عندما غادرَ ابن بلدة غوما البترونية وليد فارس لبنان قبل ستة وعشرين عاماً الى الولايات المتحدة الاميركية كان وطنه قد دخل لتوّه في مرحلة وصاية سورية طويلة وقاسية امتدت لعقود. استثمرَ الرجل الزمن الضائع من حياته بعد ان طوى آمال عودته الى أرض الوطن، فخاضَ في أحوال السياسة واهوالها وتمرس في الحياة الاكاديمية الاميركية محاضرا في جامعات واشنطن وفلوريدا قبل ان يصبح عميدا وباحثاً ومحللاً استراتيجياً ثم مستشاراً سياسياً للعديد من المراكز والمؤسسات المحلية والدولية والمحطات الاعلامية.
متخصص بالجماعات الارهابية
امتلك فارس الادوات المناسبة واتقن استعمالها ببراعة. يجيد لغات عدة، وله مؤلفات بحثية ومرجعية تناولت ازمات الشرق الاوسط وتياراته الفكرية والايديولوجية. واختص بفكر الجماعات الجهادية المتطرفة، وله آراء قيّمة في قضايا مكافحة الإرهاب. تمكن وليد فارس خلال السنوات التي قضاها في الولايات المتحدة من أن يصبح مرجعا هاما لصناع القرار الاميركيين في القضايا المتعلقة بالشرق الاوسط. فجذب محطة “فوكس نيوز” ليصبح فيها خبيرا اساسيا لشؤون المنطقة. واعتمدته لجنة مكافحة الارهاب في الكونغرس مستشارا لديها.
مستشار اممي
واصل وليد فارس تدرجه الاكاديمي ليصبح بروفيسورا في اهم الجامعات الاميركية وأعرقها. هو من بين الخبراء الذين يطلعون البرلمان الأوروبي ومجلس الامن الدولي ويقدمون المشورة بشأن المسائل المتعلقة بالامن الدولي والمجتمعات المدنية والديموقراطية والنزاعات في الشرق الاوسط. كما يحاضر في عدد من وكالات الامن والدفاع الوطني ويرأس عدة مجالس استشارية معنية بمكافحة الارهاب والتطرف في اميركا الشمالية وأوروبا.
توقع البروفيسور اللبناني حصول ثورات الربيع العربي قبل اندلاعها عام 2011 في كتابه الثورة القادمة: النضال من اجل الحرية في الشرق الاوسط الصادر عام 2010. لفتت مداخلاته وافكاره مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني خلال الانتخابات الرئاسية عام 2012 فعينه مستشارا للامن القومي في الحملة الانتخابية. عاد بعد اربعة اعوام ليلعب دوراً بارزاً في حملة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي عينه مستشاراً للشؤون الخارجية ومكافحة الارهاب. فقام بجهود جبارة مكنته من حشد اصوات الاميركيين من اصول شرق اوسطية واسيوية وافريقية لصالح برنامج الرئيس ترامب. فسجل مفاجئة مدوية في نسب المقترعين من الاقليات لصالح ترمب.
رسول ترامب الى الشرق
أطلّ فارس عبر مختلف المحطات ووسائل الاعلام العربية خلال حملة ترمب، وكان الواجهة التي اعتمد عليها الرئيس المنتخب في التواصل مع الجمهور العربي وبلدان الشرق الاوسط، حيث عرض فارس وعود ترمب الانتخابية ونواياه تجاه قضايا المنطقة، مفسراً ومحللاً ومبشراً بعهد أميركي جديد يضع حداً للفوضى الواسعة التي خلفتها سنوات حكم ادارة الرئيس باراك اوباما المتهمة بالتخاذل وضعف الشخصية القيادية. ويبدي البروفيسور وليد فارس حماسة لبلورة ارادة اميركية صلبة تتحالف مع دول المنطقة لهزيمة تنظيم داعش وتحجيم النفوذ الايراني وصولاً الى اعادة الاستقرار المفقود بأسرع وقت ممكن.
فارس الذي اختبر بشاعة الحرب اللبنانية وما خلفته من ندوب كبيرة وانقسامات في جسم المجتمع اللبناني، الهارب من نفوذ الوصاية الغريبة، والمغترب الذي ارهقته مرارة الاقصاء، استطاع ان يصنع من كل ذلك السواد العميق املاً، ويفتح كوّة في جدار المستحيلات، ليثبت مرة جديدة للعالم، ان اللبنانيين مهما ضاقت بهم الدنيا، في إمكانهم ان يصنعوا من عطائهم وتفانيهم وقدرتهم على النهوض من جديد متسعاً لاحلامهم على أرض الواقع.