سبتمبر نت
تحولت حياة آلاف من الأسر اليمنية إلى ما يشبه الجحيم, بعد أن غدت منازلهم ومراعيهم وطرقاتهم تغص بألغام ومتفجرات وعبوات ناسفة, وبأشكال مموهة, زرعتها مليشيا الحوثي الانقلابية بطريقة عشوائية.. إنها حقول للموت, ومزارع لحصد الألم, كما يقول مواطنون, الألم الذي وصل إلى أجساد الصغار والكبار منهم, حصدت أرواحهم وأجسادهم, أو أجزاءً منها, فأصبحوا شاهداً على إرهاب الحوثيين, أو نتاجاً للقاتل غير المرئي, الذي تفننت في زرعه مليشيا الحوثي الانقلابية, التي نقلت تجارب المليشيات الموالية لربتها “إيران” في دول أخرى في المنطقة كحزب الله اللبناني.
قرى في مديرية صرواح التابعة لمحافظة مأرب, أصبحت خالية من سكانها, نزحوا إلى مديريات أخرى, أو إلى المركز الرئيس للمحافظة, يقول أبناؤها, إن مناطقهم أصبحت مصدر خوف لهم, خصوصاً بعد أن عملت مليشيا الحوثيين على تفخيخ المنازل, والمباني والطرقات, ناهيك عن المزارع, أصبحت الوديان مصدر خوف, خصوصاً في موسم الأمطار, أن تجرف السيول مزيداً من الألغام والمتفجرات, ومخلفات الحرب, التي ستحصد كل من يدوسها, أو يقترب منها.
خوف.. اسمه الألغام
يحجم نازحون من عدم العودة إلى قراهم في صرواح, لهذه الأسباب, إضافة إلى استمرار تساقط القذائف على منازلهم يرى عبدالله الزايدي إن أكبر خوف يعيشونه, هو الألغام, توقفت حياتهم فقط لمراقبة أين يضعوا أقدامهم, هذا حين يعود إلى منزله, يتفقد مزرعته, ويعود إلى مدينة مأرب, بعض أقاربه عادوا لكن مات بعضهم, وفقد طفل قريب له أحد قدميه, بعد أن داس احد الألغام المطمورة بالتراب.
فخ.. يتصيد الحياة
هو الأمر نفسه في مناطق أخرى, صارت الألغام فخاخاً تتصيد العابرين, وتترصد الحياة, كما في مديرية المخأ وموزع في محافظة تعز, والخوخة وحيس التابعتين لمحافظة الحديدة, لا يستطيع الكثير من الأهالي العودة إلى مساكنهم, التي أصبحت مسيجةً بالمتفجرات والعبوات المموهة, والتي لا يمكن كشفها بسهولة, إنها جريمة حرب ارتكبها الحوثيون, تركوا خلفهم مكاناً للموت فقط, يقول عبدالله سالم, وهو جندي تدرب مؤخراً في برنامج نزع الألغام, بأن لا خرائط ولا تحذيرات تمنع الاقتراب من الحقول, التي أصبحت مفخخة بالموت.
جريمة حرب
ويواصل بالقول: إن مليشيا الحوثي ضربت عرض الحائط بكل القوانين ومنها تسهيل عودة النازحين إلى ديارهم, إنها منعتهم بالألغام والمتفجرات, وهو ما يجب أن تحاكم عليه في المحاكم الدولية, وتجريمها, إن ترتكب جرائم حرب بشكل يومي, وقد أصبحت الألغام تنال من كل ما يقترب منها, سواء كان بشراً أو حيواناً.
اليمن حقل ألغام
عملت مليشيا الحوثي إلى أن تكون الألغام وسيلة لترويع المدنيين أكثر مما هو وسيلة دفاعية أو هجومية, عملت على أن تكون اليمن بكل محافظاتها, مرتبطة بمزارع وطرق الألغام التي تعمل على أن تكون بالكيلومترات, كما هو على الحدود اليمنية السعودية, أو الساحل الغربي, وفي مديريتي ميدي وحرض, التابعة لمحافظة حجة, شمال البلاد.
