يعيش النازحون اليمنيون ماسي بسبب الانقلاب الحوثي والتي ادت الي تهجير مئات الاف من البشر في الوقت الذي غض فيه العالم الطرف عن جرائم الحوثي ضد المدنيين.. ففي جنبات المدن اليمنية، وفي أطراف القرى، تتشكل المآسي بصور شتى، عنوانها الموت والمرض والجوع للأبرياء، ارتكبتها مليشيات الحوثي بحق المدنيين في غرب مدينة تعز.
رصد موقع سبق السعودي مشهد مؤلم لمسنَّين، دمرت المليشيات منزلهما منذ سنوات، ولم يجدا سوى بقايا مقطورة، لم تمتد إليها يد العبث الحوثي؛ فقررا أن يسكنا بها.. إنهما رجل وزوجته داخل مقطورة شاحنة، غُطي جزء من جانبَيْها بقطع قماشية مهترئة؛ لتبدو كمسكن، يقيمان فيه منذ نحو ثلاث سنوات بعد أن دمرت قذيفة حوثية منزلهما بمنطقة مشرعة وحدنان جنوب شرق مدينة تعز.
وبعد رحلة عناء مضنية للبحث عن مسكن لم يجدا مأوى سوى هذه المقطورة المركونة للسكن بداخلها في صورة تعبِّر عن مدى عمق المأساة التي يعيشها المهجَّرون من منازلهم بعد أن دمرتها مليشيات الحوثي، وأجبرتهم على الرحيل.
وداخل المقطورة التي حوَّلها لمسكن، وغُطيت جوانبها بأشرعة؛ لتبدو كخيمة، تقطعت أطرفها، وُضعت أغطية النوم بعضها فوق بعض بمدخل زاوية ضيقة، حددت للنوم، وباحة صغيرة خصصت كحجرة لتناول الطعام -على ما يبدو- في مشهد يختزل مأساة آلاف المدنيين الذين هجَّرتهم مليشيات الحوثي بعد أن دمرت منازلهم، وحوَّلتها إلى خراب.
في 2016 عندما كان القتال على أشده بين المقاومة الشعبية التابعة للشرعية ومليشيات الحوثي الانقلابية أُجبر الزوجان “عبده علي ناجي وفخرية”، وكلاهما في السبعين من العمر، على الرحيل من منزلهما، ولم يستطيعا العودة إليه بعدما دمرته قذيفة حوثية، ولا يمتلكان المال لإعادة بنائه.
ويقول ناجي: بعد ساعات من قذف منزلنا قررنا الرحيل هربًا من نيران الحرب؛ إذ سقطت قذيفة حوثية دمرت أجزاء واسعة من منزلنا، وبدا لنا الخروج منه مؤقتًا، لكنه بات خروجًا أبديًّا.
وأضاف وهو يستذكر مأساة خروجهما بحسرة: لم نفكر في اللجوء إلى أحد من أقاربنا، بل قررنا المكوث داخل هذه المقطورة؛ فكلانا لا يرحب بفكرة أن نكون ضيفَين على أحد. ومنذ ثلاث سنوات لم تطأ قدمانا بلدتنا الريفية رغم الحنين إليها، وخفوت أصوات الرصاص.
ويعيش الزوجان وحيدَين؛ فلا أطفال لهما؛ فحياتهما قد شُردت، ولم يتبق معهما إلا أغطية وفرش النوم، منحهما إياها بعض المارة.
لم نجرب من قبل حياة النزوح، ولم نعرف أن التهجير يحمل أبعادًا قاسية يصعب إدراكها.. هكذا تقول “فخرية”، وأضافت: نعجز عن فهم الطبيعة القاسية التي يعيشها المهجَّرون من جراء الحرب الوحشية التي شنتها المليشيات على المدنيين، التي سلبت منهم مناطقهم ومساكنهم بعدما قضوا فيها أجمل ذكرياتهم.
وتضيف “فخرية”: كنا أسياد أنفسنا، وعشنا حياتنا بسعادة حتى وصلت مليشيات الحوثي إلى منطقتنا، وبدأت في إشعال الحروب، وإرسال القذائف على رؤوس الساكنين؛ فدمرت قذائف الحوثي منزلنا بعد ساعات من مغادرتنا، ومعه دُمرت حياتنا، وأصبحنا مشردين بلا مأوى.
ولم يقتصر الأمر على تدمير المنزل، وحسب وإنما أصيبت فخرية بطلق ناري من قناص حوثي أثناء فرارهما؛ وهو ما أدى لمكوثها في المستشفى أشهرًا عدة لتتعافى من إصابتها.
ويعيش الزوجان حياة نزوح قاسية؛ فالأغطية التي تحيط موقع نومهما لا تمنع تسلل البرد إلى الداخل بقدر ما تحجب عيون المارة.
وقد لا يكون هذا المكان أفضل حالاً من بلدتهما الريفية، لكنه على الأقل يشعرهما بالأمان، وقد كان مهربًا من الفوضى التي شهدتها بلدتهما الريفية إبان المواجهات.
مثل عبده ناجي وفخرية أجبرت مليشيات الحوثي آلاف الأسر على النزوح والمبيت في العراء دون رحمة، وبطريقة تنم عن سلوك عدواني مقيت، ووحشية إجرامية لا نظير لها؛ إذ سلكت المليشيات الحوثية نهجًا مفزعًا وعدوانيًّا ومروعًا تجاه المدنيين ممن رفضوا توجهها الطائفي إلى الحد الذي سلبت منهم الحق في الحياة بأمان؛ لتدفعهم للعيش بالعراء في ظروف مزرية وشديدة القسوة.