في مساء الجمعة اعرب الجنرال لوليسغارد عن قلقه لان اتفاق الحديدة يتجه نحو الإخفاق وان محاولاته الكثيرة مع الحوثيين لم تجد نفعا في اقناعهم للبدء بالتنفيذ.. طبعا لم تمض اربع ساعات من إعلان رئيس فريق المراقبين الدوليين لإعادة الانتشار في الحديدة، إلا وسرب المبعوث الاممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى وسائل الاعلام، اعتزامه زيارة اليمن وأنه سيحل ضيفا ثقيلا على «جُحر» عبدالملك الحوثي، لمناقشة خطة إنقاذ المليشيا من مأزق اتفاق الحديدة.
هكذا بدا المبعوث الأممي قلقا من تصريحات رئيس فريق المراقبين الدوليين، أن يكون إعلانه هذا تمهيداً لتقديم تقرير إلى مجلس الأمن باسم الجهة المعرقلة -الحوثيون- أو أن يكون مقدمة لأن يخرج الجنرال مايكل لوليسغارد ويعلن للرأي العام الدولي بأن مليشيا الحوثي معرقلة لتنفيذ اتفاق ستكهولوم الذي رعته الأمم المتحدة في الـ 18 من ديسمبر الماضي في السويد.. فسارع المبعوث مارتن غريفيث لأن يكون من جديد ضيفا على «جُحر» لست متأكدا أن كان الحوثي عبدالملك سيستقبل غريفيث في «جحره» بمران أم في بني حشيش أم في مطرة.. المهم أنه جُحر واسع ومريح يتسع لكل البعثات الدبلوماسية الدولية، فهي ليست المرة الاولى التي يستضيف فيها عبدالملك الحوثي في جُحره، مبعوثا أمميا. ولجُحره تاريخ وحكايات، فمن جُحره انطلق مبعوثو الأمم المتحدة إلى اليمن..، أولهم جمال بنعمر الذي حاول جرجرت الشعب اليمني الى جُحر الحوثي، لكن اليمنيون رفضوا العودة إلى جُحره بعد أن غادروه وإلى الأبد قبل ستة عقود.
غير ان بن عمر لجأ الى الخطة البديلة الاحتياطية، وقاد عبدالملك الحوثي من جُحره في صعدة ليسلمه العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، ليأتي خلفه المبعوث ولد الشيخ، ومن جُحر الحوثي استلهم المبعوث ولد الشيخ الحيل والالتفاف على قرارات الشرعية الدولية الصادرة ضد مليشيا ايران الانقلابية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة القاضي نصوصه بالاستخدام الفوري للقوة العسكرية ضد أي تهديد للأمن والسلم الدوليين..
ففي جُحر الحوثي الذي زاره المبعوث ولد الشيخ والتقى بصاحبه فيه أكثر من مرة، يناقشون الخطط والألاعيب وكيفية الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية، وتتويه الشرعية اليمنية من خلال جرجرتها الى طاولة الحوار للتفاوض مع مليشيا مسلحة انقلابية بإقرار المجتمع الدولي، لامتصاص غضبه وتمهيدا لدفن قراراته والشرعنة ضمنياً للانقلاب والاعتراف به كطرف ند للشرعية الدستورية اليمنية.
وحلول المبعوث غريفيث اليوم، ضيفا على جُحر العامر بالمآدب والمضايف الانقلابية الاممية، ليست الاولى، وانما جُحر الحوثي قد استضافه في المرة الأولى كمسؤول بريطاني، قبل عام من تعيينه مبعوثا دوليا إلى اليمن مطلع العام الماضي، واستضافه عدة مرات وهو مبعوثا أمميا، ليرى غريفيث في الحوثي ما لعين رأت ولا أذن سمعت، استلهم من جُحره كثيراً من الخطط والأفكار الإرهابية الجهنمية، التي لم يجدها عند غيره.. ففي جُحر الحوثي استلم غريفيث اقدم رقاقة لنسخة التوراة والكتاب المقدس، وفي جُحر الحوثي تعهد غريفيث بالا يميل عن عهده ووعده الذي قطعه على نفسه في الحفاظ على المليشيا الحوثية الامامية الايرانية وعلى انقلابها.. وفي جُحر الحوثي أقسم للسيء عبدالملك الحوثي بالا يمكن الشرعية من صنعاء او الحديدة او تعز او عدن او المهرة او صعدة… الخ.
