م تكن ثورة الـ«11 فبراير2011» مسيرات يوميـة ووقفات احتجاجية فحسب؛ بل كانت أكثـر مـن ذلك بكثير، كانت سفـراً مُتكامـلاً من قصص البطـولة النـادرة، ومشهـداً تلاحمياً لا يتكـرر، تجسـدت فيها دروس نضاليـة عظيمة، ومـآثـر خالـدة، وتعد بحق تتويجا بـارزاَ للثـورة اليمنيـة، قـدمت أهـدافها في قـالبها الأرقى، ومضمـونها الأشمل، ومقصـدها الحضـاري الخَــلاق.
أسقط ثوار «11 فبراير» بصمودهم الأسطوري كل رهانات البلاطجة الفوضويين، الذين عملوا على مصادرة روح التحـرر من نفوسنا التواقة للحرية والانعتاق، وإعادتنا إلى غيـاهب الظلم والاستبـداد، ومهـاوي التخلف والفساد، دون إدراك أنَّ هذا الشعب قد اختار طريقه، وحـدد منطلقـاته وغايـاته، بإرادة يستحيل النكـوص عنها، مهما بلغت جسامة التحديات وشراسة المؤامرات.
ترسخت لـدى الجميع قناعة: بأن هذه الثـورة جاءت لتحـدث التغيير الشامل، وغاب عن أذهان هؤلاء الفوضويين أنَّ هذا الجيل الناضج يرفضهم، وأنهم عنـدما يواجهون الأخطار المُحدقة، وتكون كرامة الوطـن على المحك؛ ينسـون فئاتهم ومناطقياتهم، وتمتزج ألـوانهم المتعـددة بلـون واحـد يعكس الإيثـار والزمالة وحب الوطن.
عيد وطني
قال رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي في خطاب له سابق عن ثورة «11 فبراير» أنها امتداد للحركة النضالية الوطنية التي جسدها مناضلو ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، وأنها أظهرت أجمل ما في اليمن إنسانا وحضارة وفنا وثقافة، وأنها كشفت في الجانب الآخر الوجه القبيح لنظام العائلة، وكشفت مشروع التوريث على حقيقته، وأخرجت أفعى الإمامة من جحورها التي كانت تقتات في حمى الفساد وظل العائلة.
أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قبل عامين قراراً بجعل ذكرى ثورة «11 فبراير» يوماً وطنياً، وعطلة رسمية لكافة القطاعات، تنفس شباب الثورة بفعل ذلك الصعداء، على اعتبار أن ذلك لم يكن ليحدث لولا إيمان القيادة السياسية بتلك الثورة وضرورتها، خصوصا بعد اللؤم والوحشية التي تجلت في النظام السابق، وإغراق الوطن في براثن الفوضى والفساد.
وفي ذات السياق قالت ابتهال اليافعي: إن ثورة «11 فبراير» قامت من أجل بناء دولة يمنية حديثة، لكل اليمنيين، تضمن كرامتهم باعتبارهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، مؤكدة ان دور الشرعية اليوم في مواجهة الانقلاب امتداد طبيعي لها لترسيخ مداميكها، لأنها تعبير طبيعي عن العلاقة الرئيسية بين الثورة والدولة.
وأضافت: فبراير قصة شعب أراد الخلاص من جبروت نظام فاسد مستبد، سخر مقدرات الوطن وثرواته لمصالحه، وبناء ذاته على حساب البسطاء، فبراير ثورة مستمرة ضد كل صنوف الاستبداد والإقصاء والفساد.
الشهداء مصابيح فجرنا
الشهداء قناديل فجرنا الجديد، وعصارة نضالنا الممتد، ضحوا من أجل إيجاد وطن خالى من التشوهات، مازالت دماؤهم الزكية تُحرك فينا روح الرفض والثورة، ومخرجات الحوار الوطني ليست خذلاناً لهم كما يعتقد البعض؛ بل هي امتداد طبيعي لنضالاتهم.
