سبتمبرنت
استهل رئيس ما يسمى المجلس السياسي التابع لمليشيا الحوثي الإنقلابية، مهدي المشاط، أنشطته باستكمال السطو على مؤسسات التشريع اليمنية، عن طريق حزمة قرارات تقضي بتعيين 32 شخصا من القيادات والعناصر الحوثية في مجلس الشورى.
وتأتي تلك التعيينات في سياق مساعي الميليشيات لترسيخ وجودها في الحكم عبر فرض نسخ غير شرعية موالية لها من مؤسسات الدولة وأجهزتها، ، بعدما فشلت الجماعة الإنقلابية خلال الأسابيع الماضية في جمع النصاب القانوني من أعضاء البرلمان لانعقاده تحت مشيئتها.
وكان تعيين المشاط خلفا للصماد أتى عقب مقتل الأخير بغارة لطيران التحالف العربي،على محافظة الحديدة في 19 من شهر نيسان/ابريل الماضي.
ويعد “مجلس الشورى” رديفاً للبرلمان، ويضطلع بمهام استشارية بموجب الدستور النافذ، ويناقش مشاريع القوانين قبل عرضها على البرلمان، ويتألف من 111 عضواً من ذوي الخبرة وأعيان القبائل ووجهاء المجتمع يعينهم رئيس الجمهورية.
وضمت قائمة التعيينات التي نشرتها، الأحد، وكالة الأنباء اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أسماء محسوبين على جناح الحوثي والموالية لهم.
وكان من اللافت تعيين عم زعيم الحوثيين، الذي يوصف بأنه الحاكم الفعلي في صنعاء، والرجل القوي الذي يعد نفسه لتولي زعامة الميليشيات في حال مقتل عبد الملك الحوثي ضمن القرار بعضوية مجلس الشورى، تمهيدا لتنصيبه رئيسا لهذه النسخة حسب مراقبون، في سياق مساعيها لاحتكار كافة المناصب العليا، إلى جانب خالد المداني مشرف الحوثيين في أمانة العاصمة، وآخرين من أبرز أجنحة الصراع داخل جماعة الحوثي.
كما تضمن القرار الحوثي تعيين، الصهر الآخر لزعيم الجماعة، والقيادي البارز فيها، عبد الملك العجري، إلى جانب نحو 10 عناصر قيادية ممن ينتسبون إلى سلالة الحوثي الطائفية، في حين جاء بقية المعينين الـ32 في عضوية النسخة الحوثية من مجلس الشورى، من زعماء القبائل الأشد ولاء للجماعة، وأغلبهم ينحدرون من محافظات صعدة وحجة وعمران وصنعاء، حيث بات يتركز الوجود الحوثي.
وتزامنت تلك التعيينات مع إعلان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أنه بصدد بدء جولة من المشاورات مع الأطراف اليمنية لجهة التوافق حول عناصر الإطار العام للمفاوضات المرتقبة في سياق الجهود الأممية الرامية إلى إحلال السلام في اليمن.
مجلس العقلاء والحكماء
وكانت وسائل إعلامية نقلت عن مصادر حوثية لم تسمها أن ما يسميه الحوثيون “مجلس العقلاء والحكماء” ستكون هي التسمية الجديدة لمجلس الشورى “الغرفة التشريعية الثانية” وسيحل بدلا من البرلمان لممارسة السلطة التشريعية بدلا من المهمة الاستشارية الحالية.
وفي أول رد حكومي على تلك التعيينات قال وزير الإعلام معمر الإرياني في تغريدات له عبر تويتر أن مليشيا الإنقلاب الحوثية تعين (٣٢) من مشرفيها اعضاء بمجلس الشورى، في محاولة لاستنساخ نموذج مجلس تشخيص مصلحة النظام، معتبرا ذلك تقليد اعمى ومؤشر واضح على التبعية والانقياد الكامل للنظام الإيراني.
وأكد الأرياني أن ما تقوم بها مليشيا الانقلاب الحوثية من عبث بمؤسسات الدولة (تشريعية، تنفيذية، قضائية) وإصدار قرارات لا يحمل الصفة الدستورية والقانونية، مضيفا أنها بحكم العدم كونها صادرة عن مليشيا انقلابية لا تستند الى أي غطاء شعبي، وغير معترف بها دوليا.
