سبتمبر نت
في الأيام الأخيرة حلت علينا الذكرى الثالثة لاستشهاد الفريق الركن عبدالرب الشدادي، أحد أبرز قيادات الجيش اليمني، الذي استشهد في السابع من أكتوبر 2016م أثناء قيادته العمليات العسكرية في جبهة صرواح غربي محافظة مأرب.
وتزامناً مع الذكرى الثالثة لاستشهاده«26 سبتمبر» تناولت سيرته على النحو التالي:
الدكتور صالح الشدادي شقيق الشهيد عبدالرب الشدادي أوجز مسيرة الشهيد العطرة والمليئة بالسجايا والخصال النبيلة في حياته المدنية والعسكرية قائلاً: «الفريق الركن/ عبدالرب قاسم أحمد عبدربه الشدادي استقبلته الشجاعة ليكن لها أبا ومعلما محتضنا لها فاستلهمت منه أسسها وسماتها وخصائصها وقواعدها وذلك في عام 1963 – قرية الغول – مديرية العبدية – محافظة مأرب، حيث أناخ فارسنا البطل لتستقبله شوامخها الشماء مفاخرة به البقاع بأنها قد تشرفت بمروره على ظهرها وتربى في رياضها».
ويضيف الدكتور صالح: «ما إن فتئ الشهيد يستشف معاني الحياة ويحولها إلى سلم يرتقي عليها إلى ذرى الأمجاد حتى علم اليتم، حيث استشهد والده قاسم أحمد عبدربه الشدادي وعددٍ من إخوته، وهو في الخامسة من عمره في حرب بين الجمهورية والملكية إثر اجتياح قريته، وتم على إثرها تهجير أهل قرية الغول جميعاً».
أب ومعلم للشجاعة والإقدام
ويضيف شقيق الشهيد: «تولى رعايته وتربيته أخوه الأكبر عبد ربه قاسم أحمد الشدادي، وساهم خاله الشيخ سعيد الصوفي وأمه في رعايته بعد انتقال أمه إلى قرية خليلة، بينما كان يساعدهم في أعمال الزراعة والرعي ليعود وهو في سن التاسعة طالباً للعلم تحت كنف أخيه الذي أحبه فتلقى تعليمه الأولي في المعلامة (الكتاب) بقريته متتلمذاً على يد عمه شقيق والده محمد أحمد عبدربه الشدادي استطاع حينها تعلم القراءة والكتابة وختم القرآن الكريم».
وأضاف الدكتور صالح: «ولأن الشهيد القائد عبدالرب الشدادي كان نشيطاً نجيباً يحمل بين جوانحه همة تطاول السحب فقد تولى إدارة شؤون أسرته عند ذهاب إخوانه للغربة فكان قائماً على الزراعة مشرفاً على سير أمور أسرته بهمة ورجولة، وما إن أحس بالمسؤولية حتى أخذ على عاتقه هم مساعدة إخوانه في تحسين دخل الأسرة فكان يذهب كلما سنحت له الفرصة إلى منطقة حريب للعمل هناك، حيث كان لأخيه الشهيد/ سالم قاسم أحمد الشدادي رحمه الله دور كبير في توجيهه لطريق العلم والمعرفة وكان قائدنا يعد نفسه ثمرة من ثمار أخيه سالم».
بعد ذلك التحق بالسلك العسكري بتاريخ 1/1/1981م جندياً في معسكر خالد بن الوليد بمحافظة تعز وتخرج عام 1982م من دورة في سلاح المدرعات، ثم أخذ دورة في سلاح المشاة عام 1983م، رقي على إثرها إلى صف ضابط في منتصف عام 1983م.
في عام 1983 تزوج عبدالرب الشدادي من أم أولاده وأنجبت له تسعة من الأبناء، أربعة من الذكور وخمس من الإناث.
تم سجنه لمدة شهرين ثم فصله من معسكر خالد عام 1984 على إثرِ حادثة مشهورة، تصدى خلالها للضباط الفاسدين الذين تعاونوا مع مهربي الخمور، ليسافر بعدها إلى السعودية للعمل.
عاد إلى السلك العسكري بالالتحاق بالفرقة الأولى مدرع بطلب من الفريق الركن/ على محسن الأحمر، بواسطة تعريف الدكتور عبدالولي الشميري الذي سمع عنه وعن بطولاته ورجولته وصدق ضميره وأمانته.
واصل الشدادي تعليمه الابتدائي في معسكر خالد بن الوليد ثم في الفرقة الأولى مدرع حتى أنهى تعليمه الابتدائي والإعدادي.