إسراء محمود الطيب ابنة الشهيدة تفاحة العنتري، قالت: إن الثورة ليست فعلاً جنونياً أو فوضى خلاقة؛ بل هي فكراً نهضوياً ومقاومة قيمية وأخلاقية، واعتبرت مخرجات الحوار الوطني الشامل من أكبر انجازات ثورة «11 فبراير» التي لم تتحقق بعد، وطالبت الجميع بالوقوف مع هذا المنجز العظيم والمنتظر، وفاء وعرفاناً بتلك الثورة المجيدة.
إسراء تمنت من المعترضين على مخرجات الحوار الوطني كفكر وفكرة، ومن داخل صفوف الشرعية، أن يسعفونا بحلولهم الناجعة إن كان لديهم حلول بدلاً من التوهان في أحاديث جانبية مستفزة لا علاقة لها بالمشهد، الذي يستدعي منا جميعاً، ومن شباب ثورة «11 فبراير» بالذات أن يكونوا يداً واحدة لمواجهة الانقلاب الحوثي.
ثورة بسيطة
كثيرون هم اللذين ذهبوا شامخين، وضحـوا بأرواحهم رخيصة من أجـل إيجاد وطن خـالى من التشوهات، فكانـوا بحق مصابيح فجـرنا الجديد، وعصارة نضالنا الممتد، ومازالت دمـاؤهم الزكية تُحرك فينا روح الرفض والثورة، تلك الـروح الـوثابة التي تتبنـاهـا السجيـة الإنسانيـة السليمة، التواقة للحرية، والمُتجسدة في النفوس الكريمة التي تـأبى الـذِلــة.
سوسن عبدالغني طالبة جامعية، دافعت عن ثورة «11 فبراير» وعن شبابها وعن شهدائها وعن جرحاها باستماتة بالغة، فهي حد وصفها ثورة سلمية بسيطة في فكرتها وموقفها التاريخي، واعتبرت من يحملها تبعات هذا الوضع الكارثي الذي وصلنا إليه بقصر النظر، مذكرة بأن اليمن خلال الثلاث السنوات الأولى من عمر تلك الثورة بدأ يتعافى، حتى جاء الحوثيون بانقلابهم المشؤوم، الذي أهلك الحرث والنسل، ودمر الوطن.
تعز الوجع الأكبر
تعز اليوم تصنع تاريخها، تصنعه كل يوم، منذ «11 فبراير»، كانت، وما زالت، تواقة لدولة النظام والقانون، وهي باعتقاد كثيرين ستكون منطلقاً للدولة الاتحادية المنشودة، والشجرة الضخمة كما قيل تُعطي ظلاً أكثر مما تعطي ثمراً، والجميع يريدون ثمراً لا ظلاً، ولا ضير إن تعددت الاشجار، وزادت الثمار، بشرط أن يتوقف المتسلطون عن الاعتداء، وأن لا يطمعوا بثمار الأشجار الأخرى.
مها العريقي «عاشقة الحالمة» هكذا وصفت نفسها، طالبت أبناء تعز وفي ذكرى ثورة «11 فبراير» بالتوحد لمواجهة أعداء الدولة والحياة، وأن يتحرروا من قابليتهم للفرقة والشقاق، مذكرة بقوله تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»، فالتنازع كما تقول بداية الفشل، والنصر التام لن يتحقق إلا بوحدة الصف، «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا».
وأردفت: مطلوب منا جميعاً، أن نتحلى بقدر كبير من المسؤولية، وأن نترفع عن المهاترات الجانبية، وأن نسعى للم الشمل، ومطلوب أيضاً، من قيادات الأحزاب، وجميع المكونات السياسية والعسكرية، التوقيع على مشروع «وثيقة العهد العام»، والالتزام بها، الوثيقة التي جاءت كمبادرة من صحفيين مستقلين، آلامهم حال تعز، وحال مقاومتها، فصاغوا مبادئها الستة، من أجل وحدة الصف والكفاح التعزي.