د. رياض الغيلي:
الفصل الثالث:
ولد يحيى محمد الشامي بقرية المسقاة مديرية السدة عام 1946م، وهو ابن الأخ الشقيق للقاضي أحمد محمد الشامي أمين عام حزب الحق ورئيس المجلس الأعلى لحكماء آل البيت باليمن السابق. التحق الشامي بالسلك العسكري عام 1963م كطالب في الكلية الحربية وتخرج منها عام 1965م ضابطاً في سلاح المدرعات. ثم تدرج في المناصب القيادية حتى تسلم قيادة المحور الجنوبي وقيادة اللواء الثاني مدرع في محافظة إب حتى نهاية عام 1984م، وليس صحيحا أنه كان من أبطال حرب المناطق الوسطى كما يروج، بل على العكس من ذلك تماماً فقد كان يزود ابن عمه (يحيى الشامي) عضو اللجة المركزية للحزب الاشتراكي بالمعلومات العسكرية الحساسة لإيصالها إلى قادة الجبهة، كما ارتبط اسمه بجرائم مروعة كان يرتكبها ضد المقاتلين من المتطوعين إلى جانب الجيش في الجبهة، فقد اتهم بتصفية سبعة متطوعين وإخفاء جثثهم بدفنهم في مدافن خاصة داخل اللواء بتهمة دلسها لهم حيث زعم بأنهم وضعوا السم في طعام المقاتلين وهو ما لم يثبت مطلقاً، وشكلت لجنة للتحقيق في الأمر من قبل رئيس الجمهورية حينها وكان في عضويتها كل من اللواء عبد الواجد الربيعي واللواء ناجي الرويشان، وقد سجن (الشامي) في سجن القيادة بصنعاء على خلفية هذه القضية وأطلق بأمر رئيس القضاء العسكري وقتها (اللواء عبد الوهاب الشامي !) ، وللأسف انتهت حروب المناطق الوسطى قبل أن تستكمل اللجنة تحقيقاتها وتم دفن القضية كما تم دفن جثث الضحايا من قبل ولا زالت القضية تشكل واحدة من جرائم الحرب التي يمكن تحريكها من جديد ضد اللواء الشامي .
في أواخر عام 1984م وبينما كان اللواء يحيى المتوكل سفيراً في باريس استدعاه المؤسس الأستاذ أحمد الشامي على وجه السرعة لاجتماع عاجل وطارئ في بريطانيا حيث مقر إقامة الشامي ناقشا فيه نجاح السلفيين في إنشاء معهد الحديث (دار الحديث) في دماج بصعدة وخطورة هذه المؤسسة على المذهب الزيدي (الهادوي) في معقله الأول (صعدة) وضرورة الحد من نشاطه وتوسعه واتفقا على أن يعود المتوكل إلى اليمن وينهي سفارته في فرنسا، كما اتفقا على الدفع باتجاه تعيين يحيى الشامي محافظا لصعدة ليقوم بتقييم الوضع في دماج ورفع تقرير مفصل للتنظيم عن النشاط السلفي في دماج.
عاد المتوكل إلى اليمن ونجحت مساعيه وجهوده ليس في تعيين الشامي محافظاً لمحافظة صعدة فحسب بل وتعيينه هو (المتوكل) أيضاً محافظاً لمحافظة إب فأصبح للتنظيم السري للهاشمية السياسية محافظتين هما إب وصعدة .
استلم اللواء يحيى الشامي مهام عمله كمحافظ لمحافظة صعدة عام 1985م وبدأ تنفيذ المهمة على الفور فكانت أول زيارة يقوم بها كمحافظ خارج المدينة إلى دماج حيث التقى بالشيخ مقبل بن هادي الوادعي، انذهل الرجل أثناء زيارته لدار الحديث من النشاط القائم في الدار، فوجد طلبة علم من كل أنحاء الجمهورية مع تواجد بسيط لبعض الجنسيات، كل هؤلاء الطلبة يقيمون في مبنى مخصص للسكن وتقدم لهم ثلاث وجبات يومياً من خلال مطبخ مركزي يفوق في إمكاناته المطابخ المركزية في المعسكرات الكبرى.
