مع انطلاق محادثات السلام اليمنية في السويد الخميس، أبدى وفدا الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين تصعيدا في مواقفهما. إذ طالب الوفد الحكومي بانسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة الإستراتيجي، بينما طالب الحوثيون بفتح مطار العاصمة أمام اليمنيين. من جهته اعتبر الموفد الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث المحادثات “فرصة شديدة الأهمية”، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة الطرفين إلى “المرونة”.
وفي تقرير نشره موقع فرنس 24 دكر ان طرفا الصراع الدائر في اليمن صعدا مواقفهما مع بدء محادثات بين وفدين من الحكومة اليمنية والحوثيين في السويد الخميس، في حين اعتبر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث المحادثات “فرصة شديدة الأهمية”.
وقال غريفيث عند افتتاح المحادثات “في الأيام المقبلة، ستكون أمامنا فرصة شديدة الأهمية لإعطاء زخم لعملية السلام”، وأضاف “هناك طريقة لحل النزاع”، والمجتمع الدولي “موحد” في دعمه لإيجاد تسوية للصراع اليمني. وتابع “سيتحقق ذلك إذا وجدت الإرادة”.
وذكر غريفيث أن هذه المحادثات بمثابة “مشاورات. نحن لم نبدأ بعد عملية المفاوضات”.
وقال في حضور صحافيين وأمام الوفدين اليمنيين اللذين التقيا للمرة الأولى منذ أكثر من سنتين حول طاولة واحدة، “لا أريد أن أكون شديد التفاؤل، لكن أريد أن أكون طموحا جدا”.
من جهته، قال مسؤول في الأمم المتحدة مساء الخميس طالبا عدم نشر اسمه إن أولى الاتصالات جرت “بروح إيجابية” من كلا الطرفين.
وأضاف “لدينا أسباب تدعونا للتفاؤل” على الرغم من العراقيل المحتملة وشبح التصعيد العسكري الماثل ميدانيا ما يهدد بإخراج قطار المحادثات عن سكته.
ومن المقرر أن يجري أعضاء الوفدين، يضم كل واحد 12 شخصا، محادثات مباشرة حول نقاط محددة. وفي مسعى من الجهة المنظمة للتقريب بين أعضاء الوفدين بصورة غير رسمية فإنهم سيتناولون الطعام في نفس القاعة.
وتجري المباحثات قرب ريمبو في مركز المؤتمرات في قصر يوهانسبرغ على بعد ستين كيلومترا شمال ستوكهولم. وقد فرضت الشرطة طوقا أمنيا حول الموقع. وذكر مصدر في الأمم المتحدة أن المحادثات ستستمر أسبوعا.
وبدأت الحرب اليمنية مع شن الحوثيين هجوما في 2014 انطلاقا من معقلهم في شمال اليمن سيطروا خلاله على مناطق واسعة بينها العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة الساحلية (غرب) التي تعتبر شريانا حيويا لإمدادات الغذاء والمساعدات بالنسبة إلى ملايين اليمنيين.
وترافق انطلاق المفاوضات التي يرى محللون أنها أفضل فرصة حتى الآن لإحراز تقدم على صعيد حل النزاع اليمني، مع أجواء تصعيدية عبر عنها الطرفان المتنازعان.
وشدد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني الذي يرأس وفد بلاده إلى المحادثات، ردا على أسئلة لوكالة الأنباء الفرنسية، على ضرورة انسحاب الحوثيين من الحديدة.
وقال “على الميليشات الحوثية الانسحاب بسرعة من مدينة الحديدة ومينائها وتسليمها إلى الحكومة الشرعية وبالذات إلى القوات التابعة للأمن الداخلي”.
وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق تهدئة في تشرين الثاني/نوفمبر في الحديدة، لا تزال المدينة تشهد معارك متقطعة.
وقال مصدر في الوفد الحكومي إن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يريد الحصول على خرائط الألغام التي زرعها الحوثيون في اليمن.
في المقابل، كتب المسؤول السياسي في حركة الحوثيين محمد علي الحوثي في تغريدة على موقع “تويتر” أنه “إذا لم يتم فتح مطار العاصمة اليمنية للشعب اليمني في مشاورات جولة السويد، فأدعو المجلس السياسي والحكومة إلى إغلاق المطار أمام جميع الطيران”.
وتضرر مطار صنعاء جراء القصف، وهو مغلق منذ ثلاث سنوات نتيجة سيطرة التحالف العسكري بقيادة السعودية على أجواء اليمن.
لكن المسؤول في الأمم المتحدة أكد أن هذا ليس شرطا “مسبقا” للمحادثات السياسية.
وكان غريفيث توجه شخصيا إلى صنعاء لاصطحاب وفد الحوثيين الذي وصل برفقته إلى السويد مساء الثلاثاء في طائرة خاصة كويتية.
ولم يحدد محللون ومصادر الأمم المتحدة أهدافا طموحة لهذه المحادثات التي قالوا إن الهدف منها هو “بناء الثقة” بين الطرفين.
وفشلت مساع سابقة قام بها غريفيث لعقد مفاوضات سلام في أيلول/سبتمبر في جنيف عندما رفض الحوثيون مغادرة صنعاء في غياب ضمانات للعودة إليها.
وانهارت جولة سابقة من محادثات السلام بين الحوثيين والحكومة اليمنية في 2016، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق على تقاسم السلطة عقب 108 أيام من المفاوضات في الكويت. وبقي ممثلون عن الحوثيين عالقين في سلطنة عمان ثلاثة أشهر.
وفي نيويورك ناشد الأمين العام أنطونيو غوتيريس الخميس الوفدين اليمنيين إظهار “مرونة” و”الالتزام بحسن النية وبدون شروط مسبقة” بهدف “إحراز تقدم”.
وقال غوتيريس في بيان إنه “يرحب ببدء المشاورات اليمنية في السويد اليوم (…) ويدعو الأطراف المتحاربة إلى مواصلة نزع فتيل التصعيد في الحديدة واستكشاف إجراءات أخرى لتحسين الوضعين الاقتصادي والإنساني اللذين يعرضان حياة المدنيين للخطر”.
وذكر الأمين العام في بيانه بأن “التسوية السياسية التي يتم التفاوض عليها من خلال حوار شامل داخل اليمن هي السبيل الوحيد لإنهاء النزاع والتصدي للأزمة الإنسانية المستمرة”.
وشهد الوضع في اليمن مزيدا من التدهور في الأشهر الأخيرة، لا سيما مع تصاعد أعمال العنف في مدينة الحديدة.
ويرى محللون أن ما ساهم في الوصول إلى جولة المحادثات الحالية عاملان، أحدهما يتمثل في الضغوط الدولية الكبيرة على السعودية منذ قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، والثاني عملية إخلاء خمسين جريحا من الحوثيين الاثنين إلى سلطنة عمان.
كما تم التوصل هذا الأسبوع إلى اتفاق على تبادل مئات المعتقلين لدى الطرفين. وأكد وزير الخارجية اليمني التزام حكومته بالاتفاق.
وقال العضو في الوفد الحوثي حميد عصام “جئنا إلى هنا بنية إنجاح المشاورات، لكن الأمر لا يتوقف على خالد اليماني (…)، بل على السعودية والإمارات العربية والولايات المتحدة”.
وأعلن برنامج الأمم المتحدة الغذائي الخميس أنه يسعى للوصول إلى 12 مليون يمني بحلول نهاية كانون الثاني/يناير لتقديم المساعدات لهم، علما بأنه قادر حاليا على الوصول إلى ثمانية ملايين.