بدا واضحاً أن السلطات الإيرانية قررت التصدي وبقوة للتظاهرات التي خرجت ضد قرار حكومة الرئيس حسن روحاني رفع أسعار الوقود وتقنين الدعم، وذلك في محاولة لتجنب اتساع الاحتجاجات.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الإثنين، يواجه النظام الإيراني أقوى تحد في تاريخه، بسبب حملة الضغوط القصوى التي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إضافة إلى تخوف النظام أيضاً من سقوط حلفائه في العراق ولبنان واليمن أو في عموم المنطقة.
إيران والحلفاء
قال الكاتب الصحفي طوني فرنسيس في مقال له بصحيفة “إنديبندنت” عربية إن الأمور حتى الآن غير واضحة في إيران، مشيراً إلى إمكانية تطور المواجهات هناك لتصل إلى انتفاضة شاملة.
وحاول فرنسيس الربط بين ما يجري في إيران وبين حلفائها بالمنطقة، مشيراً إلى انشغال إيران قبل ما أسماه بانتفاضة البنزين المشتعلة بها بأمور عدة، حيث عقدت مؤتمراً للوحدة الإسلامية جلبت إليه أنصارها من بقاع الأرض، وهو المؤتمر الذي هاجمت من خلاله ما يجري من ثورات شعبية في العراق ولبنان.
وأشار الكاتب إلى انتقاد السلطات الإيرانية لهذه الثورات بل واتهام من يشاركون بها بالحصول على الدعم من أطراف عربية، وهو أمر سعت بعض القوى إلى ترديده في بداية الثورة.
وربط فرنسيس بين ما يجري في لبنان وبين إيران في ضوء تطورات الموقف السياسي، ملمحاً إلى محاولة إيران الحفاظ على حليفها الأبرز في إيران وهو حزب الله معتبرة أن هزيمة الحزب الآن أو حصول أي تطور سلبي لتوجهاته السياسي يعني هزيمة مشروعها في الخارج.
وأشار الكاتب إلى أن تطورات الوضع في إيران ستدفع بالحزب إلى انتهاج المزيد من السياسات المطالبة بتمسكه بحكومة لبنانية ملائمة لأهدافه، وستجد الانتفاضة اللبنانية نفسها في مواجهة مباشرة معه، وهو ما يشير إلى تأثر لبنان بما يجري الآن من تطورات في إيران.
الفشل الإيراني
من جهته أشار الكاتب والمحلل السياسي اللبناني خير الله خير الله إلى أن الثورة الإيرانية باتت تمثل تتويجاً واضحاً لفشل النظام.
وأشار الكاتب إلى أن الإيرانيين بدأوا يتأثرون بشجاعة العراقيين الذين لا يقاومون نظاماً فاسداً فحسب، بل يقاومون المستعمر الإيراني أيضاً.
وأوضح خير الله في مقاله بصحيفة “العرب” اللندنية إنه لمن الطبيعي أن ينتفض الشعب الإيراني على النظام الحالي بعد أن طفح الكيل بأبناء الشعب الإيراني ممن اكتشفوا الدجل الذي يمارس في حقّهم والذي جعل نصف الشعب يعيش تحت خط الفقر.
وقال: “ما تشهده إيران هذه الأيّام هو تتويج لفشل نظام ليس لديه ما يصدرّه غير السلاح والبؤس والميليشيات والغرائز المذهبية، في حين يشكو الإيراني العادي من غياب لقمة العيش ومن صرف الأموال على “حزب الله” في لبنان أو “حماس” أو “الجهاد الإسلامي” في غزّة أو “أنصار الله” في اليمن، متسائلاً ما الذي يؤدي إليه الاستثمار في الميليشيات؟ هل الاستثمار في البؤس يمكن أن تكون له أي نتائج إيجابية على أيّ صعيد كان؟
وانتهى خير الله في مقاله بالقول إن “إيران ستتحرر عاجلاً أم آجلاً من نظام متخلّف يعيش من تصدير أزماته إلى خارج حدوده، والمسألة ليس إلا مسألة وقت لهذه الخطوة.
تجاعيد سوفياتية
بدوره قال الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” غسان شربل، أن ما يجري الآن من تطورات في إيران ليس إلا تجاعيدُ سوفياتيةٌ على وجه هذا النظام.
ونبه شربل إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي ينزل فيها إيرانيون إلى الشارع تعبيراً عن غضبتهم وخيبتهم، حيث شهدت إيران احتجاجات سابقة، لكنها نجحت في قمعها وتشتيت المحتجين والالتفاف على مطالبهم.
وأوضح شربل أن إيران الآن تعيش في أسوأ أوضاع اقتصادية منذ الثورة بفعل العقوبات الأمريكية، وهو ما يزيد من زخم هذه الثورة.
ونبه الكاتب إلى أن النظام الإيراني يرفض بصورة قاطعة التقاط الرسائل التي تبعث بها الاحتجاجات الإيرانية. لذلك سارع مسؤوليه إلى الحديث عن التخريب الموجه من الخارج لتبرير قمع الاحتجاجات.
الصعوبات التي تعيشها إيران جدية وفعلية. إنها تهدد اقتصادها وتهدد أيضاً قدرتها على متابعة دورها في الإقليم. يصعب الاعتقاد أنها ستسلم بأن الانتقال من الثورة إلى الدولة حتمي لتفادي الانهيار أو الصدامات التي لا تنتهي. لهذا يُخشى أن تلجأ إيران إلى الهروب إلى الأمام بافتعال حريق خارجي بعد أن صارت النار في الدار.
واشار شربل في نهاية المقال إلى أن إيران تواجه الآن بالضبط ما كانت يواجهه في السابق الاتحاد السوفيتي، الأمر الذي يزيد من خطورة الموقف بها.
اعتقالات واضطرابات
من جهتها حاولت صحيفة “الجريدة” الكويتية تحليل موقف القوى السياسية الداخلية في إيران وتأثير ما يجري عليها، ونقلت الصحيفة عن الأمين العام لمجلس الأمن القومي الأعلى علي شمخاني تأكيده بامتلاك المتظاهرين لأسلحة نارية.
وأوضحت الصحيفة أن السلطات الإيرانية تتهم المعارضة الإيرانية (مجاهدي خلق) وبعض ممن وصفتهم بأعداء الثورة بمهاجمة قوات الأمن.
وقال مصدر سياسي للصحيفة إن “شمخاني أكد للنواب أن قرار الحكومة بتحريك أسعار الوقود سيوفر عليها 6 مليارات دولار، يمكنها أن تصرف منها نحو المليارين توزعها على الناس، وأربعة مليارات توفرها لمصاريف أخرى”.
وأضاف هذا المصدر أيضا أن الحكومة درست جميع جوانب الموضوع، ومنه الظروف الحساسة التي تشهدها المنطقة والبلاد، وأن الناس سيثيرون غضباً، ولكن لم يكن في يدها أي حيلة وكان عليها أن تقرر بين انهيار وإفلاس البلاد أو اتخاذ القرار.