عاد اللواء الشامي من زيارته لدماج ليكتب تقريراً مفصلا عن نشاط المركز في دماج ونشاط المعاهد العلمية التابعة للدولة وبالغ في وصفها وقدم في تقريره تصوراً بضرورة تحصين الهوية الوطنية متمثلة في المذهب الزيدي (حد وصفه) من خلال إنشاء مكون شبابي يناط به مهام التصدي للغزو (الوهابي) الآتي من الحجاز ونجد، ومن جانبه استبق الشامي قرارات مجلس حكماء آل البيت وأصدر قراراً بتعيين (حسين بدر الدين الحوثي) مشرفاً عاما على التربية والتعليم بمحافظة صعدة وهو منصب ابتكره الشامي ولا وجود له في هيكل وزارة التربية والتعليم، ومن هنا بدأت جهود الحوثي في نشر المذهب الإثنا عشري بمحافظة صعدة مستهدفاً طلاب المدارس وشباب المحافظة.
كان تقرير الشامي موضوع النقاش في الاجتماع التالي لمجلس حكماء آل البيت والذي عقد أثناء موسم الحج في مكة عام 1986م بمن حضر من الأعضاء وبرئاسة المؤسس أحمد الشامي، وضع المجتمعون في هذا الاجتماع خطتين: الخطة المعجلة (أ) والخطة المؤجلة (ب) قضت الخطة الأولى بضرورة تحرك (علماء المذهب) في جميع المحافظات الزيدية لتحريض أتباع المذهب ضد هذه المعاهد والمراكز (الوهابية) كما كانوا يسمونها والتي تشكل الخطر الأكبر على المذهب الزيدي باليمن حسب وصفهم، وخلال الأعوام من 1986م وحتى قيام الوحدة عام 1990م بدأت المضايقات للمعاهد العلمية ومركز الحديث في دماج من خلال الحصار أحيانا والاعتداء المباشر بالنهب والإغلاق أو الاعتداء على المدرسين والطلاب بالضرب كما حدث في أكثر من مكان ولعل أبرز تلك الأحداث ما حدث في مديرية المحابشة عام 1987م من فتنة أوقدها المدعو صلاح بن أحمد فليتة (والد المدعو محمد عبدالسلام الناطق الرسمي باسم المتمردين).
أما الخطة المؤجلة (ب) فقد قضت بضرورة إنشاء كيانات عسكرية وثقافية، وكان من نتائج هذه الخطة إنشاء مؤسسة آل البيت التي تعنى بطباعة ونشر التراث الهادوي ثم تأسيس الشباب المؤمن عام 1990م على يد محمد عزان والذي تحول لاحقاً إلى حركة مسلحة متمردة، وكذا تأسيس حزب الحق عام 1990 الذي ظل الواجهة السياسية الرئيسة للتنظيم السري للهاشمية السياسية.
بعد نجاح مهمته الاستطلاعية في محافظة صعدة قدم الشامي استقالته من منصب المحافظ عام 1987م وبعث في نفس العام إلى جمهورية مصر العربية للدراسة العسكرية وهناك حصل على الماجستير في العلوم العسكرية، وبعد عودته من القاهرة عمل في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدعم من اللواء المتوكل حتى عام 1990م، عمل خلالها على تعزيز الوجود الهاشمي السياسي في القوات المسلحة.
بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990م عين اللواء يحيى الشامي محافظاً لمحافظة مأرب، وظل فيها خمس سنوات حتى قدم استقالته عام 1995م استطاع خلال هذه الفترة أن يوطد علاقات الهاشمية الزيدية مع الأشراف في مأرب من آل الأمير وآل حيدر وآل الشريف وآل أبو ناب، وكذا آل المنصور وآل الهبيلي في بيحان، وهذا ما يفسر وقوف البعض منهم إلى جانب الحوثيين في قتالهم ضد الشرعية بعد الانقلاب المشؤوم.
