لا تزال القطع الأثرية اليمنية النادرة وذات القيمة التاريخية الكبيرة، تعرض للبيع في المزادات العالمية بأثمان زهيدة، بعد مرورها بمشوار طويل من التجريف والتهريب والمتاجرة من قبل عصابات محلية ودولية نشطة في هذه الأعمال غير المشروعة.
وللعصابات الحوثية المتمردة اليد الطولى في هذه العمليات الإجرامية والتي يجب أن لا تغتفر لها مهما طال الزمن، إذ أنها لاتهدف فقط إلى كسب المزيد من الأموال من وراء هذه التجارة غير المشروعة ، بل يتمثل هدفها الرئيس في تجريف وطمس كل ماله علاقة بالتراث الثقافي اليمني من مخطوطات وقطع أثرية ومعالم تاريخية ومورث شعبي يمني حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم أن اليمنيين تربطهم حلقة وصل وثيقة بتراثهم وتاريخهم وأمجادهم وحضاراتهم المختلفة، هي سر شموخهم وقوتهم وترابط نسيجهم الاجتماعي مهما اختلفت توجهاتهم، ولأجل ذلك هم يعتقدون أن تجريد اليمنيين من أصالتهم تبدأ من طمس معالم تاريخهم القديم.
عملت المليشيا الانقلابية المتمردة خلال سنوات سيطرتها على المناطق الخاضعة لها وبشكل علني وواضح على تفريغ محتويات المتاحف الواقعة في هذه المناطق، وأوكلت إلى عصاباتها بتهريب هذه القطع والمتاجرة بها، واستبدلت مواقعها في المتاحف بصور ومقتنيات قتلاها، ومقتنيات أسلافها الإماميين المتوردين، بهدف زرع قناعة لدى الأجيال بأن هذا تاريخهم ليس إلا.
مايقع على عاتقنا كمثقفين وناشطين ورجال دولة وقيادات في العمل الثقافي التصدي لهذا العبث الكبير كأولوية مطلقة، وأن نخصص لهذا العمل مساحة كبيرة في أجندة أعمالنا، من خلال الالتئام بشكل منظم لمناصرة هذه القضية وكسب التأييد لها محليا ودوليا باستخدام التقنيات المتقدمة لتحقيق ذلك، ولا بد أن تحقق هذه المناصرة العديد من المكاسب منها تفعيل الهيئة العامة للآثار وفروعها في جميع المحافظات، والضغط على الحكومة لدعم هذا القطاع الهام بميزانية مناسبة ودعم دبلوماسي وسياسي، وتوجيه وزارة الثقافة لتنظيم أنشطة دائمة موجهة لخدمة الحفاظ على التراث وصونه، وصناعة رأي عام حول هذه القضية يفضي إلى إدارك الجميع بخطورة مايجري ليبادروا جميعا إلى خدمة هذه القضية، كل من موقعه وبحسب ما يستطيع تقديمه لهذا القضية الوطنية ذات الأولوية المطلقة.