معادل سياسي آخر لمجلس النواب
ويرى الكاتب والباحث السياسي ثابت الأحمدي، أن تلك القرارات تأتي في إطار الالتفاف على مجلس النواب الذي لا يزال فيه بقية باقية من الأعضاء الذين ليسوا راضين عن الحوثي، رغم أنهم جميعا تحت سيطرتهم.
وأشار الأحمدي في تصريح لـ “سبتمبر نت” إن الحوثي متوجس من هذه البقية التي لا تؤثر بأي حال من الأحوال، ويخشى أن يكون لها صوت في قادم الأيام مختلف عن صوته.
وحول الأهداف التي تسعى له المليشيات الحوثية من تلك التعيينات، قال الأحمدي: ” أن الحوثيون يسعون من خلالها إلى إيجاد معادل سياسي آخر كمؤسسة موازية لمجلس النواب، وأنه من الممكن اتخاذها كآلة سياسية تضفي على قراراتهم المشروعية الموهومة.
ومضى قائلا أن تلك التعيينات قد تسهم في خلق روافد جديدة يستطيع الحوثي من خلالهم استجلاب العديد من المقاتلين وحشدهم إلى الجبهات بعد أن استنفد كامل قدراته من خلال فريقه السابق في استجلاب الشباب إلى الجبهات الذي يعودون في صناديق محمولة جثثا هامدة.
وفي سياق حديثة، يؤكد الأحمدي أنها تعيينات غير شرعية وغير دستورية وغير قانونية، كون هذه الجماعة نفسها غير دستورية أو شرعية، وتحرث في بحر أوهامها حد قوله، مضيفا مرهونة بدخول الشرعية صنعاء في أقرب وقت، وحينها ستتلاشى وكأن لم تكن.
تثبيت أركان المليشيا
ولم يستبعد مراقبون رصد “سبتمبر نت” أراءهم أن يقوم الحوثيون بعقد جلسة لمجلس النواب مخصصة لمناقشة مشروع تعديل للدستور يتعلق بنصوص وفقرات المواد الدستورية المُنظّمة لعمل ومهام السلطة التشريعية في المناطق التي تقع تحت سيطرة الجماعة.
وفيما يخصُّ فحوى التعديل يرجح المراقبون ان المليشيا سوف تقرّ، نصّا، دمج الغرفتين (البرلمان – الشورى) لتصبح غرفة واحدة كل قراراتها وتشريعاتها مُشتركة ومُقرّة بعد التصويت عليها.
وسيمثل ذلك غطاء لإضفاء صفة المشروعية لكل القرارات التي تسعى إلى تمريرها والتي ستهم في تثبيت اركان المليشيا السلالية.
واعتبر سياسيون يمنيون أن الخطوة تؤكد أن الميليشيات الحوثية تسعى إلى حوثنة مؤسسات الدولة والاستفراد بالقرار عبر تنفيذ مخطط سابق كانت تنوي تنفيذه قبل أشهر، من خلال استبدال مجلس النواب بمجلس الشورى الذي سيتم تغيير اسمه إلى مجلس حكماء اليمن واعتباره مجلس تشريع وحكم جديد بدلًا من البرلمان الذي فشلوا في تفعيله جراء عدم توفر النصاب الكافي لشرعنة إنقلابهم.
قانونية هذا القرار
من جانبه لفت المحامي حسين المشدلي الى العلاقة بين مجلسي النواب والشورى تنظمها الأحكام الدستورية النافذة بموجب المبادرة الخليجية والنصوص الدستورية والتي جعلت اجتماع الغرفتين محدد بمواضيع معينه مثل تزكية المرشحين للانتخابات الرئاسية والتعيينات في بعض اللجان، ولا محل في الواقع لأعمال هذه النصوص خلال هذه المرحلة فضلا عن أن مجلس النواب يعد في حكم المعطل ولم يجتمع في عدن حتى الان كون الاغلبية من الاعضاء هم من الموالين للشرعية.
وأضاف “هناك قاعدة قانونية معروفة تقول ما بني على باطل فهو باطل ولا اظن اننا بحاجة إلى إثبات أن تعيين المدعو المشاط ليس باطل فقط ،بل ومنعدم ولا يتفق مع ابسط المسلمات الدستورية والقانونية النافذة” مؤكدا أن كافة الأعمال التي يباشرها المدعو المشاط وكل القرارات التي يصدرها تعتبر باطلة و لن يكون لها اي انعكاسات على ارض الوقع .