بعد استقالته من محافظة مأرب تفرغ للعمل الحزبي إلى جانب اللواء يحيى المتوكل بالمؤتمر الشعبي العام وقد عمل في الجانب التنظيمي منه حتى تم تعيينه نهاية عام 1997م محافظاً لمحافظة البيضاء، وكما فعل في مأرب بدأ الشامي بتأطير الأسر الهاشمية في البيضاء وخاصة المتواجدة في رداع (قلب محافظة البيضاء) وكانت هذه الأسر الهاشمية (الهادوية) أسهل له من الأسر الهاشمية المأربية التي تنأى بنفسها عن التعصب المذهبي، ولهذا كانت محافظة البيضاء من أوائل المحافظات سقوطا بيد الانقلاب الحوثي بعد أمانة العاصمة ، وظل الشامي محافظاً لمحافظة البيضاء تسع سنوات حتى عام 2006م كانت كافية (لحرث أرض المحافظة) بالوجود الهاشمي السياسي الهادوي .
في بداية عام 2006 م وتمهيداً لانتخابات الرئاسة التي شكلت هاجساً للنظام حينها قام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بتشكيل لجنة للوساطة مع الحوثيين لإيقاف الحرب الثالثة مع الحوثيين، وعين اللواء يحيى الشامي رئيساً للجنة الوساطة وكان لايزال حينها محافظاً لمحافظة البيضاء، فانطلق إلى صعدة وما هي إلا أيام حتى صدر قرار جمهوري بتعيينه محافظاً لمحافظة صعدة، فجمع بين النقيضين محافظاً للمحافظة (حيث يمثل الدولة والنظام والقانون) ورئيساً للجنة الوساطة بين الدولة والمتمردين الحوثيين، ولم يكن لأحد أن يجمع بين هاتين (الحسنيين) لو لم يكن هو اللواء الشامي.
استطاع الشامي إيقاف الحرب الثالثة، لكن إدارته للعملية الانتخابية كانت بالغة الصعوبة نظراً لتدني شعبية (صالح) في اليمن عموماً وفي محافظة صعدة خصوصاً، ومن المفارقات أن (صالح) دشن دعايته الانتخابية من محافظة صعدة بحضوره أول مهرجان انتخابي له وسط مدينة صعده وظهر إلى جانبه اللواء الشامي بثقة عالية، لقد استطاع الشامي اقناع قيادة التمرد بدفع أتباعها للتصويت لصالح مرشح المؤتمر الشعبي العام مقابل وعود بتسليمه المحافظة لقمة سائغة.
كانت أول محافظة تعلن نتائج انتخابات الرئاسة هي محافظة صعدة حيث أعلنت اللجنة الإشرافية نتائج الانتخابات قبل موعد إغلاق الصناديق بساعتين بضغط من اللواء الشامي، وكانت المفاجأة التي لم تخطر حتى على بال (صالح) نفسه !!
(صالح) يحصل على كل أصوات محافظة صعدة بنسبة (100%) فيما لم يحصل منافسه (بن شملان) على أي صوت حتى أصوات أعضاء أحزاب اللقاء المشترك بما فيها التجمع اليمني للإصلاح تحولت بقدرة قادر إلى صالح مرشح المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح، ومنها أصوات المديريتين الأكبر في صعدة (رازح) و (ساقين) اللتان اكتسح فيهما مرشح اللقاء المشترك المهندس فيصل بن شملان، وهذا مالم يكن يحدث أيضاً لو لم يكن محافظ المحافظة هو يحيى الشامي الذي لا زال محتفظاً بكشوفات نتائج الانتخابات لديه حتى اللحظة.
