ضحيان (اليمن) (أ ف ب) – لا تزال أشلاء بعض الضحايا متناثرة صباح الجمعة في سوق ضحيان في شمال اليمن، غداة قصف على حافلة أوقع 29 طفلا قتيلا على الأقل، ودعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى تحقيق مستقل وسريع فيه.
وقتل 29 طفلاً على الأقل وأصيب 48 شخصاً في قصف جوي استهدف الحافلة الخميس، وفقا للصليب الاحمر.
وشاهد مصور لوكالة فرانس برس صباح اليوم أشلاء وبقايا بشرية وملابس متناثرة في موقع الهجوم، بينما تحولت الحافلة التي كانت تقل الأطفال إلى كومة من الخراب. وفيما كانت الحركة تعود تدريجيا الى الشارع، أغلقت محال تجارية تضررت من القصف أبوابها.
وقال مدير مكتب الصحة في محافظة صعدة يحيى شايم لوكالة فرانس برس إن وقت الجنازات لم يتحدد بعد، لأن “هناك أشلاء كثيرة ومتناثرة. وما زلنا نتحقق من الهويات”.
وأقر التحالف العسكري بقيادة السعودية بأنه شن غارة جوية أصابت حافلة أمس، لكنه أكد أنها لم تكن تنقل أطفالًا بل “مقاتلين من الحوثيين”، بحسب ما قال المتحدث باسمه تركي المالكي لوكالة فرانس برس.
– نقص في الدم –
وشاهد مصور يتعاون مع فرانس برس في مركز طبي أطفالا جرحى يتلقون علاجا في مركز طبي، وقد غطت الدماء وجوههم، وكان أحدهم مغطى ببطانية ويحمل ضمادة كبيرة في الرأس.
في المستشفى الجمهوري حيث تم نقل بعض المصابين للعلاج، قال الطبيب في قسم الطوارىء جميل الفراح، متوجها إلى بنك الدم، “الدم قليل جدا… والضربات شديدة جدا في الدماغ والحوض”.
وعبر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في بيان عن “صدمة شديدة جراء المأساة المروّعة التي أودت بحياة العديد من الأبرياء”.
وقال غريفيث في بيان “يجب أن يحثنا هذا جميعًا على بذل المزيد من الجهود لإنهاء النزاع من خلال حوار شامل بين اليمنيين”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إجراء تحقيق “مستقلّ” في مقتل 29 طفلاً في اليمن.
وقال المتحدّث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إنّ غوتيريش “يدعو إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل” ويحضّ جميع الأطراف على “تجنّب (استهداف) المدنيين عند شنّ عمليات عسكرية”.
كما دعت الولايات المتحدة إلى إجراء تحقيق “معمّق”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت “نشعر بقلق بالغ إزاء المعلومات عن هجوم تسبب في مقتل مدنيين”.
وأضافت “ندعو التحالف الذي تقوده السعودية إلى إجراء تحقيق معمّق وشفاف في هذا الحادث”.
وشددت ناورت على أن الولايات المتحدة “تأخذ على محمل الجدّ كل المعلومات الموثوقة حول الضحايا المدنيين”.
– “عمل عسكري مشروع” –
وقال التحالف العسكري الذي تقوده الرياض في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية السعودية “واس” إن القصف الذي حصل أمس في محافظة صعدة “عمل عسكري مشروع لاستهداف العناصر التي خطّطت ونفّذت استهداف المدنيين ليلة البارحة في مدينة جازان” في جنوب السعودية.
واعترضت المملكة مساء الأربعاء صاروخاً بالستياً أطلقه المتمرّدون من اليمن وأدّى تناثر شظاياه إلى مقتل شخص وإصابة 11 آخرين بجروح، بحسب الرياض.
وأكّد التحالف في بيانه أن استهداف صعدة تمّ “بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني”، مشددا على أنّه سيتّخذ “كافة الإجراءات ضدّ الأعمال الإجرامية والإرهابية من الميليشيا الحوثية الإرهابية التابعة لإيران كتجنيد الأطفال والزجّ بهم في ميدان القتال واتّخاذهم كأدوات وغطاء لأعمالهم الإرهابية”.
والأسبوع الماضي، قتل 55 مدنيا وأصيب 170 آخرون بجروح في قصف استهدف مدينة الحديدة، بحسب حصيلة للصليب الأحمر. وتبادل التحالف والمتمردون الاتهام بالوقوف خلف القصف.
وبدأ التحالف العسكري في 13 حزيران/يونيو هجوماً على المدينة المطلة على البحر الاحمر، بقيادة الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف وبمشاركة قوات موالية للرئيس اليمني المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي.
ومطلع تموز/يوليو، أعلنت الإمارات تعليق الهجوم على الحديدة لإفساح المجال أمام وساطة للأمم المتحدة ولكن القصف استمر على مواقع أخرى للحوثيين في المحافظة.
وتدخل من ميناء الحديدة غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجّهة إلى ملايين السكان. لكنّ التحالف العسكري يعتبر الميناء ممرّاً لتهريب الأسلحة ولمهاجمة سفن في البحر الأحمر. وتخشى الأمم المتحدة ومنظمات دولية أن تؤدي الحرب في الحُديدة الى كارثة إنسانية في بلد على شفير المجاعة ويعاني من تفشي الكوليرا.
ومنذ 2014، يشهد اليمن حربًا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 دعما للحكومة المعترف بها دولياً بعدما تمكّن المتمردون من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها صنعاء ومحافظة الحُديدة.
وتتّهم السعودية إيران بدعم المتمردين الشيعة بالسلاح، لكن طهران تنفي ذلك.
وأوقعت الحرب أكثر من عشرة آلاف قتيل منذ تدخل التحالف في 2015 وتسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث تهدد المجاعة ملايين اليمنيين.
ودعت الأمم المتحدة الأطراف المتحاربين في اليمن إلى محادثات سلام في جنيف في السادس من أيلول/سبتمبر، واعلن الطرفان اليمنيان استعدادهما للمشاركة فيها.