حققت المحادثات الايرانية الاوربية تقدما فيما يتعلق بالحرب الدائرة باليمن، واظهرت طهران نفسها عازمة على الدفع باتجاه وقف اطلاق النار لتخفيف المعاناة الانسانية على حد زعمها وكما أكده مسؤولون من الطرفين.
المحادثات التي انطلقت في فيراير في إطار الجهود الرامية لإنقاذ الاتفاق النووي الذي عقد في 2015 وقامت الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب بالانسحاب منه وإعادة فرض العقوبات المفروضة على طهران سابقا.
وفي سياق مواز للمحادثات المتعلقة بالبرنامج النووي كان الهدف من المحادثات إلقاء الضوء على النشاط الايراني المقلق للولايات المتحدة في المنطقة وكذلك إظهار الدول الاوربية قادرة على الحصول على تنازلات من قبل طهران.
كان التركيز الاكبر على الحرب الدائرة في اليمن حيث تتقاتل الجماعة الشيعية الموالية لايران والجماعة السنية الموالية للمملكة السعودية على مناطق النفوذ: بينما تنفي إيران مزاعم المملكة في دعم الحوثيين مالياً وعسكرياً في حرب أهلية وترمي باللائمة على السعودية في الأزمة.
قال مسؤول إيراني رفيع لرويترز”بسبب المعاناة الإنسانية في اليمن وافقنا على العمل مع البريطانيين ، الفرنسيين والألمان لانهاء الصراع في اليمن”
وأضاف ” سنعمل على الدفع باتجاه وقف لاطلاق النار لمساعدة الابرياء المتضررين وسنستخدم نفوذنا في تقريب وجهات النظر وعودة الاطراف اليمنية الى طاولة المفاوضات”.
المسؤولون الاوربيون قالوا ان المحادثات تقدمت بشكل ملحوظ ونحن نسير بالاتجاه الصحيح.
قادت السعودية تحالفا عربيا مدعوما من الغرب وقام بشن غارات جوية استهدفت جماعة الحوثي المسلحة منذ 2015 لإعادة الشرعية للحكومة المعترف بها دولياً.
أكثر من عشرة آلاف قتيل وأكثر من ثلاثة ملايين نزحوا داخلياً ونتجت عن ذلك أكبر مأساة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة.
رحب خصوم إيران الاقليميون بقرار الرئيس الامريكي بالانسحاب النووي المبرم مع طهران في الثامن من مايو واضافوا بأن الاتفاق النووي فشل في كبح جماح الإيرانيين في المنطقة ونشاطهم الذي وصفوه بالخبيث في سوريا واليمن وعدة مناطق اخرى في العالم.
سيناريو الدجاجة والبيضة
في نوفمبر الفائت اعلنت ايران صراحة ولاول مرة عن تدخلها في اليمن عندما قال علي محمد جعفري القائد في الحرس الثوري الايراني “اننا نقدم المشورة لحلفائنا في اليمن” ولكبح العقوبات الأمريكية الصادرة ضد طهران تحاول الدول الاوربية الضغط على ايران لتقليل دورها وحدتها في المنطقة وخصوصاً في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن.
وقال مسؤول اوربي طلب عدم الكشف عن هويته ” الايرانيون اعطوا مؤشرات انهم سيقدمون خدمة من خلال التنسيق مع حلفائهم الحوثيين للمضي قدماً”.
واضاف : ” على الاقل يرى الايرانييون الآن أن هنالك قناة او مخرج، هم لا يقولون إنهم يسيطرون على الحوثيين ولن يقولوا ذلك ولكنهم يعرفون أن لهم تأثيراً وقنوات يمكن استخدامها وهو أمر جديد”.
رئيس المفاوضين في برنامج إيران النووي عباس عرقجي قال إن المحادثات في القضية اليمنية تم عقدها بموازاة المحادثات في البرنامج النووي الإيراني مع الاوربيين الموقعين على الاتفاق والذي بموجبه وافقت إيران على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
وفي حديثه لإحدى القنوات الأمريكية قال عرقجي “الإتفاق النووي غير متصل بالقضايا الإقليمية، وإيران لن تعقد محادثات عن تأثيرها في المنطقة إلا في اليمن بسبب الوضع الإنساني المأساوي هناك”.
كما أضاف مسؤول أوربي آخر قوله إن النقاشات مع الإيرانيين بخصوص الحرب في اليمن تسير بشكل جيد.
الايرانييون يقولون لنا إنهم مستعدون للعمل على وقف اطلاق النار ولكنهم يعودون للقول بأن السعودية ليست جاهزة بعد ، وهو ما يشبه معضلة الدجاجة والبيضة، يجب أن نقف على قاعدة صلبة ” يضيف المسؤول.
ويقول مسؤول ايراني اخر “واشنطن وباريس ولندن جميعها تساند السعودية في تدخلها في اليمن وجميعهم يقدمون الدعم العسكري والاستخباراتي لها (…).
عرقجي قال أيضا إن القوى الأوربية ستجتمع في منتصف يونيو في بروكسل لمتابعة المفاوضات بخصوص الصراع في اليمن.
فرنسا التي ضغطت لاستمرار المحادثات بشأن الاتفاق النووي بالتوازي مع المشاورات الأخرى بسبب عقدها بالشراكة مع المملكة العربية السعودية قمة دولية عن اليمن في باريس في يونيو القادم لتقييم الوضع في اليمن وجمع المساعدات وكذلك لمشاركة مساعي الامم المتحدة في عملية احياء محادثات السلام .
بالرغم من ذلك فمن غير الواضح كيف ستصب المحادثات الجارية بين الايرانيين والدول الاوربية في مصلحة المساعي التي يقوم بها المبعوث الاممي الى اليمن مارتن جريفيث.
جريفيث قال في ابريل المنصرم انه كان ينوي تقديم خطة للمفاوضات خلال شهرين لانهاء الصراع، لكنه حذر بأن التصعيد العسكري يمكن ان يبعد خيار السلام من على طاولة المفاوضات.