“لن ترى الدنيا على ارضي وصيا”.. تظل هذه الكلمات عالقة في افوه طلاب وطالبات المدراس في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وتصدح بها أصواتهم رغم محاولات الحوثيين تغييب النشيد الوطني في الطابور الصباحي لصالح صرخة الموت وقسم الولاية المستوردين.
لا توفر ميليشيات الحوثي، جهداً في محاولة التسلل إلى مدارس في العاصمة صنعاء، لبث أفكارها ومعتقدتها الطائفية، بدءً من محاولة فرض الصرخة في طابور الصباح، إلى فرض برامج طائفية في الإذاعات المدرسية بحجج مختلفة، وصولًا، إلى إقامة مناسبات واحتفالات طائفية في المدارس، فضلًا عن قيامها بحملات تحريض ممنهجة تشمل جميع يعارضون افكارها ومشاريعها التدميرية.
أشرف إسماعيل طالب في الصف التاسع يقول:” مالنا ويوم عاشوراء او الإمام زيد أو الإمام الحسين واليوم ذكرى وفاة الحسين.. مالنا ولكل هذا”.
ويضيف” يأتي مسؤول في التربية ويخطب خطب طويلة لا نفهم منها شيء.. لا تمس التعليم في شيء، وفي نهاية خطابه يردد الصرخة أو أي شعار من شعارتهم”.
ويستطرد “رغم كل محاولاتهم اليومية إلا أنها لا تجدي نفعا فالقليل فقط من يردد ورائهم”.
ويقول طالب في مدرسة حكومية بصنعاء لـ”نيوزيمن”، إن “غالبية الطلبة لا يهتمون بالشعارات التي تسوقها الميليشيا الحوثي عبر الإذاعات الصباحية في المدرسة”، مضيفا أنه وبعكس ما يحدث عند سماع النشيد الوطني حيث يبدأ كل الطلاب بترديده بحماس وقوة ويقفون باجلال لتحيته لارتباطه بهويتهم”.
ورغم قوة الاندفاعة الحوثية لتكريس الشعارات المستوردة إيرانيا في مدارس التعليم بالعاصمة صنعاء، إلا أن تلك الأفواه ترفض الاعتراف بها أو ترديدها”.
نظل في الشارع نتحدث مع بعضنا البعض حتى تنتهي الإذاعة وخطبة مسؤول التربية الحوثي وما أن يبدأ النشيد الوطني ننظم إلى الطابور يواصل أشرف حديثه. هكذا يواصل الطالب سرد ارتباط التلاميذ بالنشيد الوطني اليمني.
وتنتهز مليشيات الحوثي المناسبات الدينية الشيعية لتجعل من الإذاعات المدرسية منبر لنشر أفكارها الطائفية عبرها حيث تلزم الطلاب والطالبات بعمل فقرات سوا كلمات أو مسرحيات عن الحسين أو الزهراء أو الإمام زيد.
في هذا السياق بدأت المليشيا الحوثي منذ مطلع الأسبوع بإلزام المدارس الحكومية والخاصة بعمل اذاعات صباحية بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي والذي يتبقى لموعده شهر كامل.
شهد أحمد طالبة في إحدى مدارس الفتيات في صنعاء، تقول لـ”نيوزيمن”، “بطلت (تركت) أحضر الطابور الصباحي لانه أطول طابور في العالم.. يظل لمدة ساعة والسبب هو الاحتفالات الحوثية”.
وتضيف: “بالأمس كان في مدرستنا احتفال بالمولد النبوي.. حتى المدرسات استغربن لماذا الاحتفال الآن رغم أن المولد باقي له شهر كامل”. وتكمل ساخرة: “يوم ذكرى استشهاد الحسين.. وقبله يوم عاشوراء.. ويوم الإمام زيد.. كل فقرات الاذاعات لا يتم فيها سوا ذكر ال البيت”.