في 1990م التحق بمدرسة المشاة وأخذ دورة في تأهيل الضباط وتخرج بتقدير ممتاز برتبة ملازم ثاني وتم ضم الضباط الخريجين من مدرسة المشاة على الدفعة السابعة والعشرين من خريجي الكلية الحربية.
عين ركن تسليح الكتيبة الثالثة باللواء الأول مدرع حتى عام 1992م.
وفي مطلع 1993م رقي إلى رتبة نقيب وعين كاتباً مالياً للواء 310 مدرع من قوات الفرقة.
شارك في عام 1994 في الدفاع عن الوحدة وسجلت له العديد من المواقف البطولية التي برزت فيها شجاعته وسمو أخلاقه وحكمته.
عاد بعد الحرب لممارسة عمله كاتباً مالياً في اللواء 310 في محافظة عمران.
خلال الفترة من عام 1995 إلى 1997م اشترك في حروب ضد متمردين في قفلة عذر في محافظة عمران وأصيب فيها وكان له مواقف شجاعة مع الشهيد حميد القشيبي.
أكمل دراسته العلمية وحصل على شهادة الثانوية العامة في 1998م.
في 1/9/1998م التحق بمعهد الثلايا في عدن لدارسة دورة قيادة الوية وتخرج من المعهد في العام التالي بدرجة امتياز.
بعد التخرج من معهد الثلايا رقي إلى رتبة رائد وعاد إلى عمله في اللواء 310 مدرع بمدينة عمران، وواصل خلال هذه الفترة دراسته الجامعية في كلية التربية بجامعة صنعاء فرع عمران قسم تاريخ وحصل على درجة البكالوريوس في عام 2004م.
كان له العديد من الأنشطة الخدمية والإسهامات المميزة في خدمة المجتمع حيث اسس جمعية النهضة السكنية في عام 1995م، وكانت نموذجاً باهراً في خدمة العديد من أبناء القوات المسلحة وذوي الدخل المحدود وتأمين مدن سكنيه لهم، كما أسس مع مجموعة من أبناء مديريته مؤسسة جسور الخير للتنمية في عام 2008م والتي تمكن من خلالها من تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في مجال التعليم والمساعدات الإنسانية في مديرية العبدية.
لم يكن رغم انشغاله بعمله العسكري وتحصيله العلمي بمنأى عن مجتمعه الذي أحبه فكان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر مبادراً لحل كثير من القضايا والمشاكل العويصة والمعقدة باذلا في سبيل حلها كل ما بوسعه من وقت وجهد ومال، مشاركاً ما استطاع كل من يعرف في أفراحهم ومواسيا لهم في اتراحهم.
التحق بكلية القيادة والأركان في عام 2004م، وحصل على شهادة الماجستير علوم عسكرية في 12/10/2005م بدرجة جيد جداً، رقي بعدها إلى رتبة مقدم مع حمل هيئة الركن.
عين قائداً للكتيبة الثالثة من اللواء 310 مدرع فور تخرجه من كلية القيادة والأركان وظل في هذا المنصب من عام 2005م إلى عام 2008م شارك خلالها في الحرب الثالثة مع كتيبته في صعدة حتى أصيب في عام 2007م انتقل على إثرها للعلاج في جمهورية مصر العربية.
في عام 2008م تم تعيينه رئيس عمليات لواء المجد ليتم بعد ذلك ترقيته إلى رتبة عقيد وتعيينه أركان حرب اللواء 72 حرس جمهوري بمنطقة حرف سفيان بمحافظة عمران.
في نهاية العام 2010م التحق بكلية الحرب فتم استدعائه من قيادة الحرس الجمهوري على أُثر اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية 2011م، حيث كلف بنقل كتيبتين من اللواء 72 حرس جمهوري إلى العاصمة صنعاء.
قام مع كتيبته بحراسة ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء أصيب فيها بعدة إصابات في مواجهتين مختلفتين.
تمكن خلال ثورة 2011م في ساحة التغيير بصنعاء من نيل محبة واحترام جميع المكونات الثورية ونفذ مهمته في حماية الساحة والمعتصمين وسجلت له مواقف بطولية أثناء الدفاع عن المتظاهرين في العديد من المواقع والأحداث أبرزها مواجهات جولة كنتاكي التي أصيب فيها.
حرص طيلة فترة عمله في ساحة التغيير على حقن الدماء وتجنب الصدامات بين قوى الثورة والقوى المعادية لها.
في 2012م رقي إلى رتبة عميد، وعين قائداُ للواء 312 مدرع بمديرية صرواح محافظة مأرب، وعند تسلمه منصبه عمل على رفع معنويات وكفاءة منتسبي اللواء وفرض هيبة الدولة في المديرية بأكملها.
