أثارت احصائية غير رسمية بشأن الأوضاع الاجتماعية في الدول العربية جدلا كبيرا في الأردن، حيث تكشف الاحصائية مزاحمة المملكة كل من اليمن وسوريا على المراتب الأولى في معدلات الفقر بنسب تقدر بنحو 56 بالمائة.
وانقسمت المواقف في الأردن بين مؤيد لصحة هذه الإحصائية في ظل شكوك في مدى صدقية الارقام الرسمية المعلنة في السابق، وبين شق آخر يتبنى نظرية “المؤامرة” يعتبر أن طرح الاحصائية في هذا التوقيت ومقارنة الأردن بدول تشهد اضطرابات لا يخلو من أبعاد سياسية.
ويعيش الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة نتيجة عوامل هيكلية وأخرى مرتبطة باستشراء الفساد وسياسات الحكومات المتعاقبة الترقيعية، وقد تفاقمت هذه الأوضاع في السنوات الأخيرة نتيجة الاضطرابات التي تعصف بمحيطه، فضلا عن تراجع عمان في سلم أولويات الدول الداعمة، لعدة اعتبارات من بينها خفوت وهج الاردن كوسيط في الملفات الكبرى.
وتجد حكومة عمر الرزاز حتى الآن صعوبة في إيجاد التوليفة اللازمة لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية، فبعد فقدان الأمل في الرهان على دعم خارجي وازن يعيد لها التوازن، انصب تركيزها على البحث عن حلول في الداخل عبر إعلان الحرب على الفساد، والسير في خيار التقشف، وآخر الخطوات على هذا المستوى السعي إلى دمج المؤسسات والهيئة المستقلة التي يناهز عددها 75 مؤسسة، وباتت تشكل عبئا ثقيلا على خزينة الدولة.
الحكومة سارعت إلى التشكيك عبر دائرة الإحصاءات العامة في حقيقة الارقام التي صدرت عن إحدى المواقع الإخبارية والتي يتقدم فيها الأردن كل من مصر وموريتانيا في معدلات الفقر
ويبدو أن الخيار الثاني الذي كان اجباريا، لن يحقق المطلوب في ظل وجود “قوى الشد العكسي”، على حد تعبير هيئة النزاهة والمحاسبة، واقتصاد يقوم على القطاعات الهشة، وهذا ما قد يعني أن الأردن مرشح لأن يشهد هزات اجتماعية جديدة.
وبالتوازي مع المحاولات اليائسة لإنعاش الوضع الاقتصادي تعمد مؤسسات الدولة في كل مرة إلى التلميح أو الإيحاء بوجود قوى خارجية تتربص بأمن الأردن واستقراره الاجتماعي، فيما يبدو لإثارة الخوف في الشارع من مغبة الإقدام على أي خطوات تصعيدية، خاصة مع اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات في الجوار (العراق مثالا).
وسارعت الحكومة، مثلما هو متوقع، إلى التشكيك عبر دائرة الإحصاءات العامة في حقيقة الارقام التي صدرت عن إحدى المواقع الإخبارية والتي يتقدم فيها الأردن كل من مصر وموريتانيا في معدلات الفقر، مشددة على أن نسبة الفقر في المملكة هي الاقل على المستوى العربي.
وقال المدير العام لدائرة الاحصاء قاسم الزعبي إن نسبة الفقر لا تتجاوز 15.7 بالمائة، وأن التقارير والمعايير الدولية والتي تستند في الغالب إلى أرقام الدائرة، تؤكد أن الوضع المعيشي في المملكة ما زال محافظا على مكانته بالنسبة لهامش الفقر المدقع، وتشير النتائج إلى أن عدد الأفراد الفقراء لا يتجاوز 8 آلاف حالة.
وتكشف ردود الافعال من الارقام التي كشف عنها الزعبي عن شكوك كبيرة في صدقيتها، ذلك أن النسبة الاجمالية المعلنة وهي 15 بالمائة لا تتناسب والرقم 8 آلاف؟، هذا إلى جانب أن الاحصائية التي استند إليها تعود إلى العام 2017. وقال النائب معتز أبورمان في تغريدة الأحد على “فايسبوك”:
واعتبر الإعلامي الاردني محمد سويدان أن الاحصائيات التي قدمتها دائرة الإحصاء هي “محاولة للتخفيف من الانتقادات الشعبية لسياسات الحكومة الاقتصادية.. فالهدف واضح، الحكومة تقول أن أوضاعنا حلوة ولايوجد لدينا فقر.. الواقع يكذب كل التصريحات الحكومية بهذا الخصوص”. وتسائل أحد النشطاء “ربما يقصد (الزعبي) بـ7 آلاف من يموتون سنويا أو يتوقع موتهم قريبا بسبب الجوع؟”.