كانت تحب السنبوسة وحلوى الكراملا برمضان، تنزل دموعها وهي تحتضن ثياب ابنتها الصغيرة التي قتلت في “انفجار سعوان” الذي أودى بحياة 14 طالبة وكانت حنان ابنة العاشرة احدى ضحاياها.
الطفلة “ملاك احمد” يرتجف جسدها خوفا وحزنا وهي تتذكر، ذلك اليوم المرعب وتدافعهن الى الموت وصراخ صديقات لها وانفاسهن الأخيرة تحت كومة أجساد زميلاتهن المذعورات.
يقول والدها: “كم هو سهلا على هذه الجماعة اللعب بأرواح البشر”، وتساءل بقهر: ما ذنب طفلتي التي تعيش ليالي من الخوف والحزن؟ ما ذنب تلك الزهرات ان يقتلن نتيجة تخزين مليشيا الاجرام اسلحة وسط الاحياء السكنية وبجانب مدارس للطلاب؟.
حادثة انفجار سعوان جريمة حاول الحوثيون إخفاء معالمها، بإيهام الناس ان الانفجار ناتج عن قصف صاروخي للتحالف واعتقال كل من قال ان الانفجار كان ناتج عن مواد متفجرة وان المكان كان لتصنيع الأسلحة..
يقول ” م،ح” احد شهود العيان: “بعد الانفجار انتشرت الفوضى التي لحقته، ومنعت مليشيا الحوثي الناس من الاقتراب او توثيق الحادث، وأكد انه وجد هو وزملائه بعض من الشظايا -صواعق وبقايا قنابل- حول المكان وفوق المنازل القريبة.
ويضيف زميله “م.ع” كنت قريب من موقع الانفجار الذي بدأ من داخل الهنجر والورشة التي في واجهتها للألمنيوم والاخشاب وهي عبارة عن مستودع للأسلحة ومخازن للمتفجرات، ورأيت الشرارة التي اندلعت من داخل الورشة وتبعها انفجار قوي هز الأركان لدرجة اني شعرت ان الأرض انشقت من تحت قدمي..
ويؤكد ” ان مليشيا الحوثي اعتدت على زميله الذي دمر منزله وهو يوثق الدمار الذي حل به وسجن هو وزملاءه في احد اقسام الشرطة خوفا من فضح تورطها وإثبات جريمتهم”.
جريمة لها معالمها
وبحسب تأكيد عدد من أهالي الحي فانهم لم يسمعوا صوت للطيران سوى الانفجار العنيف من داخل ذلك المستودع الذي تسبب بسقوط العديد من الضحايا بين قتيل وجريح معظمهم من الأطفال والنساء وهو الامر الذي أكده تقرير حقوقي لمنظمة هيومن رايتس ومواطنون وسبقتهما منظمة سام في كشف مثل هذه الحقائق..
فقد افاد التقرير أن مستودعا تسيطر عليه مليشيا الحوثي، خُزنت فيه مواد متطايرة بالقرب من المنازل والمدارس، اشتعلت فيه النيران وانفجر في العاصمة اليمنية.
وبحسب التقرير لم ير الشهود أو يسمعوا طائرات، أو ذخائر قادمة قبل بدء الحريق، أو في وقت الانفجار الكبير بعد عدة دقائق، ولا تشير 4 مقاطع فيديو عن الانفجار، سجلها المارة وقاموا بتحميلها على الإنترنت خلال ساعات، إلى سبب الحريق، لكنها لا تُظهر ما يشير إلى غارة جوية أو ذخيرة قادمة، ولم يرَ الباحثون فوهات قد تشير إلى وجود قنبلة جوية عندما تمكنوا للمرة الأولى من الوصول إلى الموقع بعد أيام من الانفجار.
وأشار التقرير ” إلى أنه بعد حدوث الانفجار وقت الظهيرة، وصل العشرات من العناصر الحوثية إلى الموقع، وأطلقوا طلقات تحذيرية، وضربوا واحتجزوا عدة أشخاص حاولوا تصوير المستودع، بحسب الشهود،
وتابع التقرير، بعدها نقلت مليشيا الحوثي لعدة أيام كميات كبيرة من مواد غير معروفة من الموقع على ظهر شاحنات مسطحة، ومنعت باحثي حقوق الإنسان من الوصول إلى المنطقة حتى 11 أبريل/نيسان ,من الورشة نفسها، وأن مدى الضرر الذي خلفه الانفجار، والذي وصل إلى مسافة 5 كلم، ناتج عن مواد شديدة الانفجار ربما كانت تستخدم لتصنيع رؤوس صاروخية تستخدم في العمليات العسكرية.
دماء لن تضيع
في منزل لأحد ضحايا الحادث زرنا الطفلة حياة علي “14 سنة” وسألناها كيف كان الحادث في ذلك اليوم فأجابت بحزن كنت اشاهد انا وزميلاتي من نافذة المدرسة دخان ابيض يتصاعد من هنجر بعيد عن المدرسة، ظننا انه حريق ما هي الا ثواني حتى سمعنا الانفجار الكبير الذي هز جدران وارض المدرسة وتناثر زجاجها فوقنا، كنا نصرخ بفزع وخوف وساد الهرج والمرج كأننا في يوم القيامة.
غطت وجهها وبدأت ببكاء حار وهي تقول”ما درينا فين نروح، صديقاتي من الخوف تدافعن فوق بعضهن، ومتن من الاختناق، انا احتبست وسط الفتيات حتى شعرت ان رجلي انخلعت ونجوت بمعجزة”
تتابع باكية: “الله لا الحقهم خير، توفت صاحبتي بسب الحوثيين، والله ما سمعنا صوت طيارة”..
وتجهش بالبكاء قائلة: “بعض صديقاتي ما اكلن حتى الصبوح، ومتن وهن جائعات”.
وتؤكد والدة حياة ان ابنتها لا زالت الى اليوم يلازمها الخوف وتستيقظ معظم الليالي وهي تصرخ وتقول: ما اشتي اموت وتهذي بأسماء صديقاتها وتعاود الصراخ الانفجار ..الانفجار”، وتضيف “أخاف ان تؤثر هذه الحادثة عليها حتى انها منذ ذلك اليوم رفضت الذهاب للمدرسة”.
المعلمة “ذ،ع” تقول انها لم تسمع صوت طيران، وكان صوت الانفجار شديد ما جعل الطالبات يتدافعن الى السلالم بقوة وتركن حقائبهن واشيائهن خلفهن مع الصراخ والفزع الشديد، انا لم استطع الحركة لاني احتبست وسط الطالبات وشعرت بصعوبة في التنفس وكاد ان يغمى علي وانا ارى الفتيات تحت ارجلي”.
تضيف “الحوثيون حاولوا إخفاء جريمة واضحة المعالم، وحاولت ببشاعة المتاجرة بدماء الطالبات، والقاء جرمها على الطرف الاخر، متناسين ان هذه الدماء لن تضيع”.