بعد سقوط العاصمة صنعاء في أيدي القوى الظلامية الكهنوتية في 21سبتمبر كان له الدور الأكبر في الدفاع عن البوابة الشرقية للوطن ممثلة بمحافظة مأرب ابتداءً من تأسيس ما يعرف بالمطارح والتنسيق مع جميع الشرفاء والأبطال من أبناء ومشائخ وعقال ووجهاء محافظة مأرب وقيادة السلطة المحلية والمقاومة.
في 7/4/2015م صدر قرار جمهوري بتعيينه قائداً للمنطقة العسكرية الثالثة وتمكن بحنكته وحكمته من إدارة دفة القيادة بكفاءة عالية وبدأ منذ الوهلة الأولى العمل على تأسيس وبناء القوات المسلحة والأمن من جديد وكان حريصاً دوماً على ضرورة بناء جيش وطني بعيداً عن الولاءات الشخصية والحزبية والمذهبية والمناطقية وكان تحقيق هذ الهدف أهم أولوياته.
قاد بنفسه العديد من المعارك البطولية في الدفاع عن محافظة مأرب وشارك في الصفوف الأولى مع العديد من الرجال الأوفياء من جميع أبناء اليمن الذين استشهدوا وهم يدافعون عن الثورة والجمهورية وكان من بينهم العديد من أقاربه ومرافقيه، حتى تم طرد المليشيا الظلامية من تخوم مدينة مأرب في 5 اكتوبر 2015م.
برزت شجاعته النادرة وأخلاقه الرفيعة وإدارته الحكيمة طوال فترة توليه قيادة المنطقة العسكرية الثالثة حيث استطاع توحيد جميع الفئات والمكونات القبيلة والاجتماعية والسياسية واستنهاض الهمم وتوحيد الصفوف وعرف بكرمه وزهده وسعة صدره وحنكته العسكرية، وسطر اسمه في أنصع صفحات التاريخ.
أصيب خلال مسيرة حياته البطولية بأكثر من 20 إصابة في محافظة صعدة وعمران وصنعاء ومأرب.
في يوم الجمعة 7 اكتوبر 2016م ترجل الفارس المغوار الشهيد القائد اللواء الركن: عبدالرب قاسم أحمد عبدربه الشدادي عن جواده لتتحقق له أمنيته التي طالما تمناها وعمل من أجلها تاركا خلفه رصيداً مشرفاً ملهماً للأجيال في شتى مجالات الحياة وليروي بدمه الطاهر تراب وطنه.
نبراس في التضحية.. مقدام في الوغى
من جانبه قال قائد محور بيحان اللواء الركن/ مفرح بحيبح زميل الشهيد الشدادي: «إن في مثل هذا اليوم السابع من أكتوبر 2016م ترجل فارس الفرسان والأسد الضرغام الشهيد القائد البطل اللواء الركن عبدالرب قاسم الشدادي مؤسس الجمهورية الثانية شهيداً في ميادين العزة والإباء في جبهة صرواح غربي محافظة مأرب بعد جهاد ونضال كبيرين».
وأوضح اللواء بحيبح: «في معارك تحرير الشعوب وفي أشد الظروف يظهر العظماء، ومن أنبل الناس يخرج رجال التحرير كما هو حال شهيدنا البطل عبدالرب الشدادي رحمه الله».
وأكد قائد محور بيحان لـ26سبتمبر: “أن القائد الشدادي ظهر حين خان جنرالات الجيش العائلي الوطن والشعب وسلموه للكهنة وصبيان مران، ولقد واجه القائد الشدادي هو ومن معه من أبناء المقاومة الشعبية الأحرار مليشيا الانقلاب الإجرامية وهي في أوج قوتها وعنفوانها وصدوها ودحروها من أبواب مارب».
أول من وضع لبنات الجيش الوطني
وأضاف اللواء بحيبح: «لقد كان الشهيد الشدادي هو أول من وضع اللبنات الأولى لتأسيس الجيش الوطني، عندما سقطت الجمهورية والدولة ولم تبق إلا مارب التاريخ والحضارة، مارب المقاومة والبطولة قبلة الأحرار، ومدرسة الرجال وهازمة أعداء الجمهورية والانقلاب شامخة في وجه مليشيا التمرد والانقلاب الإمامية».
وأكد قائد محور بيحان في سياق حديثه عن الذكرى الثالثة لاستشهاد مؤسس الجمهورية الثانية: «نذكر ذلك القائد الفذ العظيم الذي عرفناه عن قرب، ومن أنبل من عرفناه في حياتنا المدنية والعسكرية وأشجع من رأيناه في ميادين الشرف والبطولة، وهو يتقدم الصفوف ويجلس بين الأبطال من جنوده كأنه واحد منهم».
