يصادف الـ18 من مارس مناسبتين عظيمتين في تاريخ اليمن، الأولى انطلاق فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي خرج منه اليمنيون بمختلف مكوناتهم واتجاهاتهم، وبعد نقاشات وحوارات طويلة ومستفيضة وعميقة، إلى خلاصة اجمعوا عليها وهي وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي احتوت المعالجات والحلول الجذرية لكل القضايا والمشاكل في البلد، وذلك ما أثار حفيظة الحوثيين وحلفائهم وانصارهم من القوى الظلامية فجندوا كل امكانياتهم لإفشال أي مشروع وطني ينتقل بالبلد الى آفاق دولة النظام والقانون والدولة المدنية الاتحادية الحديثة بمؤسساتها الفاعلة التي تخدم الوطن وابناءه، لتظل اليمن مرهونة بجماعات وقوى بعينها تستأثر بالثروة والسلطة، الأمر الذي دفع بشباب التغيير الى الخروج لمواجهة تلك القوى والمليشيا الكهنوتية الانقلابية وتقدموا الصفوف في مختلف جبهات القتال.
أما المناسبة الأخرى فهي: يوم جمعة الكرامة، “يوم الشهيد” اليوم الذي سطر فيه شباب ساحة التغيير في صنعاء أعظم ملحمة وطنية وأروع درس في حب الوطن والتضحية من أجل رفعته وعزته وحرية وكرامة أبنائه.
لقد فتح شباب التغيير صدورهم عارية في مواجهة رصاص الغدر والخيانة في تحد صارخ في وجه الظلم والطغيان.. يومها أقدم الشباب بشجاعة لا نظير لها، ليصنعوا ملامح اليمن الجديد، ورووا بدمائهم تربته الطاهرة صانعين مستقبلاً كان يتطلع اليه كل أبناء الشعب ويتشكل في مخيلتهم، فرفع الشباب بعزم وإرادة صلبة مقولة:” نكون أو لا نكون” في مواجهة آلة القتل ومنظومته الفاسدة التي تقف خلفها، فكان لهم السبق في تدوين تلك اللحظة الفارقة في تاريخ اليمن التي شكلت الضربة القاصمة لمنظومة المتشبثين بالماضي ومترتباته الشخصانية، وبتضحياتهم تلك نالوا شرف الشهادة وخلدوا بها ملحمة تاريخية ستظل مصدر إلهام للأجيال ودروس بالغة الأثر في معاني التضحية من أجل بلوغ الحرية والكرامة.
في ذلك اليوم التاريخي الذي دونت أحداثه بالدماء الزكية والطاهرة للعشرات من خيرة شباب اليمن سقطت مؤسسة الاستبداد موضوعياً، وإن بقي الشكل الهيكلي، وانطلق قطار التغيير بقوة بحيث لم يعد هناك معه مجال للتوقف أو التراجع، وقد كان من أبرز ثمار تلك الدماء الزكية ذلك التوازن المهم للقوى الذي احدثه انضمام المنطقة العسكرية السابعة والفرقة الأولى مدرع إلى ساحة التغيير في الـ21 من مارس، أي: في اليوم الرابع للمذبحة، لتشكل تلك الكتلة القتالية القوية السياج المنيع الذي حمى باقتدار شباب الثورة في الساحات ومكنهم من المضي بعزم في طريق إنجاز اهداف ثورتهم الشبابية.
ان ارتباط يوم الشهيد بجمعة الكرامة، يحمل الكثير من المعاني والدلالات والعبر التي ستظل تمنحنا دروسا ملهمة في معاني الشجاعة والتضحية والفداء في سبيل الحرية والكرامة وفي مقارعة الظلم والاستبداد بأشكالهما المختلفة.
وها هو الجيش الوطني اليوم يمضي قدما لاستكمال المسار الوطني في استعادة الدولة وتحقيق أهدافها ومبادئها من خلال التصدي للمليشيا الانقلابية الكهنوتية التي ترى بأن تحقيق أهداف الثورة سيفشل مشروعها الإمامي الكهنوتي الذي تريد من خلاله إعادة البلد الى العصور الظلامية معتمدة على نظام الحوزة في إيران التي تقدم لها كل وسائل الدعم في محاولة منها للسيطرة على السلطة مدعية في ذلك حقاً مزعوماً في الحكم ما أنزل الله به من سلطان.
تلك الخرافات والهلوسات التي يروج لها الحوثيون في ملازمهم التحريضية ومحاولتهم المستميتة في خداع اليمنيين ممن غرر بهم للالتحاق بالمليشيا الكهنوتية، قد فشلت فشلا ذريعا وتعرت أمام الجميع بما تحمله من مشروع تدميري لليمن واليمنيين.
إن الجيش الوطني يقف اليوم في طليعة القوى الوطنية التي تتصدى لهم بقوة ووعي وتخوض معركة التحرير والخلاص ضد هذه الفئة الباغية، بثقة واقتدار، رافعة شعار:” ننتصر أو ننتصر”، وهذا عهد قطعة كل الوطنيين على انفسهم؛ لأنهم يدركون ويعون ويؤمنون بأن الوطن امانة في اعناقهم ودماء من ضحوا في سبيل الحرية والكرامة لن تذهب هدراً، وستقام دولة اليمن الاتحادي، دولة المواطنة المتساوية والحكم الرشيد والشراكة الحقيقية في الثروة والسلطة عاجلاً غير آجلٍ.