ومن «جُحر» عبدالملك الحوثي، استلهم المبعوث التسريع من حركة تمدد المشروع الايراني في المنطقة العربية، وفي جُحره رسم خارطة تمزيق الدول العربية وتحويلها الى كنتونات ودويلات طائفية متناحرة مضطربة وغير مستقرة.. ومن جُحر الحوثي ايضا، استلهم غريفيث افكار خطة قتل بقية الشعب اليمني وخطة إطالة أمد الحرب في اليمن، وخطة استنزاف ثروات المنطقة العربية.
ولذلك ظهر المبعوث غريفيث بعد الزيارات السابقة لجُحر الحوثي، يمدح ويطرب ويثني على السيء عبدالملك الحوثي، ما بعده ولا قبله من إطراء وثناء جعله في مصاف الرسل والأنبياء والمصلحين الاجتماعيين.. لكن ماذا سيقول غريفيث هذه المرة عن هذا السيء الذي يقول لك وللعالم صباح مساء انه لن ينسحب من الحديدة ولن ينفذ اتفاقك الذي خلقته ميتا، الحوثي يقولها بالفم المليان انه لن يسلم الحديدة إلى سلطات الحكومة الشرعية، ولن يسلمها حتى بشكل صوري إلى طرف ثالث ولا لأية جهة كانت.. واتفاقك يتحدث عن تسليمها إلى السلطات المحلية وفقا للقانون اليمني..
ها هو المبعوث غريفيث، وصل الاحد، العاصمة صنعاء في طريقه إلى «جُحر الحوثي» ومعه الجنرال مايكل لوليسغارد، الذي عرف نفسية غريفيث وما يريده من دور في المسرحية الاممية العالمية «الرصاصة لا تزال في جيبي»، بعكس صدق ونية سلفه كامرت، الشجاع والجاد في مهمته والحازم في قراراته.. الجنرال لوليسغارد، يعرف متى يوصل التيار الكهربائي الى غريفيث من خلال الرسالة التي يبعثها له، اما ان تتحرك وتراجع اصحابك والا قلبت الطاولة عليك وعليهم..
غريفيث يحل ضيفا على جُحر عبدالملك الحوثي، هذه المرة يحل ضيفا ثقيلا يحاول يطلب منهم جمالة واحدة بدل تلك الجمائل التي أكرم الانقلابيين بها.. لكنهم قد أكرموه زيادة، وذبحوا له طالبات مدرسة الراعي بشارع الاربعين في سعوان وبالقرب من محل اقامتهما في فندق الشيراتون- شرق العاصمة- ولا أعتقد يا مستر غريفيث أن هناك كرم ارفع وأسمى من كرم أن يذبح المضيف للضيف أولاده وفلذات كبده.. لا تقول لي عاد باقي الكرم الحاتمي، فحاتم الطائي وصل بكرمه الى ذبح حصانه الوحيد ولم يصل بكرمه إلى حد ذبح أحد أبنائه.
ومن خلال جريمة قتل الطالبات اراد الانقلابيون ضرب عصفورين بحجر واحد يبدو انه حجر مبارك اتوا به من جُحر الحوثي، فالعصفور الأول هو ايصال رسالة للمبعوث بأن هذه الجريمة ارتكبها التحالف، والثاني: في هذه الجريمة المدبرة إرسال تحذير وإنذار لقبائل بكيل المخيمة في منطقة صرف، القريبة من موقع انفجار الهنجر الحوثي، برفع مخيماتهم والذهاب إلى الجبهات وإلا سيلقون نفس هذا المصير، نفس مصير الطالبات وتحميل مسؤولية ذلك التحالف كالعادة.
يا ترى ماذا سيقول غريفيث عن السيء عبدالملك الحوثي هذه المرة.. اللهم أسمعنا خيراً..