حرص اللواء الشامي أثناء وجوده في صعدة كمحافظ ورئيس للجنة الوساطة أن يقدم عن الحوثيين تقارير ناصعة البياض وأن يقدمهم كمظلومين، ولعله أول من استخدم مصطلح (مظلومية أبناء صعدة)، فقد نفى في تقاريره الرسمية وأحاديثه التلفزيونية ومقابلاته الصحفية حصول الحوثيين على أي دعم إيراني لا بالسلاح ولا بالمال، وأنكر تماماً وجود أي علاقة للحوثيين بحزب الله، كما قام بإجلاء كل اليهود من محافظة صعدة، وعندما اندلعت الحرب الرابعة استطاع الشامي أن يعمل على تسليم معسكرات الدولة بكامل عتادها للمتمردين الحوثيين بالتواطؤ مع (صالح)، بل أصبح المصدر الرئيس لمعلوماتهم التي يعتمدون عليها في هجومهم على النقاط العسكرية والأطقم الأمنية ومعسكرات الجيش الوطني، وهو ما أدركته قيادة الجيش الوطني متأخراً فضغطت على (صالح) باتجاه عزل الشامي عن المحافظة عام 2007م ، ورغم ممانعة صالح إلا أنه استجاب للضغط بعزل المحافظ بعد أن هدد قائد المنطقة بالانسحاب من صعدة عسكرياً طالما ظل فيها الشامي محافظاً، فأصدر (صالح) قراراً بتعيين اللواء مطهر رشاد المصري محافظاً لمحافظة صعدة بدلا عن اللواء الشامي، تفاجأ اللواء الشامي بخبر إقالته وأحس بأن صالح قد غدر به وسببت الإقالة له حرجاً شديداً أمام الحوثيين خاصة وأنه لم يكن قد استكمل بقية وعوده بتسليمهم المحافظة إداريا وعسكرياً.
عاد اللواء الشامي أدراجه إلى العمل التنظيمي بالمؤتمر الشعبي بعد أن استطاع تحويل حركة الحوثي خلال عام واحد فقط من مجاميع قتالية تتخذ شكل العصابات إلى جماعة مسلحة ومنظمة تمتلك خبرات عسكرية ومعدات ثقيلة وقوة ضاربة تهدد الجمهورية بل والدول المجاورة للجمهورية اليمنية.
في منصف عام 2007م عين اللواء الشامي رئيساً لأهم هيئات المؤتمر الشعبي العام وهي هيئة الرقابة التنظيمية والتفتيش المالي التي انتخبت لهذا العمل في المؤتمر العام السابع في دورته الاستثنائية في عدن، وبقي في هذا العمل حتى شهر مارس 2011 م حيث أعلن حينها انضمامه إلى ثورة الشباب، وبدأ مع زملائه بتكوين تنظيم العدالة والبناء.
في عام 2007 م قام اللواء الشامي بالانقلاب على عمه القاضي أحمد محمد الشامي الذي خلف الأستاذ أحمد محمد الشامي في رئاسة مجلس حكماء آل البيت عام 2005م وأصبح اللواء الشامي رئيساً للمجلس الذي يعد أعلى هيئة تنظيمية في التنظيم السري للهاشمية السياسية باليمن، وقد أزعج هذا الانقلاب القاضي أحمد الشامي فأعلن على الفور حل حزب الحق الذي يعد الواجهة السياسية للتنظيم حينها، ولكن اللواء الشامي استطاع أن ينقذ الحزب ويعيده للواجهة بقيادة حسن زيد ومعه مجموعة من الشباب ، وبعد هذا الانقلاب أصبح اللواء الشامي الرجل الأول للهاشمية السياسية باليمن التي تمثل حركة الحوثي ذراعها العسكري فقط.
انطلقت ثورة الشباب السلمية في 11 فبراير من عام 2011م إثر سقوط نظامين من أعتى الأنظمة العربية وهما نظام بن علي في تونس ونظام مبارك في مصر، هنالك أدرك الرئيس السابق علي عبدالله صالح مدى خطورة هذه الثورة على كرسيه الذي ظل مسيطراً عليه لثلاث وثلاثين عاماً، وبالتالي كان لا بد له أن يعد العدة لما بعد سقوط نظامه من خلال خلق فوضى عارمة تعم اليمن وتضمن بقاءه في واجهة المشهد السياسي كلاعب رئيس يحصنه من الملاحقات القضائية.