وتستذكر شهد قائلة:”كانت الإذاعات في السابق تتحدث عن الوطن عن القيم والأخلاق.. الآن لم نعد نهتم بذلك سوا ذكر ال البيت والولاء لآل البيت”. وتنتهز قيادات مليشيات الحوثي الإرهابية الاحتفالات الدينية المستحدثة بإلقاء كلمات وخطابات تدعوا الطلاب خاصة إلى ما تسميه “الجهاد والالتحاق بالجبهات”، وأيضا لإجبار الطلبة على ترديد شعار الصرخة الخمينية”.
وتقول رهام وهي طالبة في الصف الثالث ثانوي بصنعاء :” الأستاذة تطلب مني الأعداد للإذاعة المدرسية وتريد مني الحديث عن الزهراء.. المشكلة أنها ليست مرة واحدة بل في كل مرة يأتي الدور على فصلنا تريد منا إعداد مواضيع الإذاعة عن ال البيت”.
وتضيف :”الأستاذة كانت في السابق ممتازة، لكن منذ دخول الحوثيين أصبحت متطرفة وصعبة في النقاش”.
وتكمل رهام حديثها لـ”نيوزيمن”، :”لا أريد أن أعد مواضيع بهذه الخصوص.. جارتي نصحتني بأن أخبر الأستاذة انه لا يوجد لدي معلومات عن ال البيت ولا يوجد لدي انترنت في البيت كي ابحث عنهم.. أريد أن اهتم بدراستي فقط”.
الصرخة وثورة الطالبات
تتصدى طالبات المدارس لكل محاولات المليشيات وتُحبطها قبل أن تحقق أهدافها، بمقاومة ورفض كبير، ووصلت المقاومة إلى ترديد شعار(لا حوثي بعد اليوم)، ما يكشف حالة الرفض الشعبي الكبير للمليشيا الحوثية، وهو ما لوحظ في وقت سابق بطرد طالبات مدرسة ‘‘المنار’’ الأساسية الثانوية للبنات في مديرية بني الحارث، مديرة المدرسة حين طلبت منهن ترديد الصرخة الحوثية.
وخرجت بعض الطالبات إلى الشارع المحيط للمدرسة مرددات “لا حوثي بعد اليوم”، الأمر الذي أثار جنون المليشيا فأرسلت أطقم مسلحة من عناصرها، قاوموا بإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق الطالبات، غير أن الطالبات تصدين للمسلحين وقمن بتكسير سيارة المشرف الحوثي.
وإلى جانب إرسال أطقم مسلحة أرسلت المليشيا نساء حوثيات لوقف غضب ورفض الطالبات، حيث قامن بالاعتداء على طالبات المدرسة.
حادثة مدرسة المنار لم تكن جديدة وتؤكد فشل المليشيا في التغلغل بالوسط التعليمي، فقد سبقها رفض مماثل في عدة مدارس وأيضا لحقها رفض وتصميم كبير ومتواصل من قبل الطالبات.
ففي مدينة ذمار كان مدير تربية المحافظة المعين من الجماعة الحوثية، عبدالكريم الحبسي يزور مدرسة الوحدة للبنات وطلب ترديد الصرخة عبر مكبرات الصوت. ليتفاجأ بهتافات تصدح بشعار آخرَ.. “بالروح بالدم نفديك يا يمن”. لينتهي الأمر بفصل عدد من الطالبات لرفضهن ترديد الصرخة.
ولم تكتفي المليشيات بفرض الصرخة على طلاب وطالبات المدارس بل تجاوز الأمر إلى قيام المليشيات بتلقينهم قسم “الولاء والبراء” أثناء الطابور الصباحي، ليظهر من جديد رفض طلابي جسدته طالبات مدرسة الفرات الثانوية بالعاصمة صنعاء، حيث امتنعن عن ترديد الصرخة الحوثية والقسم وهتفن بأعلى صوت “بالروح بالدم نفديك يا يمن”.