياً، فقد أثبتت قائدة التحالف المملكة العربية السعودية حرصاً بالغاً على أمن واستقرار اليمن، وعملت على التحرك بإيقاف مواجهات عدن ودعوة الأطراف إلى جدة للجلوس على طاولة الحوار والخروج باتفاق ينهي المشكلة ويعيد للدولة هيبتها، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون وتوحيد الصفوف في مواجهة الانقلاب الحوثي».