اقتضت خطة صالح تعزيز علاقته بأضلاع المثلث الأكثر تهديداً لوحدة اليمن جغرافياً واجتماعياً وسياسياً، حيث مثل الحراك الجنوبي المسلح المهدد الجغرافي بينما مثلت القاعدة المهدد الاجتماعي، ومثلت الهاشمية السياسية المهدد السياسي، وقد فضح صالح هذه الخطة في مقابلاته التلفزيونية وخطاباته التي يلقيها منذ انطلاق الثورة الشبابية حيث كان يردد بالحرف الواحد : “البديل عن علي عبدالله صالح الانفصال.. البديل عن علي عبدالله صالح القاعدة.. البديل عن علي عبدالله صالح عودة الإمامة”.
وانطلاقا من هذه الخطة الجهنمية بدأ صالح الاتصال بالأطراف المعنية والاتفاق معهم على تفاصيل وأدوار كل طرف منهم، وما يهمنا هنا هو الاتفاق الذي عقده مع ثعلب الهاشمية السياسية في اليمن اللواء يحيى الشامي والذي أبرم بدار الرئاسة في 13 مارس 2011م وقضى بتسليم الحوثيين محافظة صعدة والسماح لهم بالتمدد في محافظات عمران وحجة والجوف وتجنيد ثلاثة آلاف بالحرس الجمهوري ومثلهم في الأمن المركزي مقابل تعزيز تواجدهم في ساحة التغيير بصنعاء ولعب الدور المرسوم لهم من قبل خلية إدارة الأزمة التي عين اللواء يحيى الشامي عضوا فيها تحت رئاسة صالح نفسه.
عل إثر ذلك انطلق اللواء الشامي في زيارة سرية إلى صعدة للقاء عبد الملك الحوثي واطلاعه على فحوى الاتفاق مع صالح فبارك الحوثي الخطة وأعطى توجيهاته بإرسال ستة ألف من أتباع الجماعة إلى ساحة التغيير تمهيداً لتنفيذ خطة (اختراق الثورة الشبابية) وتجنيدهم في كل من الحرس الجمهوري والأمن المركزي. (سأكتب تفاصيل الخطة في حلقة مستقلة).
بعد جمعة الكرامة بدأ انهيار نظام صالح وانحاز الفريق علي محسن الأحمر بالجيش الوطني إلى جانب الثورة الشبابية، ثم تلاه تقديم عدد من أعضاء مجلس النواب استقالاتهم من حزب صالح وانضمامهم لثورة الشباب، ثم بدأت حكومة صالح بالانهيار بعد أن قدم أول وزرائها نبيل الفقيه استقالته احتجاجا على المجزرة، فأصبح هناك تكتل سياسي جديد خرج من رحم المؤتمر لدعم الثورة الشبابية وهو ماشكل ضربة موجعة لصالح أرسل على إثرها اللواء يحيى الشامي لاحتواء التكتل الجديد والنأي به عن الذوبان في أحزاب اللقاء المشترك .
سارع اللواء الشامي لتنفيذ المهمة الموكلة إليه فأعلن استقالته من المؤتمر الشعبي العام الذي كان يشغل فيه رئاسة أهم دائرة واستطاع احتواء الكثير من أعضاء المؤتمر المستقيلين نوابا ووزراء وشخصيات اجتماعية وشكل بهم إلى جانب محمد أبو لحوم حزباً سياسياً براجماتياً هو حزب العدالة والبناء الذي تبوأ فيه منصب نائب رئيس الحزب، وفي خط متواز عمل الشامي على خلق مكونات شبابية وحقوقية جديدة في ساحة التغيير فدفع بابن عمه الدكتور عبد الله الشامي (القائم بأعمال وزير التعليم العالي حاليا) لاحتواء المؤتمر الوطني العام للشباب والذي شغل الدكتور الشامي منصب الأمين العام المساعد فيه وحين فشلوا في احتوائه أعلنوا حل لجنته التحضيرية. كما استطاع في ذات الوقت اقناع عبد الملك الحوثي بإنشاء مكتب سياسي للحركة تمهيداً لتحويلها إلى مكون سياسي، ولكي يضمن الشامي سيطرته على الحركة اقترح على الحوثي أسماء أعضاء المكتب السياسي الذين كانوا مجموعة من الشباب عديمي الخبرة بالعمل السياسي يرأسهم صالح هبرة.