الحصار بالألغام
وفي تقرير لأطباء بلا حدود صدر مؤخراً أشار إلى أن السكان محاصرون بالألغام وأن الضحايا الرئيسيين الذين طالتهم الأخطار القاتلة للألغام التي زرعتها المليشيا لم يكونوا سوى المدنيين الذين تعرضوا للقتل أو فقدان الأطراف أو التشوهات التي ستبقى تلازمهم مدى الحياة.
وبحسب التقرير حرم سكان بعض المديريات في الحديدة, والمناطق الساحلية من محافظة تعز حرموا من سبل رزقهم، بعد أن هجروا حقولهم الزراعية التي زرعت بالألغام منعاً لتقدم القوات العسكرية مشيراً إلى أن المنطقة الزراعية الواقعة بين المخا وخطوط القتال تُزرع وتحصد قبل الحرب، لكن البلدات والقرى القريبة من مناطق القتال مثل حيس ومفرق المخا، قد فقدت بعضاً من سكانها الذين فروا هرباً من القتال.
تعز.. الأولى في ضحايا الألغام أيضاً
ومن أكثر ما ركزت عليه المليشيا هو قطع الخطوط الرابطة بين المحافظات, والحد من تنقلات السكان, فلغمت الطرق, كما هو في الخط الرابط بين كرش لحج ومحافظة تعز, وطرق تعز الداخلية, التي تفضي إلى وسط المدينة, إنها تحمي عناصرها بالألغام والمتفجرات, كما يرى ناشطون في المحافظة, ذكروا أن تعز, هي من أكثر المحافظات في ضحايا الألغام.
للقاعدة دور في زرع الألغام
أكثر من 14 محافظة تعاني من الألغام, وهي “الحديدة وحجة وصعدة, مأرب, وتعز, وأبين وشبوة, وعدن ولحج, والجوف, والبيضاء, والضالع, وصنعاء, وجزيرة ميون” كان للحوثيين النصيب الأكبر في زرعها, إضافة إلى تنظيم القاعدة, الذي عمل على زرع الألغام في مديريات محافظة أبين في العام 2012, بحسب تقارير محلية ودولية.
مليون لغم
وتقول التقارير الحكومية إن المليشيا الحوثية زرعت أكثر من مليون لغم أرضي في مختلف المحافظات, استطاع, البرنامج التنفيذي لنزع الألغام, من نزع ما يقارب 300 ألف لغم وعبوة ناسفة, بينما تمكن برنامج تدعمه المملكة العربية السعودية في اليمن “مسام” تمكن من انتزع أكثر من 55 ألف لغم وعبوة ناسفة وذخيرة غير متفجرة, بحسب تصريحات للبرنامج الذي يعمل حتى الآن في أربع محافظات من المحافظات المحررة.
أرقام
نالت الألغام من المدنيين 3016 ما بين قتيل وجريح حسب إحصاءات أربع سنوات (من عام 2015 إلى 2018), كان لتعز النصيب الأول من الضحايا, تليها مأرب, إذ ذكر تقرير نشر مؤخراً لمركز المعلومات للتأهيل وحقوق الإنسان، أن عدد الضحايا في تعز, بلغ 743 قتيلاً بينهم 35 طفلاً و16 امرأة, بينما وصل عدد إلى الجرحى 1176 بينهم 21 امرأة و43 طفلاً.
مأرب.. إعاقات دائمة
ووفق إحصائيات لمكتب حقوق الإنسان بمحافظة مأرب بأن صواريخ الحوثيين وألغام وأجسام غريبة زرعتها المليشيا, حصدت 428 مدنياً بينهم 117 طفلاً, و49امرأة وأصبح 255 مدنياً في إعاقة دائمة, بينما تفاوتت الأعداد في محافظات أخرى أبرزها عدن ولحج والبيضاء, والجوف وشبوة والضالع وصنعاء وأبين.