قدم نفسه فداء للوطن
ويضيف اللواء بحيبح: «لقد قدم الشهيد الشدادي نفسه وماله وروحه وأهله فداءً للجمهورية والدولة والأمة والشعب اليمني ككل، حتى ترجل شهيداً مجيداً وترك لنا تركة عظيمة هم أبناؤه ورفقاؤه وتلاميذه وجنوده في مواقع العزة والكرامة».
ويؤكد قائد محور بيحان: «هؤلاء الأبطال وفي مقدمتهم الشهيد الشدادي هم من تقدموا الصفوف وتصدوا لمليشيا الانقلاب والانفصال والعمالة والإرتهان، ولا يزال أبناء الشدادي اليوم يواصلون مشوار والدهم في حين يترجل أخوه شهيدا في خيمة العزاء لله دركم يا آل الشدادي ونعم الأم التي أنجبتكم».
وقال اللواء بحيبح: «ونحن نحتفي اليوم بالذكرى الثالثة لاستشهاد القائد المجاهد عبدالرب الشدادي هنالك أخبار متداولة واتهامات تشير إلى أن القائد الشدادي تم اغتياله عبر آيادي دويلة الغدر والمكر والعمالة والخيانة الإمارات، نعم هذه الدويلة دويلة المؤامرات، التي أثبتت الأيام والسنين أن هناك العشرات من ضربات الطيران التي كانت تستهدف قوات وقيادات الجيش الوطني في كثير من الجبهات ابتداءً من العبر وفي الجوف ومأرب وصرواح وكوفل ونهم وغيرها كثير مما كانت تسمى بضربات الطيران الخاطئة، إنما كانت ضربات متعمدة لمنع تقدم الجيش الوطني واستهداف قياداته دعمٌاً للمليشيا الانقلابية، وقد ظهر ذلك واضحاً عند قصف طيران الإمارات لقوات الجيش الوطني على أبواب عدن في نقطة العلم وأبين والتي راح ضحيتها اكثر من 300 شهيد وجريح موخراً، ولقد كشفت الأيام الحقائق وبانت الدعاوي والشعارات الكاذبة، بأن من جاءوا باسم إعادة الشرعية وقطع أذرع إيران، إنما كان هدفهم الحقيقي هو هدم وأضعاف الشرعية وتمزيق وتقسيم البلاد ودعم مليشيا الحوثي ومليشيا الانفصال ومنع استعادة وقيام دولة اتحادية قوية في اليمن».
وأكد قائد محور بيحان: «أنهم يسعون إلى احتلال وتمزيق اليمن ونهب مقدراته وإضعاف شرعيته والتآمر على الجيش الوطني ومنع تسليحه ودعمه وقطع وتأخير مرتبات أفراده، مقابل إنشاء ودعم وتسليح وتمويل مليشيات عديدة، إنهم يريدون الوصاية على اليمن وإنهاكه وتدميره وإجهاض ثورته واستهداف شرفائه وتنصيب العبيد والعملاء والسيطرة على الموانئ والمطارات والجزر والسواحل ومنابع النفط والتحكم بالقرار وانتهاك السيادة، لكن نقول لهم لن تفلحوا ولن تستطيعوا، وستفشلون وتهزموا وتخرجوا مهزومين مدحورين».
لن ننسى الشدادي
وأضاف اللواء بحيبح لـ«26سبتمبر» بالقول: «نحن أحرار الجمهورية وأبطال الجيش الوطني لم ولن ننسى القائد الشدادي، ونعاهده أنا سائرون على دربه حتى نحرر اليمن من دنس مليشيا الكهنوت والسلالة والانقلاب، ومليشيا الاحتلال والانفصال والعمالة والارتهان، ونقول له نم قرير العين فنحن ما زلنا على وعدنا وقسمنا أن نواصل التحرير مهما تأمر الأعداء من كل جانب ومهما حاك المتحالفون المكائد، سننتصر ونقطع رؤوس السلالة والعنصرية الكهنوتية والعمالة والانفصال والإرتهان وكل عدوٍ متربص بالوطن وأمنه واستقراره».
وقال: “نحن أبناء وجنود القشيبي والشدادي وأحفاد الزبيري والنعمان والثلايا وعلي عبدالمغني أما من خان أو انحرف عن مشروع الشدادي وهو تحرير الوطن وإعادة الجمهورية فليس منا سننتصر لأننا على الحق مهما طغى الباطل وانتفش فدماء الشدادي وجميع الشهداء لن تذهب سدى”.