عند إعلان المبادرة الخليجية أوعز صالح إلى اللواء الشامي بتبني رفضها من خلال الحوثيين سعياً منه لإفشال جهود إقناعه بالتوقيع عليها، فانطلقت مظاهرات من وسط ساحة التغيير رافضة للمبادرة الخليجية تحت ذريعة أنها تمنح الحصانة للقتلة – حسب زعمهم- واستمر الرفض إلى ما بعد توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي أفضت إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كانوا (الحوثيين) أحد مكوناته الرئيسة.
في بداية عام 2012م قام اللواء الشامي بزيارة سرية إلى لبنان والتقى فريقاً من المستشارين الإيرانيين وقيادات في حزب الله اتفقوا خلالها على ضرورة خلق مكونات حزبية جديدة لتكون رافدا لتشكيل تكتل سياسي شيعي ووعدوه بالدعم المادي اللازم لهذه الأحزاب فعاد الشامي بغنيمة كبيرة خصص جزءا منها لدعم حزب العدالة والبناء وهو ما مكنه من احتواء رئيس الحزب بشكل كامل فيما وزع بقية المبلغ لتمويل إنشاء أحزاب (الأمة، والربيع العربي ، والحزب الليبرالي اليمني) وغيرها من الأحزاب الصغيرة التي شكلت فيما بعد داعماً سياسياً للانقلاب على الجمهورية في سبتمبر 2014م .
قبل تسمية أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل بذل اللواء الشامي جهوداً جبارة في إقناع سفراء الدول العشر بالضغط على الرئيس هادي بضم الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل كمكون سياسي رغم أنهم حركة مسلحة متمردة، وفعلا استطاعت السفيرة البريطانية إقناع الرئيس هادي بضمهم إلى مؤتمر الحوار، وفي 16 مارس 2013م صدر قرار جمهوري بتسمية أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل وحاز الحوثيون فيه 37 مقعدا جلهم من الهاشميين السلاليين ومن ضمنهم العقيد / زكريا الشامي نجل اللواء الشامي، إلى جانب أبيه كممثل عن حزب العدالة والبناء وثلاثة آخرين من نفس الأسرة ليصبح إجمالي المقاعد التي حازتها أسرة اللواء الشامي (5) مقاعد، فيما حازت الهاشمية السياسية (السلالية) 45 مقعداً في مؤتمر الحوار الوطني الشامل (أتحدث هنا فقط عن الهاشميين التابعين للتنظيم السري). ترأس اللواء الشامي أهم فريق في مؤتمر الحوار الوطني وهو فريق الدفاع والأمن وكان إلى جانبه ابنه زكريا كعضو في نفس الفريق وهو ما مهد له الطريق ليصبح نائبا لرئيس الأركان بعد الانقلاب وترقيته رتبتين عسكريتين دفعة واحدة متجاوزاً العديد من الضباط الذين سبقوه.
كان للواء الشامي كقائد للهاشمية السياسية باليمن دوراً محورياً في التخطيط لانقلاب سبتمبر على حكومة باسندوة والرئيس هادي بل أصبح هو صاحب القرار الأول في التعيينات التي صدرت بعيد الانقلاب وحازت أسرة الشامي نصيب الأسد فيها. وبعد انطلاق عاصفة الحزم أصبح اللواء الشامي أحد الأهداف العسكرية لعمليات التحالف حيث قصف منزله في محافظة إب في 4 مايو 2015م، وأصبح يتنقل متخفياً شأنه شأن الرئيس السابق صالح وزعيم المتمردين عبدالملك الحوثي.
#التنظيم_السري_للهاشمية_السياسية